كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تحدث عن استخدام "رصاصة" ضد جمال خاشقجي في حال لم يوقف انتقاداته للرياض في تقرير يعيد النقاش بشأن دور الأمير النافذ في عملية قتل الصحافي تزامنا مع حلول المهلة التي حددها الكونغرس للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة لتحديد ومعاقبة المسؤولين عن الجريمة.
بدورهم، توعد مشرعون أمريكيون الخميس باتخاذ إجراءات أكثر صرامة بحق السعودية على خلفية قضية قتل الصحافي السعودي الذي تمت تصفيته في قنصلية بلاده في اسطنبول في 2 أكتوبر.
وأكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة حول عمليات الإعدام من دون محاكمة آنييس كالامار الخميس بعد زيارة أجرتها إلى تركيا أن جريمة قتل الصحافي الذي كتب مقالات منتقدة للسعودية في "واشنطن بوست" "خطط لها ونفذها" مسؤولون سعوديون.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلا عن مسؤولين مطلعين على تقارير استخباراتية أمريكية، أن الأمير محمد بن سلمان قال، خلال مكالمة هاتفية في 2017 مع أحد المقربين منه (قيل إنه تركي الدخيل)، ورصدتها أجهزة الاستخبارات، إنه سيلاحق خاشقجي "برصاصة" إذا لم يعد الصحافي إلى السعودية من الولايات المتحدة.
وبحسب الصحيفة، فهمت أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن ولي العهد، البالغ من العمر 33 عاما، كان مستعدا لقتل الصحافي رغم أنه لربما لم يقصد إطلاق النار عليه حرفيا.
وبعدما نفت مرارا معرفتها بأي شيء يتعلق باختفاء الصحافي، أقرت الرياض لاحقا بأن خاشقجي قتل في القنصلية في عملية نفذها "عناصر خارج إطار صلاحياتهم" ولم تكن السلطات على علم بها بينما شددت على أن لا علاقة لولي العهد بها.
والخميس، قدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ، من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، مشروع قانون يمنع بعض مبيعات الأسلحة للسعودية، بما في ذلك دبابات ومقاتلات بعيدة المدى وذخيرة للأسلحة الآلية.
ويشمل مشروع القانون كذلك فرض عقوبات على أي شخص سعودي متورط في قتل خاشقجي ويطالب وزارة الخارجية بتقديم تقارير عن وضع حقوق الإنسان في المملكة وبشأن حربها في اليمن.
وقال السيناتور الديموقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ روبرت مينينديز إنه "نظرا إلى أن لا نية لدى إدارة ترامب بالإصرار على محاسبة قتلة السيد خاشقجي بشكل كامل، على الكونغرس الآن أن يتحمل مسؤولياته ويفرض تدابير لإعادة النظر جذريا في علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية والتحالف الذي تقوده في اليمن".
ويحظى مشروع القانون هذا بدعم من كبار الجمهوريين، بمن فيهم السناتور ليندسي غراهام، وهو عادة حليف قريب من ترامب.
وقال غراهام "في حين أن السعودية حليف استراتيجي، فإن سلوك ولي العهد أظهر - بطرق متعددة - عدم احترام للعلاقة (بين البلدين) وجعل منه (شخصية) أكثر من سامة".
وصوت مجلس الشيوخ في دجنبر لصالح وقف واشنطن دعمها للعملية العسكرية التي تقودها السعودية ضد المتمردين المدعومين من إيران في اليمن، حيث بات ملايين السكان على حافة المجاعة في إطار أزمة تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم.
ويرجح أن يؤيد مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديموقراطيون الخطوة عقب جلسة لمناقشة مشروع القانون الأربعاء. لكن لا يزال بإمكان ترامب إيقافه.
وتطرق وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى مقتل خاشقجي وقضايا أخرى خلال اجتماعه الخميس مع وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية الأمريكية.
وكان ترامب صرح علنا بأنه غير معني بشأن إن كان الأمير محمد متورطا أم لا في مقتل خاشقجي، مشيرا إلى أن التحالف مع السعودية يفيد واشنطن نظرا لشراء المملكة الأسلحة وموقفها المعادي من إيران.
ورد ا على سؤال حول المهلة النهائية الجمعة، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية روبرت بالادينو إن الولايات المتحدة اتخذت في السابق إجراءات في قضية قتل خاشقجي، مشيرا إلى إلغاء تأشيرات دخول في العام الماضي لنحو 20 سعوديا اتهموا بالتورط في هذه القضية وتجميد أصول 17 آخرين.
وقال بالادينو للصحافيين "سنواصل التشاور مع الكونغرس والعمل على محاسبة المسؤولين عن قتل جمال خاشقجي"، دون أن يوضح إن كانت واشنطن ستقوم بأي تحركات إضافية.
وفي بيان مشترك رافقه تجمع احتجاجي خارج البيت الأبيض، حثت ست مجموعات حقوقية، بينها "هيومن رايتس ووتش" وصحافيون بلا حدود ولجنة حماية الصحافيين، ترامب على نشر السجلات التي بحوزة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) بشأن مقتل خاشقجي ودعم إجراء تحقيق مستقل في القضية والضغط على السعوديين للإفراج عن الصحافيين والناشطين المعتقلين.
وجاء في البيان "على الرغم من الغضب الشعبي وفي الكونغرس والتقارير التي وردت بشأن الخلاصات التي توصلت إليها 'سي آي ايه'، تبدو إدارة ترامب منخرطة في التستر على الحكومة السعودية".