"أين هو فوزي... لديك شعبية كبيرة هنا أخي". بهذه الكلمات علق رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، باتريس موتسيبي، على عدد الأصوات التي تحصل عليها رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، لنيل مقعد عن القارة السمراء داخل المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
لقجع تحصل على 49 صوتا من أصل 53 ممكنا (مع الأخذ بعين الاعتبار منع الاتحاد الكونغولي لكرة القدم من التصويت بقرار من (فيفا)، وهي نتيجة تعتبر بالنظر إلى طريقة التصويت الجديدة، انتصارا مهما لحضور المغرب وقوة تأثيره ضمن معادلة بلوغ مراكز قرار الصف الأول قاريا ودوليا.
لكن، هل هي كافية لتأكيد قوة هذا الحضور على أرض الواقع؟
الجواب: لا. لماذا؟
أولا، وجب التنبيه إلى أن الانتخابات الأخيرة لتحديد من سيمثل إفريقيا داخل "فيفا"، تميزت بضغط قوي من رجالات الاتحاد الدولي، لتغيير إرث الاقتراع الإفريقي الذي كان يترجم أبشع صور الريع لنيل مناصب المسؤولية.
إذ فرض "فيفا" تنظيم انتخابات مفتوحة، تنافس خلالها 13 مرشحا لنيل 6 مقاعد. وبذلك، يكون "الكاف"، وإن مكرها، قد قطع مع استغلال التقسيم الانتخابي حسب المناطق الست للقارة، أيضا حسب الناطقين باللغات الرسمية المعتمدة داخل الجهاز القارى (العربية، الفرنسية، الإنجليزية والبرتغالية).
نمط الاقتراع الذي تم التخلي عنه، قلص من إمكانية فرض تحالفات هجينة، وتقديم أسماء لتمثل القارة الإفريقية وهي لا تعيش حتى 5 في المائة من أيام ولايتها فوق ترابها (سبق أن أكدت تقارير إعلامية عيش أغلب المسؤولين داخل (الكاف) إما في أوروبا أو آسيا، ومنهم من يختار إقامة شبه دائمة بالقاهرة حيث يوجد مقر الجهاز القاري).
إذن نحن أمام ترجمة اختيارات فرضتها الأجندة التي وضعها الاتحاد الدولي لكرة القدم، وأكيد أنه كان للمغرب مساهمة بطرق مختلفة من أجل تنزيلها.
انتهت انتخابات الجهاز القاري المسؤول عن اللعبة، وما أعقبها تفوق المملكة المغربية في جر حلفائها معها، ليكونوا داخل مناصب المسؤولية الدولية، خاصة كل من الجيبوتي سليمان حسن وابيري والموريتاني أحمد ولد يحيى اللذين تحصلا على 29 صوتا، فيما سقط ترشيح النيجيري أماجو ملفين بينيك، رغم الدعم الكبير والتعبئة لصالحه من طرف رئيس "الكاف" موتسيبي.
هذا الفصل انتهى. ماذا بعد؟
قلنا من قبل إن كل هذه التفاصيل ليست كافية، لأنه يوجد داخل دهاليز الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم جهابذة الإدارة واللجن الذين يحددون مصير اللعبة بالفعل، ويصوغون القرارات التي تحدد توجهات كل كبيرة وصغيرة تجاه المكاسب الكروية الواقعية.
لذلك، برز عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فور إعلان فوز لقجع بكل تلك الأصوات، سؤال مفاده:
إذا كان المغرب يملك كل هذه القوة لماذا الاستمرار في ظلمنا كرويا؟
الجواب هو استمرار حضورنا الضعيف داخل باقي الأجهزة.
عندنا في المغرب نواصل التركيز على فعل الشخص وليس المؤسسات عبر الأشخاص. نخطئ دائما حين ننهج سياسة تلخيص كل شيء في الفعل الذي يقوم به مسؤول واحد، ونتجاهل التأثير الذي يمكن أن يحققه فريق متكامل حاضر طوال السنة داخل أجهزة الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، هناك في القاهرة.
الواقع، اليوم، أن حضورنا لا يزال ضعيفا جدا ضمن اللجان التي تحدد مصير البطولات القارية وتعين الأطقم التحكيمية وتتخذ القرارت التأديبية وترسم خارطة من سوف يتمتع بحقوقه ومن سيحرم منها، من تفتح له صنابير الامتيازات ومن تقطع عنه قطرات الإنصاف.
وخير دليل على ذلك، السنوات الأخيرة التي عاشت خلالها كرة القدم الوطنية مسلسات ظلم على كافة المستويات. سرقت منها ألقاب وعين لها حكام يفرملون تألقها على الهواء مباشرة، بل بحضور فوزي لقجع شخصيا، كما وقع خلال نهائي كأس "الكاف" بين نهضة بركان والزمالك عام 2019 بالقاهرة.
عاشت الأندية المغربية المشاركة في المسابقات القارية ويلات البرمجة وتطبيق أحكام صارمة عليها دون غيرها. سرق من نادي الوداد الرياضي لقبه المستحق ضد الترجي، وحرمته صافرة الحكام من التأهل للدور النهائي أكثر من مرة، وأقصت ضربة جزاء خيالية الرجاء من ربع النهائي في مواجهة الأهلي. بدروه خرج حسنة أكادير من آخر مشاركة قارية له بفضيحة تحكيمة.
قائمة خسائر الأندية بسبب حيث يكمن الحكم الحقيقي داخل "الكاف" طويلة. ولم يسبق أن أنصفت أجهزتها ناديا مغربيا بعد تعرضه للظلم.
ما يعيد طرح سؤال: ماذا بعد؟
لأنه إن لم يكن لهذا الحضور تأثير مباشر على إنصاف كرة القدم الوطنية، لتأخذ حقها فقط، ولا ينتزع منها مرة أخرى بخبث ودون عقاب، فلا نملك غير التسليم بقناعة أن حكاية التصويت الكبير لصالح فوزي لقجع يبقى نصف انتصار فقط.