"لا تتركوا المرضى وحدهم".. نداء حقوقي عاجل لإنقاذ مستعملي "الميثادون"

خديجة قدوري

نادت جمعيات المجتمع المدني المعنية بالصحة العامة وحقوق الإنسان بضرورة إعادة توفير مخزون الميثادون، عبر التنسيق مع المنظمات الدولية والشركاء التقنيين لتأمين مخزون طوارئ يضمن استمرارية العلاج.

ووفقًا لبيان توصل "تيلكيل عربي" بنسخة منه، اليوم الخميس، فإن الجمعيات تدق ناقوس الخطر وتوجه نداءً مستعجلًا لكل المعنيين: "لا تتركوا المرضى وحدهم في مواجهة هذا الوضع الصعب، ولا تسمحوا للأزمة الصحية بأن تتحول إلى كارثة إنسانية واجتماعية".

وحذّرت الجمعيات من التداعيات الخطيرة لهذا الوضع على صحة المرضى وعلى البرنامج الوطني لمحاربة السيدا، مشددة على أن استمراره يهدد بتقويض الجهود الوطنية الهادفة إلى القضاء على السيدا في المغرب بحلول عام 2030.

وطالبت الجمعيات بضرورة احترام حقوق المرضى، مشددة على الالتزام بعدم تعديل جرعات الميثادون إلا بموافقة مستنيرة منهم ووفقًا للبروتوكولات العلمية المعتمدة. كما نادت بإيجاد حلول بديلة عبر استكشاف خيارات علاجية مؤقتة تحت إشراف طبي، لتعويض النقص وتقليل المخاطر التي قد يتعرض لها المرضى.

كما دعت الجمعيات إلى تعزيز إدارة المخزون عبر وضع خطة فعالة لمنع النقص، ترتكز على تحسين آليات التوريد وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، مع إشراك المجتمع المدني من خلال التعاون الوثيق مع الجمعيات المدنية لإيجاد حلول مستدامة، وضمان أن تكون حقوق واحتياجات المرضى محور القرارات المتخذة.

في سياق متصل، أعربت الجمعيات عن استعدادها الكامل للتعاون مع جميع الأطراف المعنية لإيجاد حلول مستدامة لهذه الأزمة، مؤكدةً التزامها بتقديم خبراتها ودعمها لضمان استمرارية الرعاية والحفاظ على صحة وحقوق المرضى.

وأوضح المصدر ذاته أنه في ظل نفاد مخزون الميثادون، الذي يُعد دواءً أساسياً في علاج الإدمان على المواد الأفيونية ويلعب دوراً محورياً في الحد من المخاطر الصحية والاجتماعية المرتبطة بتعاطي المخدرات، اتخذت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عدة إجراءات لضمان استمرارية العلاج لأطول فترة ممكنة وتحسين استخدام المخزون المتاح.

وأشار إلى أنه من بين هذه الإجراءات ما نصّت عليه الدورية الوزارية بشأن تقليص جرعات الميثادون بشكل آلي ومنهجي وفقاً للفئات، ليشمل ذلك جميع المرضى، بمن فيهم المتعايشون مع فيروس نقص المناعة البشري (VIH) ومرضى الالتهاب الكبدي "س" و"ب"، بالإضافة إلى مرضى السل. غير أن هذه الإجراءات طُبّقت دون استشارة، أو حتى إبلاغ، الشركاء المعنيين، حيث لم يُؤخذ علمهم بها إلا عبر الإشعارات المعلقة بمداخل مراكز محاربة الإدمان، تماماً كما حدث مع باقي المستفيدين والمستفيدات.

وجاء في البيان ذاته، أن جمعيات المجتمع المدني، رغم تقديرها لجهود الوزارة في التعامل مع هذه الأزمة وتوجيه الشكر إليها على ذلك، تؤكد أن الحلول المقترحة تظل غير كافية وقد تفضي إلى نتائج كارثية على صحة المرضى والمجتمع ككل.

وأفادت الجمعيات المعنية أن تقليص جرعات الميثادون يجب أن يتم وفقاً للبروتوكولات المعتمدة وطنياً ودولياً، بما في ذلك تلك المقترحة من قبل منظمة الصحة العالمية التي تشدد على ضرورة موافقة المريض، محذرة من أن أي تغيير في الجرعات دون استشارته قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.

وذكرت الجمعيات أنه في حال توقف توفير هذا العلاج، فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الانتكاس وحالات العودة لاستهلاك المخدرات، وزيادة حالات الانسحاب التي تسبب المعاناة النفسية والجسدية، خصوصاً في غياب استراتيجيات بديلة للأدوية المهدئة التي لا تتوفر حالياً في المراكز المتخصصة، بالإضافة إلى التأثير سلباً على استمرار الأشخاص في الإدماج الاجتماعي والمهني، وتراجع إقبال مستعملي ومستعملات المخدرات على أنشطة الوقاية والتوعية بسبب القلق النفسي الناتج عن الخوف من عدم استمرارية العلاج.