يتواصل القتال العنيف في قطاع غزة، اليوم الأحد، بينما ناشد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الدول المانحة، "ضمان استمرارية" عمليات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بعدما علقت الكثير منها تمويلها لها، بسبب اتهامات إسرائيل بأن موظفين في الوكالة قد يكونون ضالعين في هجوم "حماس"، في السابع من أكتوبر.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" مقتل 129 شخصا، خلال الليل، فيما تواصلت الغارات الجوية والقصف المدفعي والاشتباكات في مناطق مختلفة من قطاع غزة، لاسيما خان يونس، مؤكدة أن 165 شخصا قتلوا، في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وبينما يفر آلاف إلى الجنوب قرب الحدود المصرية، يشتد الخلاف حول تمويل "أونروا".
وصرفت "أونروا" موظفين عدة، بعد الاتهامات الإسرائيلية، ووعدت بإجراء تحقيق شامل، فيما تعهدت إسرائيل منع الوكالة من العمل في قطاع غزة، بعد انتهاء القصف العنيف الذي تشنه على هذا الأخير.
وأتى ذلك إثر قرار صدر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي طلب من إسرائيل، أول أمس الجمعة، العمل على منع حصول أعمال إبادة محتملة في النزاع والسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع.
وأعلنت عدة دول مانحة رئيسية لـ"أونروا" أنها ستعلق، موقتا، تمويلها الحالي أو المقبل، جراء هذه الاتهامات؛ بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وألمانيا وسويسرا.
وأوضح غوتيريش، في بيان: "فيما أفهم قلقهم، وقد روعت أنا أيضا بهذه الاتهامات، أناشد الحكومات التي علقت مساهماتها أن تضمن، على الأقل، استمرارية عمليات الوكالة".
ورأى غوتيريش أن "الأفعال الشنيعة التي قد يكون ارتكبها هؤلاء الموظفون يجب أن تكون لها عواقب. لكن يجب عدم معاقبة عشرات آلاف الرجال والنساء الذين يعملون لحساب "أونروا". الكثير منهم في بعض من أخطر الظروف للعاملين في المجال الإنساني"، مؤكدا: "يجب تلبية الحاجات الملحة للسكان اليائسين الذين يقدمون الخدمات لهم".
من جانبه، انتقد سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، غوتيريش، مؤكدا أنه تجاهل، مرارا وتكرارا، "الأدلة" المقدمة إليه، فيما يتعلق بضلوع "أونروا" في "التحريض والإرهاب".
وقال إردان، في بيان صادر عن الخارجية الإسرائيلية: "على أي دولة تستمر في تمويل "أونروا"، قبل إجراء تحقيق شامل بشأن المنظمة، أن تعلم أن أموالها ستستخدم في الإرهاب، وأن المساعدات التي سيتم تحويلها إليها قد تصل إلى إرهابيي "حماس" بدلا من السكان في غزة".
من جانبه، اعتبر المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني، يوم أمس السبت، أن قرارات تعليق التمويل "صادمة"، لاسيما في ضوء التدابير التي اتخذتها الوكالة الأممية، التي "يعتمد عليها أكثر من مليوني شخص من أجل البقاء على قيد الحياة".
ورد عليه وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في منشور على موقع "إكس"، قائل:ا "سيد لازاريني رجاء استقل".
وفي رام الله، أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الأحد، أن قرار تعليق التمويل يعتبر "عقابا جماعيا لملايين الفلسطينيين، خاصة في ظل الكارثة الإنسانية التي يعاني منها شعبنا في قطاع غزة".
ولطالما شاب التوتر العلاقات بين إسرائيل و"أونروا"، لكن تصاعد كثيرا، في الأيام الأخيرة، بعد قصف مدفعي أصاب، يوم الأربعاء المنصرم، مركز إيواء تابعا للأمم المتحدة في خان يونس جنوب القطاع، وأدى إلى مقتل 13 شخصا.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنه يجري "مراجعة شاملة لعمليات القوات في المنطقة"، وينظر في احتمال أن تكون الغارة "نتيجة نيران حماس".
والمعروف أن الجيش الإسرائيلي هو الوحيد الذي يمتلك دبابات في المجزرة التي يعرفها قطاع غزة.
وفي وقت يتواصل القصف العنيف، بلا هوادة، تحاول قطر ومصر والولايات المتحدة التوسط من أجل التوصل إلى هدنة جديدة تشمل عملية إطلاق سراح رهائن وأسرى فلسطينيين.
وأفاد مصدر أمني لوكالة "فرانس برس" بأن اجتماعا سيعقد في باريس، في الأيام المقبلة، للبحث في اتفاق هدنة في غزة، يشارك فيه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومسؤولون من مصر وإسرائيل وقطر.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، يوم أمس السبت، أن المفاوضين بقيادة الولايات المتحدة يقتربون من التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه تعليق إسرائيل حربها في غزة، لمدة شهرين تقريبا، في مقابل إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة.
وتابعت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أمريكيين لم تحددهم، إن المفاوضين وضعوا مسودة اتفاق ستتم مناقشتها في باريس، اليوم الأحد.