لمكافحة "بوحمرون".. حمضي لـ"تيلكيل عربي": يجب أن تصل نسبة التلقيح إلى 95 في المائة

خديجة قدوري

 يواجه المغرب تحديات متزايدة أمام انتشار مرض بوحمرون، حيث سجلت السلطات الصحية 3,355 إصابة جديدة خلال الفترة الممتدة من 10 إلى 16 فبراير الجاري، إلى جانب تسجيل 6 وفيات خلال الفترة ذاتها.

وفي هذا السياق، أفاد الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، في تصريح لموقع "تيلكيل عربي"، أن الأسبوع الممتد من 10 إلى 16 فبراير الجاري شهد تسجيل 3365 حالة إصابة جديدة و6 وفيات. حيث لوحظت، بشكل عام، انخفاض بنسبة 3.4% مقارنة بالأسبوعين السابقين.

وأشار حمضي إلى أن الأرقام تشير إلى وضعية وبائية مستمرة، حيث سجلت المملكة خلال 15 شهرًا بين نهاية 2023 وبداية 2025 ما يقرب من 25 ألف حالة إصابة. وبمقارنة هذه الأرقام مع 3365 حالة في أسبوع واحد، يصبح من الواضح أن الوضع الصحي لا يزال يتطلب اهتمامًا عاجلًا.

وأوضح أن تسجيل 6 وفيات في أسبوع واحد يعد رقمًا خطيرًا، ما يشير إلى تفشي المرض بشكل غير مطمئن. كما أشار إلى أن الأسبوع من 10 إلى 16 فبراير، الذي يعتبر الأسبوع الثاني بعد العودة المدرسية في الثالث من فبراير، شهد أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا في الحالات.

وأكد أن المدارس، التي كانت في السابق بيئات خالية من الفيروس في بعض المناطق، أصبحت الآن مكانًا رئيسيًا لانتشاره، مع دخول الفيروس إليها وانتقاله بين الطلاب خلال العطلة المدرسية. وأضاف أن الفترة الأولى من العودة المدرسية تمنح الفيروس فترة حضانة قبل أن يبدأ في الظهور بشكل أكبر خلال الأسابيع المقبلة.

وأضاف حمضي أنه إذا نظرنا إلى المناطق التي لم يظهر فيها الفيروس سابقًا، سنجد أنه دخل إليها، وإذا قمنا بمراجعة الأرقام، سنلاحظ أن المناطق التي كان فيها بوحمرون بشكل مكثف شهدت تراجعًا في الأسبوع الأخير. بينما ارتفعت الأرقام بشكل كبير جدًا في المناطق التي لم يكن فيها الفيروس من قبل، مثل كلميم وادنون أو منطقة الشرق، وهذا يعود إلى التنقلات.

وأفاد أن تلقيح 52 بالمائة من الأطفال المستهدفين هو خطوة إيجابية مهمة ستساهم في الحد من انتشار الفيروس. لكن مع دخولنا الأسبوع الثالث، من المتوقع أن تشهد الأرقام ارتفاعًا أكبر من حيث الإصابات والوفيات. يمكن أن يسهم تلقيح باقي الأطفال دون سن 15 سنة ضد بوحمرون بشكل سريع في الحد من هذا الارتفاع. علاوة على ذلك، مع بداية فصل الربيع، من المحتمل أن يشهد الفيروس انتشارًا أكبر بطبيعته، مما يعني أن الأسابيع المقبلة قد تشهد زيادة في الحالات والوفيات.

وقال حمضي إنه يجب التدارك بالتلقيح بنسبة عالية جدًا للأشخاص الذين ليست لديهم مناعة ضد المرض، وفي هذه الحالة، سيكون من الممكن حماية هؤلاء الأشخاص، وفي نفس الوقت، خلق مناعة جماعية. إذا تم تحقيق ذلك، حتى في حال وجود حالات من بوحمرون، فإنها لن تتطور إلى وباء، بل ستظل حالات معزولة.

وفي ما يتعلق بالإجراءات التي يجب اتخاذها، أشار حمضي إلى أنه يجب طرح سؤال حول المخاطر. بالنسبة لمرض بوحمرون، فهو سريع الانتشار، والمناعة الجماعية التي تسمح بمحاصرته يجب أن تصل إلى 95 بالمائة، وهي نسبة عالية جدًا نظرًا لمعدل انتشار الفيروس الكبير. لذا، إذا كانت النسبة أقل من 95 بالمائة، سيظل الفيروس منتشرًا في البلاد، وأي بلد لا يصل إلى هذه النسبة سيستمر فيه بوحمرون على شكل وباء.

وأضاف أنه عندما تتراوح نسبة التلقيح أكثر من 95 في المائة، حتى وإن ظهرت حالات بوحمرون، فإنها ستظل حالات معزولة. لذلك، من الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الوصول إلى هذه النسبة، لأن عدم اتخاذها سيؤدي إلى استمرار انتشار الفيروس على شكل وباء.

وفي سياق متصل، لفت حمضي إلى أنه قبل الانتقال إلى الإجراءات، يجب التعرف على الأسباب وراء الانخفاض إلى أقل من 95 بالمائة، سواء كانت 80 أو 70 بالمائة. وأشار إلى أن هناك عدة عوامل، مثل كوفيد-19 وتردد الآباء، داعيًا إلى إجراء دراسات لفهم الأسباب وراء هذا التردد. كما لفت إلى أن هناك تراجعًا في خدمات التلقيح، لذا يجب معرفة السبب وراء ذلك، سواء كان بسبب نقص في الموارد البشرية أو المهنيين الصحيين. وأكد أيضًا على أهمية تحسين طرق المراقبة، لأن أي حالة تظهر يجب أن يكون لدينا رد فعل سريع وفعال.

واستطرد قائلاً إنه يجب التأكيد على ضرورة أن يتلقى أي مولود جديد اللقاحات المقررة، بما في ذلك لقاح بوحمرون وغيره من اللقاحات، عند وصوله إلى السن المخصص للتلقيح. كما أضاف أنه بالنسبة للأطفال الذين لم يتلقوا لقاحاتهم في الوقت المحدد، يجب تدارك ذلك في أقرب الآجال.

وأضاف حمضي أنه يجب أن يكون هناك تحسيس للمهنيين الصحيين بأهمية التلقيح ضد بوحمرون والأمراض الأخرى، بالإضافة إلى تحسيس الآباء بدور التلقيح في حماية أطفالهم. كما أكد على ضرورة تنظيم حملات توعية للأسر الجديدة، مع توجيه الرسائل التوعوية إليهم بشكل فعال. هذه كلها إجراءات ضرورية يجب اتخاذها.

واسترسل قائلاً إنه لا يجب نسيان أن لدينا مكاسب تتعلق بالصحة العامة. في الأسبوع الماضي، تم إدخال 6 أشخاص إلى المستشفى في فرنسا بسبب بوحمرون قادم من المغرب، وقد تم ذكر ذلك في الصحف الفرنسية والإسبانية. وناقشوا بعض الإجراءات التي يجب اتخاذها لحماية بلادهم من بوحمرون القادم من المغرب، بما في ذلك تعزيز التلقيح في بلدانهم. وأضاف أن النجاحات التي حققناها في ميدان الصحة والمجالات الأخرى قد تتأثر بصورة المغرب بسبب هذا المرض، رغم أن لدينا اللقاحات اللازمة له.

واختتم حمضي حديثه مؤكدًا على أهمية التحرك بسرعة، وإلا فإن صورة المغرب وسياحته ستكونان مهددتين، فلا نريد المخاطرة بمخاطر غير ضرورية.