كشفت مناقشة لجنة المالية والتنمية الاقتصادية أمس الثلاثاء لتقرير اللجنة الاستطلاعية حول المحروقات عن تباين واضح بين حزب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والبام، حتى من أعضاء ىاللجنة الاستطلاعية، بحيث يظهر أنه لايوجد فقط تقرير أولي تم تعديله بتقرير ثان أفرغ الأول من محتواه، بل وجود قراءات متناقضة للتقرير الذي عرض للمناقشة، كل واحدة يحمل أصحابها المسؤولية عن الزيادات لخصمهم السياسي.
"البيجيدي" والأحرار على طرفي نقيض
بدا واضحا منذ بداية النقاش الذي امتد إلى ساعات متـأخرة من مساء أمس، دفاع نواب حزب التجمع الوطني للأحرار عن شركات المحروقات، وربط ارتفاع الأسعار برفع الدعم الذي كانت توجهه الحكومة للقطاع.
أسماء أغلالو، النائبة البرلمانية عن حزب التجمع الوطني للأحرار، وعضوة اللجنة الاستطلاعية حول ارتفاع أسعار المحروقات، اعتبرت أن رفع الدعم عن المحروقات هو السبب المباشر في ارتفاع الأسعار.
وقالت أغلالو "إن أغلب المواطنين لديهم سيارات عادية ولا يملكون "كات كات" مثلي، ولذلك فإن المتضرر من سياسة رفع الدعم هم الطبقة المتوسطة"، بل لم تتردد أغلالو في توجيه اللوم إلى الحكومة، وتحذيرها من رفع الدعم عن غاز البوتان، بل إنها زعمت أن الحكومة ستقدم على هذا الاجراء في غضون الأشهر المقبلة، وهو ما سيحول المغرب إلى ساحة احتجاج. حديث أغلالو عن رفع الدعم عن "البوطا" كان كافيا لكي يثير حفيظة وزير الشؤون العامة والحكامة لحسن الداودي، الذي رد عليها بالقول "خوي راسك من رفع الدعم عن "البوطا" مكاينش رفع الدعم قبل من 2021، لن يتم رفع الدعم حتى يتم اكمال الدراسة المتعلقة بالأسر الفقيرة المستحقة للدعم المباشر".
من جهته، لم يتردد توفيق كاميلي، وهو أيضا عضو في اللجنة الاستطلاعية عن حزب التجمع الوطني للأحرار، في اتهام نواب العدالة والتنمية بتغليط الرأي العام.وقال "إن التقرير لا يتحدث عن أرباح الشركات، ولا يجب تغليط الرأي العام وتضليله".
فيما اعتبر محمد خيي عن حزب العدالة والتنمية أن بعض الشركات ضاعفت أرباحها أربع مرات بعد تحرير القطاع، ودعا كاميلي إلى ضرورة تقييم فترة رفع الدعم عن قطاع المحروقات بأكملها، قبل التفكير في حلول أخرى.
واعتبر كاميلي أن سعر المحروقات مرتبط بتقلبات السوق الدولية، مشددا على ضرورة عدم تغليط المواطنين، مما يسيء لصورة البرلمان، بحسبه.
حديث توفيق كاميلي أثار إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، الذي استغرب حديث البعض عن استهداف حزب العدالة والتنمية للشركات، وقال "لن يزايد علينا أحد في الاستثمار، نحن نريد أن تربح الشركات، ولا يجب أن نروج بأن هذه المهمة الاستطلاعية ستخيف المستثمرين، إن المستثمرين لا يخافون من المؤسسات".
ودعا الأزمي إلى ضرورة تدخل الحكومة من أجل تحديد سعر أقصى للمحروقات لا يجوز تجاوزه، ضمانا لحقوق المستهلك، وقال " لا بد من التسقيف، ولا يمكن أن نترك الفاعلين في قطاع المحروقات طالقين رجليهم إلى ما لا نهاية".
الحكومة مع التسقيف
و كشف لحسن الداودي، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة أن وزارته تدرس إمكانية تطبيق النموذج البلجيكي القائم على تحديد السعر الأقصى للغازوال.
وأوضح الداودي أن وزارته ستعد تصورا حول الموضوع في غضون الأسابيع المقبلة. ولم يتردد الداودي في محاصرة النواب البرلمانيين الذين حملوا الحكومة مسؤولية "تجميد" عمل مجلس المنافسة، وقال "تعرفون الحقيقة وتخفونها، تعيين رئيس مجلس المنافسة ليس من اختصاص الحكومة، لماذا تروجون هذا الكلام"؟.
وشدد الداودي أن الحكومة ستستفيد من تقرير اللجنة الاستطلاعية وستأخذ توصياته بعين الاعتبار.
مواجهة بين "البام" و"بجيدي"
من جهة أخرى، حمل حزب الأصالة والمعاصرة الحكومة مسؤولية ارتفاع أسعار المحروقات، بسبب رفع الدعم عن القطاع، مما وفر لخزينة الدولة 35 مليار درهم دون أن يستفيد منه المواطن. واعتبر صلاح الدين أبو الغالي، النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة وعضو اللجنة الاستطلاعية، أن سبب ارتفاع أسعار المحروقات يعود أساسا إلى عدم مواكبة الحكومة لعملية تحرير القطاع، كما استغرب ما وصفه بازدواجية الخطاب لدى حزب العدالة والتنمية، وقال "لا أفهم كيف تضعون رجلا في الحكومة وأخرى في المعارضة".
وهو نفس الموقف الذي عبر عنه زميله المستثمر الفلاحي هشام المهاجري، الذي حذر بدوره من رفع الدعم عن "البوطا"، قائلا "والله ورفعتو الدعم على البوطة تا نخرجو كاملين، والله واحد ما ياكل مطيشة".
إدريس الأزمي الإدريسي رد على نواب الأصالة والمعاصرة بالقول "حزب العدالة والتنمية حزب وطني عريق، وعندنا جوج رجلين في الوطن، أما اللي عندهم رجل في المغرب ورجل برا راهم معروفين".
وتابع "حينما عرف المغرب غليانا سنة 2011 تشبثنا بالإصلاح في ظل الاستقرار، فيما البعض هرب إلى باريس وترك كل شيء"