ينتظر أن تسلم تمثيلية الولايات المتحدة الأمريكية بمجلس الأمن مسودة القرار الجديد حول تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء "المينورسو" إلى الأطراف المعنية بقضية الصحراء ومجموعة أصدقاء الصحراء التي تضم إلى جانبها كلا من فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة وروسيا اليوم الاثنين على أن تتم المصادقة عليه غدا الثلاثاء أو يوم الأربعاء، على آخر تقدير (لأن مجلس الأمن ملزم بحسم مهمة "المينورسو" التي تنتهي يوم الأربعاء 31 أكتوبر الجاري).
شبح بولتون
تسعى الولايات المتحدة إلى تمديد مهمة "المينورسو" لستة أشهر فقط، على عكس باقي أعضاء مجموعة أصدقاء الصحراء، وما ذهب إليه الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس (في تقريره لبداية الشهر الجاري)، الذين يسعون لتمديد المهمة الأممية لعام كامل، كما جرت العادة بذلك، قبل أبريل 2018.
وطبعا كان تبرير الولايات المتحدة، التي دفعت بتمديد مهمة "المينورسو" في نهاية أبريل الماضي لستة أشهر، هو "الضغط" على الأطراف المعنية بالنزاع للجلوس على طاولة المفاوضات، وهو ما بدأ يتحقق، من خلال قبول المغرب وجبهة "البوليساريو"، إضافة إلى الجزائر وموريتانيا، للجلوس على "مائدة مستديرة"، خلال يومي 4 و5 دجنبر المقبل بجنيف، التي دعا إليها الألماني هورست كوهلر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء.
وتأتي دعوة الأمريكيين إلى تقليص مدة تمديد مهمة "المينورسو" بتأثير من جون بولتون، مستشار الأمن القومي الحالي للرئيس دونالد ترامب، الذي خبر ملف قضية الصحراء، خصوصا عندما كان مستشارا للمبعوث الشخصي السابق للأمين العام الأممي إلى الصحراء جيمس بيكر، وأيضا حينما كان ممثلا لبلاده في الأمم المتحدة، بين غشت 2005 ودجنبر 2006، خلال رئاسة جورج والكر بوش.
ومن موقعه الأخير هذا، كان بولتون يسعى إلى إنهاء مهمة "المينورسو"، كما يوضح ذلك في كتابه "الاستسلام ليس خيارا: الدفاع عن أمريكا بالأمم المتحدة".
ويعتقد بولتون بضرورة انسحاب الولايات المتحدة من أكبر عدد من الاتفاقيات الدولية وتخفيض المساهمة الأمريكية في إطار الأمم المتحدة. وهو يجد أن مساهمة الولايات المتحدة بـ28,47 في المائة من عمليات حفظ السلام شيء كثير.
وأغلب مهام بعثات السلام الأممية توجد في القارة الإفريقية، وأكثرها تكلفة ليست "المينورسو"، بل البعثة التي توجد في جنوب السودان بميزانية تزيد عن مليار دولار، فيما لا تتجاوز ميزانية "المينورسو" 52,5 مليون دولار، ومع ذلك تسعى إدارة ترامب، بتأثير مباشر طبعا من بولتون، إلى "القص" من النفقات في هذا الإطار وعلى جميع المستويات.
البعبع الإيراني
تقول نيكي هالي، ممثلة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة، المستقيلة منذ 9 أكتوبر الجاري والمستمرة في مهامها إلى نهاية العام، "العالم يحتاج إلى منظمة للأمم المتحدة منضبطة، وفعالة، والتي يمكن أن تقدم الحساب، وتتمحور أعمالها على النتائج".
ومن هذا المنطلق، تسعى هالي، مع فريقها المكلف بدور "البين هولدر" (الحامل للقلم) الذي يحرر مشروع قرار مجلس الأمن، إلى إعادة المشهد الذي عرفته كواليس مجلس الأمن في أبريل الماضي؛ أي التمديد لـ"المينورسو" لستة أشهر فقط.
ولإقناع الولايات المتحدة بتعديل هذا الموقف، سعت الدبلوماسية المغربية، من خلال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، للعب بورقة تأثير حزب الله اللبناني والنظام الإيراني في جبهة "البوليساريو"، وذلك خلال اللقاء الأخير للوزير المغربي بجون بولتون ووزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، وأيضا من خلال الاستجواب الذي أجرته مع بورطة، قبل ذلك بأيام، "بريتبارت"، المقربة من اليمين المتطرف الأمريكي، حيث دعا إلى مساندة أمريكية لإضعاف إيران، بعد أن جرد محاولات التأثير الإيراني في المغرب وفي عموم القارة الإفريقية، خصوصا في المجال الديني.
ولم تتوقف الجهود المغربية عند ما قام به بوريطة، فحتى السفيرة المغربية في واشنطن، للاجمالة، التقت، يوم 22 أكتوبر، ديفيد هيل، الرقم 3 في الدبلوماسية الأمريكية، وهو مساعد وزير الخارجية في الشؤون السياسية، فهل ستغير الجهود المغربية من عزم الولايات المتحدة على تمديد مهمة "المينورسو" لستة أشهر فقط؟