استنكر عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، حين حديثه عن مشروع قانون المالية لسنة 2025 بشدة ما أسماه "إضفاء شرعية على فعل غير قانوني".
وأضاف بوانو في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، عشية أمس الجمعة، "أتكلم على الاعتداء المادي، في حين ينص الفصل 35 من الدستور على أنه "يضمن القانون حق الملكية، ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون، إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون".
وتابع: "الاعتداء المادي تديرو الدولة، كان يكفي الحديث عن الأحكام وحدها".
ويتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025 كلمة "الاعتداء المادي" في سبعة مواد على الأقل، منه ما أوردته المادة 61 من المشروع نزع ملكية عقارات أو حقوق عينية عقارية عن طريق الاعتداء المادي".
تضريب الاعتداء المادي"
حمل عرض فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، في وقت سابق، بمجلس النواب، مقترح "مبدأ فرض الضريبة على الدخل برسم الأرباح العقارية المحققة على إثر نزع الملكية عن طريق الاعتداء المادي أو عن طريق أي نقل للملكية بمقتضى قرار قضائي حائز على قوة الشيء المقضي به، مع إحداث إلزامية الحجز من المنبع للضريبة على التعويضات الممنوحة في هذا الإطار من طرف الهيئة التي تتدخل في أداء هذه التعويضات مع إمكانية استنزال المبلغ المحجوز في المنبع من الضريبة المستحقة ومع الحق في الاسترجاع".
وفق الفقرة أعلاه، يهدف مقترح الحكومة إلى فرض ضريبة على الدخل تطبق على الأرباح التي يحققها مالكو العقارات نتيجة لنزع ملكيتهم إجباريا، سواء كان ذلك نتيجة لاعتداء مادي على العقار أو بقرار قضائي نهائي.
"الاعتداء المادي نقيض نزع الملكية"
هذا يصدم مع قرارت المحاكم الإدارية منه حكم عدد 4327 الصادر سنة 2016 الذي قعّد على أن "المادة 61 من المدونة العامة للضرائب التي نصت على خضوع التعويضات المحكوم بها في إطار نزع الملكية للضريبة على الأرباح العقارية، لا يمكن اعتبارها أساسا لفرض الضربية على التعويضات المحكوم بها في إطار دعوى المسؤولية الإدارية عن الاعتداء المادي على عقار باعتباره خطأ مرفقيا، من منطلق أن قواعد القانون الضريبي ينبغي أن تُفهم في إطار تفسيرها الضيق، ولا يجوز القياس عليها للتوسع في حالات فرض الضريبة خرقا للقانون".
وشدد الحكم على أن "الاعتداء المادي لا يمكن قطعا أن يكون محل قياس أو تماثل مع نزع الملكية، لكونهما مفهومان متضادان، على أساس أن اعتبار حيازة الإدارة للعقار وتصرفها فيه بمثابة اعتداءٍ مادي يجد منشأه في عدم لجوئها لمسطرة نزع الملكية بشأنه أو خرقها لإجراءاتها، وبذلك فالاعتداء المادي نقيض نزع الملكية، لكون هذا الأخير يظل تصرفا مشروعا يتغيى حيازة العقار ونقل ملكيته في إطار القانون، بينما الاعتداء المادي يُعد خطأ جسيما في جانب الإدارة ويُرتب مسؤوليتها ويمثل عملا غير قانوني ومنقطع الصلة بالمشروعية باعتباره غصبا لعقار الغير بدون إرادته وخرقا للمساطر المعمول بها".
وأكدت قضاة المحكمة الإدارية بالرباط أن "التعويض عن الاعتداء المادي يظل مُقررا في إطار إعمال النظام القانوني للمسؤولية الإدارية وهو نظام لا يوجد نص قانوني يُدرج التعويضات المستحقة في إطاره ضمن الدخول المشمولة بالتضريب، بخلاف التعويضات المستمدة من النظام القانوني لنزع الملكية".
تعريف الاعتداء المادي
يشار إلى أن فائزة بالعسري، رئيسة المحكمة الإدارية بمكناس (2014) في دراسة لها حول موضوع "الاجتهاد القضائي في مجال الاعتداء المادي الناتج عن تفعيل وثائق التعمير"، نشرتها مجلة وسيط المملكة سنة 2014، عرفت الاعتداء المادي بأنه "استيلاء الإدارة على عقار مملوك للغير بصفة مؤقتة أو دائمة خارج مقتضيات قانون نزع الملكية".
وذكرت في الدراسة أنه "إذا كان الغرض من تصميم التهيئة ونزع الملكية هو تحقيق المنفعة العامة بإحداث التجمعات السكنية والمرافق العمومية والطرق العامة والتجهيزات الضرورية، فإن تحقيق ذلك رهين باستيفاء المساطر القانونية المعمول بها في هذا الشأن واحترام مبدأ المشروعية".
وسجلت أن "الإدارة عوض سلوك مسطرة نزع الملكية للحصول على العقارات التي تحتاجها لإنجاز مرافقها، تعمد إلى الاستيلاء على عقارات الأفراد خارج المسطرة المذكورة وهو ما يعتبر اعتداء ماديا على حق الملكية الخاصة الذي يضمنه الدستور".