بحلول منتصف ليلة الأربعاء بتوقيت الولايات المتحدة الأمريكية، انتهت المهلة التي منحتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، لتركيا، من أجل الإفراج عن القس أندرو برونسون، المحتجز منذ أكتوبر 2016، وموضوع قيد الإقامة الجبرية.
انتهاء المهلة، دون صدور أي إشارة من الطرفين لحلحلة الوضع نحو إنهاء الأزمة، يسلط الأضواء أكثر على قصة أندرو الذي حوله ترامب إلى "حصان طروادة" لدك "قلاع" تركيا الاقتصادية، "حرب" كما يصفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدأتها الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات على منتجات الصلب والألمنيوم التركية، ما أدخل العملة المحلية لدولة الأتراك، دوامة تراجع قيمتها في الأسواق المالية، وجعل تركيا تبحث عن منافذ لتجاوز الأزمة.
أندرو.. قس متهم بدعم عدو أردوغان الأول
قس إنجيلي في الخمسين من عمره، عاش في تركيا لأكثر من 20 عاماً، تحول اليوم إلى "مصدر" أزمة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخ تركيا المعاصر، وهز ركائز العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وواشنطن والتي تمتد إلى تحالفات استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة على المستوى العسكري.
بدأت قصة أزمة القس أندرو، حين وجهت له السلطات التركية تهمة، الارتباط بجماعة فتح الله غولن، الذي يقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، والمتهم هو وأعضاء جماعته بـ"التخطيط للانقلاب العسكري الفاشل في تركيا في يوليوز عام 2016.
شهر أكتوبر من العام ذاته، تلقى القس أندرو اتصالا من مكتب الهجرة، ظن أن الأمر يتعلق فقط بمشكل يهم أوراق إقامته، لكن رحلته إلى المكتب انتهت باعتقاله، وتوجيه تهمة ربط صلات مع جماعة غولن فضلاً عن اتصالات مع أعضاء في حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة ضمن خانة "المنظمات الإرهابية". وقضى أندرو بعد اعتقاله مدة في سجن أزمير، ثم وضع بعد إطلاق سراحه قيد الإقامة الجبرية.
ويبقى آخر تطور عرفته قضيته، هو رفض محكمة تركية استئنافاً جديداً من المحامي جيم هالافورت، لرفع الإقامة الجبرية المفروضة عليه والغاء قرار منعه من مغادرة البلاد.
جيفري هوفينير، القائم بالأعمال في السفارة الأميركية في أنقرة، قال يوم الثلاثاء الماضي، بعد زيارة القس، أندرو، إنه "داخل منزله في أزمير. أضعفه الـ21 شهراً من الاحتجاز، فقد 20 كيلوغراماً، ومعنوياته في أدنى مستوياتها".
بوادر استمرار الأزمة
يرى محللون أن ما يخفيه ترامب لتركيا، أبعد من قضية رفع الإقامة الجبرية عن القس أندرو، وما يعزز فرضيتهم، آخر تصريح للمتحدثة باسم البيت الأبيض سارا ساندرز، يوم أمس الأربعاء، وقالت إن "التعريفات الجمركية المفروضة على الصلب لن تزول حتى لو أطلقوا سراح القس برونسون، فالتعريفات الجمركية تتعلق بالأمن القومي".
بوادر استمرار التصعيد بدأت منذ أول رد فعل لأردوغان على القرار الأمريكي، ففي نظر الرئيس التركي، انهيار العملة الوطنية لبلاده، بعد الإعلان عن مضاعفة الضرائب على الصلب والألمنيوم التركي المصدر إلى الولايات المتحدة، هو نتيجة "مؤامرة".
بل ذهب أردوغان حد وصف الخطوة الأمريكية بـ"الانقلاب الذي سترد عليه تركيا بكل الوسائل المتاحة لها". وقال الرئيس التركي مرة أخرى يوم الاثنين، 13 غشت، في الاجتماع السنوي للسفراء في أنقرة: "إن سر البلدان الناجحة يكمن في إعدادهم للحرب".