فتح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الباب، أمام تحول الوجود العسكري الفرنسي في إفريقيا إلى جهاز أكثر تكتما، وأعلن عن إعادة تقييم لميزانية الجيوش لفترة 2024-2030، في ظل عودة الحرب في أوروبا.
وبينما تغادر القوات الفرنسية مالي، بحلول نهاية الصيف، وتنشر آلاف العسكريين لمكافحة الجهاديين في منطقة الساحل، رأى ماكرون أن اعتماد "قوات أصغر حجما وأقل عرضة للخطر" في إفريقيا هو "ضرورة استراتيجية".
وأكد ماكرون في خطابه التقليدي في وزارة الجيوش الفرنسية، أمس الأربعاء، عشية العيد الوطني، رغبته في "النجاح في بناء علاقة حميمة أقوى مع الجيوش الإفريقية على الأمد الطويل، لإعادة بناء القدرة على التدريب هنا وهناك"، مع بقاء القوات الفرنسية في الصف الثاني، وبينما تريد باريس إعداد جيوشها للنزاعات الحادة؛ مثل الحرب التي تدور في أوكرانيا.
وتتمتع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في عدد من الدول الإفريقية، بوجود عسكري قوي هناك. وبالإضافة إلى التزامها في منطقة الساحل في أوج عملية إعادة هيكلة، نشرت عناصر لها في السنغال والغابون وجيبوتي.
من جهة أخرى، شدد الرئيس الفرنسي على الحاجة إلى "استمرارية بين عرضنا الدبلوماسي وتحركاتنا المتجددة للشراكة الإفريقية وإجراءاتنا التنموية" في إفريقيا، معتبرا إياها "نقلة نوعية عميقة".
وكانت فرنسا الشريك الرئيسي لباماكو. لكن القوة الاستعمارية السابقة أصبحت غير مرغوب فيها وتستعد لمغادرة مالي خلال أسابيع، بعدما طرد المجلس العسكري الحاكم منذ 2020 الجيش الفرنسي، واستدعى الروس عبر مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية، وإن نفت باماكو ذلك.
ومع فكّ ارتباطها بمالي، ستكون فرنسا قد قلصت وجودها في منطقة الساحل إلى النصف، من خلال الإبقاء على حوالي 2500 جندي فقط في المنطقة. لكن باريس تقول منذ أشهر إنها لا تتخلى عن الحرب ضد الإرهاب، وتتحدث مع دول الساحل وخليج غينيا للتحضير لأشكال جديدة من التدخل.
وفي النيجر، سيبقي الفرنسيون على أكثر من ألف رجل وقدرات جوية لتقديم الدعم الناري والاستخبارات ط، في إطار "شراكة قتالية" مع القوات المسلحة النيجرية المنتشرة مع 250 جنديا فرنسيا بالقرب من الحدود مع مالي ضد الجهاديين المرتبطين بتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية.
وسيزور وزير القوات المسلحة، سيباستيان لوكورنو، ووزيرة الخارجية، كاترين كولونا، غدا الجمعة، النيجر. وسيتوجه لوكورنو في اليوم التالي إلى ساحل العاج.
وأعلن الرئيس الفرنسي أيضا عن إعادة تقييم لاحتياجات الميزانية في مجال الدفاع عبر قانون جديد للبرمجة العسكرية (2024-2030) أكثر ملاءمة، "لاحتمال عودة مواجهة أكثر حدة".
وقال إن صياغة النص "يفترض أن تكتمل في نهاية هذا العام"، ثم "يناقش مع البرلمان"، في أوائل 2023.
وكان ماكرون بدأ في 2017 إدخال زيادة حادة على اعتمادات الدفاع بعد سنوات من القلة. وستسجل ميزانية الجيوش نموا أكبر، عام 2022، قبل أن يرتفع بمقدار ثلاثة مليارات، عام 2023، لتصل إلى 44 مليار يورو.