بعد يوم من الترقب والتشويق، تحدث كارلس بوتشدمون، رئيس حكومة جهة كاتالونيا، مساء اليوم أمام البرلمان الجهوي لكاتالونيا، معلنا، على غير المتوقع، تأجيل إعلان الانفصال عن إسبانيا بشكل أحادي، بقوله "أنا شخصيا، ومعي الحكومة، نقترح تعليق إعلان الاستقلال، حتى نسمح بانطلاق حوار في الأسابيع المقبلة" مع السلطات المركزية في مدريد، مضيفا "نحن مقتنعون بأن هذه اللحظة التاريخية تتطلب وقف التصعيد".
وقبل إعلانه تعليق إعلان الاستقلال بشكل أحادي، أكد الرئيس الكاتالوني في الخطاب ذاته، أن "كاتالونيا ربحت الحق في أن تتحول إلى دولة مستقلة، والاستماع إليها ممكن، فقد رأينا ذلك في الأسابيع الماضية، و(نعم) ربحت في الاستفتاء بأغلبية مطلقة، وهي الطريق التي سأسلكها"، مضيفا بحسم "ما قبل استفتاء فاتح أكتوبر، ليس هو ما بعده، وكاتالونيا ستصير دولة مستقلة نظامها السياسي هو الجمهورية".
وألقى زعيم الانفصال، خطابه في الساعة السابعة بتوقيت إسبانيا، بعدما كان مرتقبا في السادسة، إذ تم تأخيره ساعة من الزمن، "بسبب اتصالات من أجل وساطة دولية"، حسب ما نقلته الوكالات الدولية عن متحدث باسم الحكومة، رغم أن مدريد، سارعت بالقول إن التفاوض مع رئيس حكومة الإقليم "غير مطروح بتاتا"، وبعد أن حذرت في وقت سابق الحكومة الانفصالية من "القيام بأي خطوة لا رجعة فيها".
ووجهت المفوضية الأوربية، ساعات قبل خطاب رئيس الحكومة المحلية بكاتلونيا، نداء جديدا للحوار بين الحكومة المركزية الإسبانية والسلطات المحلية بإقليم كاتالونيا، فقال الناطق الرسمي باسمها: "ندعو الأطراف المعنية بالأزمة الحالية إلى مباشرة حوار بأسرع وقت ممكن".
وأضاف المتحدث باسم المفوضية الأوربية قائلا إن "العنف، كما قلنا سابقا، لا يمكن أن يكون أداة سياسية، ونحن نعبر عن ثقتنا في قدرة رئيس الحكومة الإسبانية (ماريانو راخوي) على تدبير هذا الوضع الحساس في احترام تام للدستور الإسباني والحقوق الأساسية للمواطنين".
وكان الترقب سيد الموقف بإسبانيا وجوارها، طيلة اليوم (الثلاثاء)، بعد الإعلان أن رئيس الحكومة المحلية بكاتالونيا المتزعم لمساعي الإنفصال، سيلقي خطابا أمام برلمان الإقليم، حيث يتوفر على أغلبية مطلقة مساندة للانفصال، بغرض الحديث حول تبعات الاستفتاء من أجل الانفصال، الذي أجري في فاتح أكتوبر الجاري، والذي قالت الحكومة الكاتالونية إن نتيجته جاءت لصالح الانفصال بنسبة 90 % من الأصوات، بنسبة مشاركة بلغت 43 %.
وذهبت التوقعات نحو احتمال إعلان رئيس الحكومة الكاتالونية بشكل أحادي الانفصال عن إسبانيا، بالنظر إلى القانون التنظيمي للاستفتاء الذي أقره البرلمان الجهوي، بداية شتنبر الماضي، ينص على أنه إذا جاءت نتيجة التصويت لصالح الانفصال، يجب إعلان الاستقلال خلال أجل 48 ساعة من ظهور نتائج الاستفتاء.
يشار إلى أن استقلال إقليم كاتالونيا، يعني فقدان إسبانيا لـ16 % من مجموع سكانها، الذين يعيشون في إقليم يعد المساهم الأول في الناتج الداخلي الإجمالي لإسبانيا بنسبة 19 %.
وقبل حلول موعد خطاب رئيس إقليم كاتالونيا، قامت الشرطة "لأسباب أمنية" بمنع الولوج إلى الميدان المحيط بمقر البرلمان الجهوي لكاتالونيا بمدينة برشلونة، وبررت ذلك، بأن "قوات حفظ النظام تريد التصدي لأي محاولة ترمي إلى الضغط على عمل البرلمان"، وبالنظر إلى أن "محتجين ضد استقلال الإقليم، قاموا الأحد الماضي باقتحام الميدان ورموا أشياء باتجاه البرلمان".
وكانت الجمعيات الانفصالية الكاتالونية قد دعت إلى التظاهر أمام البرلمان الجهوي اليوم، "مساندة ودفاعا على إعلان الاستقلال"، ولكن بالنظر إلى إغلاق ميدانه من قبل قوات حفظ النظام، قرر المتعاطفون مع الانفصال تنظيم شكلهم التضامني مع الحكومة بعيدا عن مقر البرلمان.