توصلت دراسة سويدية جديدة إلى أن أسباب الإصابة بالسمنة في الشيخوخة لا تتعلق فقط بكمية الغذاء الذي نتناوله وطبيعته، ولا بقلة الحركة فقط، وإنما هناك عامل حاسم، ما يفتح الطريق لمعالجة سمنة الشيخوخة مستقبلاً.
في ألمانيا بدأ هناك اتجاه مثير للقلق فيما يتعلق بالصحة خلال السنوات الأخيرة، إذ تظهر الإحصائيات أن 56.3 بالمائة من النساء و74.2 من الرجال يعانون من زيادة الوزن في نهاية مشوارهم الوظيفي. وفي هذا السياق ينقل موقع "إن فرانكن" الألماني عن البروفيسور هيلموت هيسكر، الرئيس السابق لجمعية التغذية الألمانية، قوله إن أسباب زيادة الوزن معروفة منذ زمن طويل. ويضيف الخبير الألماني بالقول: "الكثير من الناس في ألمانيا يأكلون كميات تفوق حاجة الجسم من الأطعمة عالية الطاقة ولا يتحركون بشكل كاف"، مشدداً على أن هناك حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات تحد من ذلك.
وأظهرت الأبحاث الحديثة التي أُجريت في معهد كارولينسكا في السويد أن هناك سبباً آخر لزيادة الوزن لدى كبار السن. وتكشف الدراسة أن السمنة تعود في مجمل الحالات إلى تناقص فقدان الدهون في النسيج الشحمي، مما يسهل زيادة وزن الجسم. وتوضح الدراسة أن من الصعب تجنب زيادة الوزن في الشيخوخة حتى لو لم يتغير أي شيء في الظروف الفعلية لحياتهم، أي عدم تناول كميات كبيرة من الطعام أو قاموا بممارسة التمارين الرياضية.
وراقب الباحثون في معهد كارولينسكا الخلايا الدهنية لدى 54 امرأة ورجلاً على مدار 13 عاماً، ليتوصلوا إلى انخفاض فقدان الدهون لدى جميع الأشخاص الخاضعين للدراسة دون استثناء. وهذا يعني أن الخلايا الدهنية تبدأ بفقدان قدرتها على التخلص من الدهنيات بمرور الزمن، وبالتالي تعمل على خزنها. ولم تركز الدراسة على أهمية زيادة وزن الأشخاص الخاضعين للتجارب أو قلته بمرور الوقت.
قام بعض الأشخاص الذين تم اختبارهم، بمواجهة هذا التغيير الجسدي وعدّلوا من عاداتهم الغذائية بتناول أطعمة تحوي على سعرات حرارية أقل، فيما لم يقم البعض الآخر بذلك فازداد وزنهم بمعدل 20 بالمائة في المتوسط عن المجموعة الأولى.
كما تمت دراسة عملية التمثيل الغذائي للدهون لـ41 امرأة من اللواتي خضعن جراحياً لعملية تصغير المعدة قبل المشاركة في الدراسة، لمعرفة ما إن كانت النساء سيحافظن على وزنهن الأقل خلال أربعة إلى سبعة أعوام بعد العملية الجراحية. وتوصل الباحثون إلى أن بعضهنّ فقط تمكن من المحافظة على وزنهن.
ووفقاً لبيتر آرنيس، الأستاذ في قسم الطب في معهد كارولينسكا والمؤلف الرئيسي للدراسة، فقد تمكنت هؤلاء السيدات من الحفاظ على وزنهن لأن معدل فقدان الدهون لديهن يتمتع بإمكانية أكبر للزيادة وبالتالي يمكنه مواصلة التطور بمرور الزمن. أما السيدات اللواتي تعانين منذ البداية من فقدان أكبر للدهون، وبالتالي لا يمكنهن زيادته، ما ينعكس على زيادة في وزنهن في نهاية المطاف.
وبحسب الدراسة التي نُشرت نتائجها في مجلة "نيتشر" العلمية، تمكن الباحثون من إظهار أن زيادة الوزن في الشيخوخة لا تتوقف على العوامل المعروفة كالعادات الغذائية السيئة أو قلة الحركة وعدم ممارسة التمارين الرياضية. عن ذلك يوضح البروفيسور آرنيس بالقول: "تظهر النتائج أن العمليات في أنسجتنا الشحمية تنظم التغيرات في وزن أجسامنا أثناء الشيخوخة بمعزل عن العوامل الأخرى"، مضيفاً أن هذه النتائج قد تفتح الباب لطرق جديدة تماماً في معالجة السمنة.
لكن بغض النظر عن نتائج هذه الدراسة فإن النشاط البدني والتمارين الرياضية تبقى ذات أهمية كبرى في ديمومة صحة الجسم، فقد ثبت أن التمارين تساعد على زيادة وتيرة عملية التمثيل الغذائي للدهون المخزنّة في الأنسجة الشحمية.