فرضية غريبة، لكنها آخذة في التكرار: ارتفاع غير اعتيادي في طلبات البيتزا في العاصمة الأمريكية واشنطن تزامن، مساء يوم أمس الخميس، مع استعداد إسرائيل لتنفيذ ضربات جوية ضد أهداف داخل إيران. هذا النمط المتكرر أعاد إلى الواجهة ما يُعرف بـ"مؤشر البيتزا"، وهو تصور غير رسمي يربط بين حركة مطاعم الوجبات السريعة وساعات العمل الاستثنائية داخل المؤسسات السيادية الأمريكية عشية التحركات العسكرية الكبرى.
وتستند النظرية إلى ملاحظة أن كلما استدعى حدث دولي تدخلا عسكريا أمريكيا أو تطورا أمنيا بالغ الحساسية، يبقى موظفو وزارات الدفاع والخارجية والبيت الأبيض في مقار عملهم حتى وقت متأخر؛ ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في طلبيات الطعام الليلي، خاصة البيتزا، ضمن المناطق المحيطة بمراكز القرار. وكأنّ رائحة العجين الساخن باتت مؤشرا على اقتراب تصعيد ما.
هذا المؤشر، الذي حظي بمتابعة واسعة عبر منصة "Reddit"، وحساب مخصص له على منصة "X" تحت اسم "Pentagon Pizza Report"، يعتمد على رصد النشاط الاستثنائي لفروع سلاسل مطاعم البيتزا القريبة من وزارة الدفاع الأمريكية؛ حيث رصد الحساب زيادة مفاجئة في عدد الطلبيات لدى أحد فروع "Domino's Pizza" قرب البنتاغون، بلغت ذروتها قبيل دقائق من بدء الضربات الإسرائيلية ضد إيران، الأمر الذي اعتُبر بمثابة "إشارة مبكرة" لتحرك غير مُعلن في الكواليس.
التعزيز الأبرز لهذا الاستنتاج جاء من منشور لافت للسفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، دعا فيه إلى "الصلاة من أجل القدس" قبيل بدء الهجوم مباشرة؛ ما عزز القناعة بأن حدثا كبيرا كان يُحضّر خلف الأبواب المغلقة.
ورغم غرابة الطرح، فإن "مؤشر البيتزا" ليس حديث النشأة؛ إذ سبقت الإشارة إليه في ثمانينات القرن الماضي، قبيل غزو مشاة البحرية الأمريكية لجزيرة غرينادا، كما أُعيد طرحه خلال أزمة بنما، عام 1989. وفي غشت 1990، نشرت مجلة "Time" تقريرا مقتضبا عن ارتفاع مفاجئ في طلبات البيتزا داخل مقر وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في الليلة التي سبقت غزو العراق للكويت.
لكن وبينما يرى البعض في هذا المؤشر أداة فكاهية تلامس الواقع، يتساءل آخرون عن انعكاساته الأمنية. أحد مستخدمي "Reddit" طرح، مساء يوم أمس الخميس، تساؤلا لافتا: "هل يمكن أن يشكل مؤشر البيتزا تهديدا غير مقصود للأمن القومي الأمريكي؟".
بعيدا عن الإجابة، تبقى الظاهرة مثالا غير تقليدي على كيفية تشكل أنماط السلوك في بيئات الضغط الأمني والسياسي. وفي عصر تُقرأ فيه التحركات الاستراتيجية من إشارات مشتتة، قد لا تكون البيتزا مجرد وجبة خفيفة، بل إشعارا مسبقا لأزمة تُطبخ على نار هادئة... وربما، بجُبن الموزاريلا الإضافي.