دخلت معركة ليّ الذراع بين ربابنة الخطوط الملكية المغربية وإدارتها منعطفا جديدا، اتسم بالتصعيد والحرب الكلامية بين الجانبين، ففي الوقت الذي اعتبر فيه المدير العام لـ"لارام" عبدالحميد عدو أن خوض إضراب في هذا التوقيت يعتبر أمرا "مدمرا" للشركة، ما يجبرها على التخلي عن طلبيات شراء طائرات جديدة، يتشبث الربابنة بمطالبهم المتجسدة أساسا في زيادة في الأجور.
وجه عبدالحميد عدو، المدير العام للخطوط الملكية، رسالة قوية إلى الربابنة المضربين، استعمل فيها قاموسا متنوعا وهو يهاجم قرار ربابنة شركته القاضي بالدخول في إضراب عن العمل منذ يوم أمس الأربعاء، رسالة خطها عدو، واستعمل فيها عبارات تمزج بين الاتهام والتحذير.
عدو قال في راسلته الموجهة إلى الربابنة إن قرار إضرابهم سيدفع "لارام" إلى التخلي عن خطة التطوير التي بدأتها قبل بضعة أشهر، واصفا قرار الإضراب بـ"المدمر"، وقال "إنه سيغلق نهائيا مشروع خطتنا للتنمية المشتركة وسيحكم علينا في أحسن الأحوال بركود مماثل لما كنا نعيشه لمدة 20 عاما، وسيتم إلغاء طلبات الطائرات المخطط لها لأننا لا نمتلك الوسائل المالية للحصول عليها".
رسالة المدير العام لم تمر مرور الكرام على المسؤولين النقابيين في شركة الطيران المملوكة للدولة، ولو أن ردهم كان أقل ضراوة من رسالة عدو، إذ اعتبروا رده لهم عبر رسالة وجهت إلى وسائل الإعلام أن تصريحات المدير العام لـ"لارام" تسيء إلى صوة الربابنة، بعد أن وصفهم عدو بـ"غير الناضجين".
رفع الأجور أولا
وتأتي الأزمة الحالية لتشتد بين الإدارة والربابنة على ضوء مطالبهم المتجسدة أساسا في الرفع من أجورهم، إذ يطالبون بزيادة تتراوح ما بين 15 ألف درهم و30 ألف درهم، ما يعني كتلة أجرية شهرية غضافية تقدر بـ200 مليون درهم، وهو ما يجعل رواتب في هذه الحالة ترتفع لتصل إلى ما بين 180 ألف درهم و115 ألف درهم، وهي من بين الأجور الأكثر ارتفاعا لدى شركات الطيران في العالم، كما يطالب الربابنة بإعادة فتح مدرسة تكوين الربابنة التي أغلقت سنة 2014.
ويعتبر مصدر مطلع على خبايا تدبير الشركة أنه كلما كان هناك نزاع نقابي بين الربابنة والإدارة، يجري الكشف عن مطالب بينما تخفى مطالب أخرى كـ"اختيار الفنادق"، إذ سبق لمضيفات الطيران أن حصلن على امتياز أن ينزلن في الفنادق ذاتها التي ينزل بها الربابنة، وهو مطلب سانده الربابنة بشكل رئيسي، وهو امتياز كلف الإدارة ملايين الدراهم، حسب المصدر ذاته.
ويرى إطار في "لارام" خبر أساليب الضغط التي ينهجها الربابنة في "لارام" بإنه كلما كان هناك صراع اجتماعي، حصل الربابنة على مذكرات تفاهم تعطيهم قدرا أكبر من الحرية في تقييم ظروف الرحلة التي تسمح لهم بأن يقرروا عدم الطيران.
ويقول المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، "على سبيل المثال، قد يحتفظ الطيار بالحق في عدم السفر مع ربان متدرب أجنبي، أو رفض رحلة طيران تتطلب منه قضاء أكثر من ثلاث ليال بعيدا عن منزله، مع العلم أن في بعض شركات الطيران يجري تفسير رفض عدم قبول الطيران من الناحية القانونية، رفض للعمل.
"يد" الحكومة؟
تهديد مدير "لارام" بالتخلي عن مشروع استثماري ضخم يستلزم ما بين 3 و4 مليارات دولار لتجديد أسطول الشركة في أفق العشرين عام المقبلة، فقط لأن نزاعا نقابيا اندلع مع الربابنة، يولد أسئلة كثيرة حول خلفيات هذا التهديد.
يقول مصدر "تيل كيل" بأن "إذا لم يكن إلى جانبك الربابنة، سيكون من الصعب إنجاح أي استراتيجية لتطوير الشركة"، وهو ما يفسر كلام عدو بأنه "ليس باستطاعة أي مستثمر المساهمة في تطوير خطة استراتيجية للمستقبل في ظل الوضع الراهن".
مصادر "تيل كيل" لم تستبعد أن تكون صعوبة الحصول على تمويل كاف لمواصلة خطة تطوير الشركة؛ إذ يتطلب الحصول على تمويل من الأبناك أن تتوفر الشركة على مبلغ 6 مليارات درهم وهو ما يشكل 20 في المائة من المبلغ الاستثماري الذي تتطلبه الخطة الاستثمارية لـ"لارام".
المصادر ذاتها لم تستبعد أن يكون رفض الحكومة المغربية بتمويل خطة "لارام" الاستثمارية له علاقة بالوضع الحالي، وأن يكون النزاع مع الربابنة مجرد عذر للتخلي عن استراتيجية تطوير "لارام".