يرقد الطفل الفلسطيني عبد الرحمان شتيوي، تسع سنوات، على سرير في المستشفى غير قادر على الكلام، وقد تم لف رأسه بضمادات، إلى جانبه، يقول والده إنه يريد إجابات من إسرائيل حول كيفية إصابة طفله.
ويضيف ياسر شتيوي، والد الطفل، "لم تكن هناك احتجاجات أو أي شيء... ما ذنبه؟ ما ذنب هذا الطفل الصغير؟".
مر أكثر من شهر على إعلان عائلة شتيوي ومسؤولين فلسطينيين أن عبد الرحمان أصيب في رأسه، خلال مواجهات وقعت في قريته كفر قدوم في شمال الضفة الغربية المحتلة.
وبحسب الأطباء، لم يتمكن عبد الرحمان من الكلام منذ ذلك الحين.
وانضم المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، الى مطلب العائلة إجراء تحقيق شامل.
ويفيد شاهدان فلسطينيان أن عبد الرحمان لم يكن بالقرب من مكان المواجهات عندما أصيب في 12 يوليوز.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي فضل عدم الكشف عن اسمه إن الجيش فتح تحقيقا في الحادثة، مؤكدا أنه لم يتم استخدام الرصاص الحي في ذلك اليوم ولم يتم استهداف الطفل.
وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أن عبد الرحمان قد يكون أصيب برصاصة مطاطية، وهو نوع من الرصاص يستخدمه إجمالا الجنود الإسرائيليون خلال المواجهات مع الفلسطينيين.
وقال المسؤول "لم يتم استهداف هذا الفتى تحديدا، ويبدو أنه أصيب بجروح سببها رصاصة مطاطية".
ويزعم المسؤولون الفلسطينيون أنه أصيب بالرصاص الحي.
وتخشى عائلة عبد الرحمان من تعرض دماغه للتلف الدائم.
وبحسب الأب، يستيقظ عبد الرحمان بين الوقت والآخر لفترة قصيرة يفتح فيها عينيه قبل أن يعود ويغفو.
وتقع كفر قدوم حيث يعيش أكثر من 4000 فرد من عائلة شتيوي الكبيرة على بعد مئات الأمتار فقط من إحدى مستوطنات الضفة الغربية.
وأغلقت إسرائيل الطريق الرئيسي الذي يربط القرية بمدينة نابلس القريبة خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وتقول إسرائيل إنها أغلقت الطريق بهدف منع الهجمات. ومنذ سنوات، يتظاهر سكان المنطقة بشكل أسبوعي لإعادة فتحه. ويحرق المتظاهرون الإطارات ويلقون الحجارة على الجنود الذين يردون بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في كثير من الأحيان لتفريقهم.
وقال المسؤول الإسرائيلي "شهدنا مستوى مرتفعا من العنف من جانب مثيري الشغب الفلسطينيين"، تمثل بإلقاء حجارة بكثافة وعدد أكبر من المتظاهرين الملثمين.
وقدر المسؤول عدد المشاركين في "أعمال الشغب" بـ60 شخصا.
على بعد نحو 300 متر من مكان المواجهات الرئيسية، قام عدد قليل من الفلسطينيين بإلقاء الحجارة على أربعة جنود على قمة تلة، وقال شخصان إنهما شاهدا ذلك.
وأضافا أن عبد الرحمان شتيوي كان يراقب الحدث من أسفل، واقفا إلى جانب بوابة تؤدي إلى منزل أحد أقاربه.
وقال رياض شتيوي إنه كان على بعد 150 مترا من مكان المواجهة مع ولديه الصغيرين.
وأظهرت صور التقطتها كاميرا لمحل بقالة أن عبد الرحمان كان واقفا ويرتدي قميصا أسود.
ويقول صاحب البقالة إن عبد الرحمان اشترى بشيكل واحد (0,30 دولار) مثلجات بطعم البرتقال والأناناس.
بعد الساعة الثانية بعد الظهر بقليل، قال رياض شتيوي إنه رأى جنديا يتجه نحوه فهرب مع أولاده.
وأضاف لفرانس برس "كنا ننزل التلة ثم رأيت عبد الرحمن مصابا"، مضيفا "كان هناك شلال من الدماء".
ويظهر مقطع فيديو اطلعت عليه فرانس برس رياض شتيوي وهو يحتضن عبد الرحمن ويحاول نقله إلى سيارة إسعاف قريبة، بينما بركة دماء في المكان.
ورفض المسؤول الإسرائيلي التعليق على المسافة التي كان يوجد فيها الطفل من مكان المواجهات، واكتفى بالإشارة إلى استمرار التحقيق، قائلا "نحن لا ندعي أن الطفل شارك في أعمال الشغب".
ويتلقى عبد الرحمان العلاج في مركز "شيبا" الطبي بالقرب من تل أبيب. ويشير الطبيب المعالج إلى أن الطفل بات قادرا على الضغط على إصبعه عندما يمسك بيده، لكنه لم يتمكن من الكلام بعد.
وتقول منظمة "بيتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية إن تحقيقها خلص إلى إصابة عبد الرحمان بالذخيرة الحية، وهو ما تقوله العائلة على الرغم من عدم جزم الأطباء بذلك.
وقال طبيب فلسطيني أجرى أول عملية جراحية للطفل قبل نقله إلى مركز شيبا لفرانس برس إن رصاصة دخلت الجزء العلوي من جبهته قبل أن تتحول إلى فتات داخل رأسه.
وذكر الطبيب عثمان محمد عثمان أنه للمرة الأولى منذ 17 عاما مارس خلالها الطب، يرى مثل هذه الحالة. لكنه رفض التكهن بنوع الرصاصة.
وقال المنسق الخاص للأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف لفرانس برس إنه "يشعر بالقلق إزاء إطلاق النار على عبد الرحمان البالغ من العمر تسعة أعوام"، وطالب بإجراء "تحقيق شامل".
ويقول ياسر شتيوي الذي ينام كل ليلة بجوار سرير ابنه مترقبا أي تحسن، "سألت الطبيب هل سيحتاج إلى شهر أم شهرين أو سنة؟. فأجاب لا أقدر على الرد، لا يمكنني الجزم بأي شيء".