تترقب تركيا، للمرة الأولى في تاريخها، جولة ثانية للانتخابات الرئاسية، في أعقاب دورة أولى شهدت منافسة محتدمة، على أن يفصل الناخبون، في 28 ماي، بين الرئيس رجب طيب إردوغان ومنافسه الرئيسي كمال كيليتشدار أوغلو.
ومنحت النتيجة النهائية للفرز 49,5 في المائة من الأصوات لإردوغان الموجود في السلطة منذ عشرين عاما، مقابل 45 في المائة لخصمه الاشتراكي الديموقراطي كمال كيليتشدار أوغلو.
وفي ضوء ذلك، أكدت اللجنة الانتخابية، بعد ظهر أمس الاثنين، إجراء جولة ثانية للانتخابات الرئاسية، بعد أن أفضت الانتخابات التشريعية إلى احتفاظ إردوغان بالأغلبية في البرلمان.
وستعتمد نتيجة الجولة الثانية جزئيا على مرشح ثالث هو سنان أوغان (قومي متطرف)، بعد فوزه بنحو 5,2 في المائة من أصوات الجولة الأولى، غير أنه لم يعلن بعد إن كان سيدعم أحد المرشحين.
ولم يكن للأزمة الاقتصادية والزلزال المدمر الذي وقع، في السادس من فبراير، وأودى بما لا يقل عن 50 ألف شخص، الآثار التي توقعها المحللون؛ حيث أثار رد الحكومة الذي اعتبر متأخرا، غضب العديد من الناجين. لكن هذا الغضب لم يترجم في صناديق الاقتراع؛ إذ جددت المحافظات المتأثرة بشدة ثقتها بالرئيس، الذي وعد بإعادة بناء 650 ألف منزل في المناطق المتضررة، في أسرع وقت ممكن.
وفي الأسابيع الأخيرة، دعا معسكر المعارضة الممثل في تحالف واسع يقوده "حزب الشعب الجمهوري"، الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، إلى "حسم (نتيجة الانتخابات) من الجولة الأولى".
ورغم محاولات المعارضة التشكيك في النتائج، مساء أول أمس الأحد، رأى مراقبون من مجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن الانتخابات قدمت للأتراك خيارا سياسيا حقيقيا، وذلك رغم "الميزة غير المبررة" التي منحتها وسائل الإعلام الرسمية للرئيس إردوغان.
وأعرب المرشحان عن استعدادهما للتنافس، مرة أخرى، بعد أسبوعين، وتعهد كلاهما بـ"احترام" حكم صناديق الاقتراع.
وانتخب إردوغان، في عام 2018، من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية. وأظهر ثقته بالفوز هذه المرة؛ حيث قال: "أؤمن من أعماق قلبي بأننا سنواصل خدمة شعبنا، في السنوات الخمس المقبلة".
وفي واشنطن، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أن الرئيس جو بايدن "يتطلع إلى العمل مع الفائز" في الانتخابات الرئاسية في تركيا، "أيا كان".
وبالنسبة لبيرم بالسي، الباحث في معهد العلوم السياسية في باريس والمدير السابق للمعهد الفرنسي لدراسات الأناضول في إسطنبول، "لعب الأتراك ورقة الاستقرار والأمن"؛ حيث قال: "لقد رفضوا وضع ثقتهم في تحالف متعدد ذي مصالح متباينة، متسائلين: كيف سيحكمون معا".
وفي هذا الوقت، بقي المؤشر الرئيسي لبورصة اسطنبول منخفضا بنسبة 3 في المائة، عند الساعة 3,30 مساء (12,30 ت غ)، بعد تراجعه عند الافتتاح بنسبة 6 في المائة. فيما وصلت الليرة التركية إلى مستوى منخفض تاريخيا، عند نحو 19,7 ليرة للدولار.
وقال المحلل بارتوش ساويكسي: "ستكون نتيجة الانتخابات حاسمة بالنسبة للاقتصاد التركي"، متسائلا: "هل ستستمر تركيا في اندفاعها غير التقليدي وسياساتها غير المتوازنة، أم تعود إلى طريق الإصلاح والتعافي؟".