يستعد مجلس مدينة الدار البيضاء لتخليص سكان العاصمة الاقتصادية، من أكبر مطرح للنفايات بالمغرب الذي يوجد في منطقة مديونة. وأقر المجلس، بأن عصارة النفايات التي ترمى في المطرح، تؤدي إلى تلوث الفرشة المائية، مبينا أنه، من خلال الدراسات المنجزة من طرف مكاتب مختصة، يتعزز هذا الاستنتاج، بالإضافة إلى الروائح الكريهة وتحوله إلى مصدر للأمراض، وعدم توفره على تقنيَّاتٍ حديثة ومتطورة، تأخذ بعين الاعتبار نوعية الأزبال التي تطرح فيه.
مجلس مدينة الدار البيضاء سيعقد يوما دراسيا الجمعة المقبل للبحث عن بديل لمطرح نفايات مديونة. وتكشف ورقة تقديمية لليوم الدراسي، معطيات حول واقع المطرح الحالي، والبدائل المقترحة:
مصدر للأمراض والتلوث
لم يعد الحديث عن الكارثة البيئية التي تسبب ويتسبب فيها مطرح نفايات مديونة محط نقاش جيرانه وسكان البيضاء عموماً، بل أقر مجلس مدينة العاصمة الاقتصادية، أن استطلاعات الرأي ونتائج دراسات مكاتب مختصة، حسب ما أوردته الورقة التعريفية لـ"المنتدى الأول للنظافة بالدار البيضاء"، أثبتت أن المطرح المذكور أصبح يزعج الساكنة المجاورة، من خلال انبعاث الروائح الكريهة، ويهدد سلامتهم ويشكل خطراً على البيئة، نظرا لتقادم التقنيات المستعملة داخله حالياً.
وأقر المجلس كذلك، بأن مطرح مديونة، تحول إلى مصدر لعوامل مسببة للأمراض، تحملها مياه عصارة النفايات التي تنقلها نحوه الشاحنات، وتتسرب كمية كبيرة منها في الأحياء المجاورة للمطرح، نظراً لتكدس النفايات داخلها.
حلول بديلة
وأمام ما يشكله مطرح مديونة للنفايات من مشاكل بيئية، قدمت الورقة التعريفية لبرنامج عمل منتدى النظافة بالمدينة، عدداً من الحلول البديلة، من بينها، مشروع للمنشآت الجديدة بمنطقة مديونة، سيمكن من تجاوز مشاكل الفرز بمقاربة شاملة، تحافظ على البيئة وتحل مشكل النفايات.
كما اقترح المجلس كذلك، اعتماد تجارب جديدة في تدبير النفايات، منها ''الفرز الانتقائي من المصدر''، ومن شأنها أن تحسن من جودة الخدمات وتقلص من التكاليف، إضافة إلى كونها ستساهم في بلورة ثقافة بيئية سيكون لها أثر إيجابي على نظافة المدينة.
اقرأ أيضاً: جمع النفايات.. مجلس الدار البيضاء يشرك الساكنة في اختيار شركات النظافة ويضع شروطاً جديدة
وأبرز مجلس مدينة الدار البيضاء، أن الهدف المنشود هو الانتقال إلى مرحلة ما بعد الفرز، مبيناً أن النفايات لا تحتوي على مواد ومكونات يمكن استخدامها فحسب، بل تحتوي، كذلك، على مكونات طاقية مهمة، أظهرت تجارب، قامت بها بعض الدول، إمكانية استخراجها واستعمالها عند حرق بعض النفايات في المنشآت الملائمة.
فشل شركات التدبير المفوض
ومن بين أبرز ما أشارت إليه الورقة التعريفية لمجلس مدينة الدار البيضاء، هو الاعتراف الضمني بفشل تجربة التدبير المفوض لقطاع جمع النفايات، وأقر المجلس بهذا الصدد، أنه "نظراً لتدهور مستوى الخدمة المقدمة من طرف الشركة المنتدبة وعدم التزامها بشروط العقد، قررت جماعة الدار البيضاء قسخ عقد التدبير المفوض الذي كان يجمعها بـ(سيتا بالنكا) بغية استبداله بعقد جديد يوازي مستوى تطلعات المدينة".
في المقابل لم يقرر المجلس إمكانية التخلي نهائيا عن التدبير المفوض للقطاع، وفسر ذلك بكون "تدبير النفايات يشكل عبئا ثقيلا بالنسبة للجماعات الترابية على مستوى حجم المهام والميزانية المرصودة، خصوصاً وأن هذا المجاس يؤثر لسبا أو إيجابا على مستوى عيش الساكنة وسلامة صحتها".
اقرأ أيضاً: خطة المغرب للقضاء على مطارح النفايات في أربع سنوات
واختار المجلس أن تكون صياغة دفتر تحملات الشركات التي ترغب في الفوز بصفقة تدبير القطاع، بمشاركة جميع الفاعلين، بمن فيهم المواطن، وأوضح أنه "جماعة الدار البيضاء قررت ذلك، حتى تتمكن من تدقيق بنود دفتر التحملات، بعيداً عن أي تأويلات تعيق التنفيذ السليم لعقد التدبير المفوض"، يأتي اليوم الدراسي للمنتدى كفرصة لـ"تبادر الخبرات واستقراء الآراء ليكون دفتر التحملات أكثر تكاملاً".
وينتظر المجلس من هذه الخطوة، "تحديد شروط تعاقدية تضمن خدمة جيدة ونجاعة مطلوبة لتجنب الهفوات السابقة".
مقاربة تشاركية لتدبير النفايات
وينتظر أن يبحث المجلس عن شراكة مع مختلف "المنتجين" للنفايات في المدينة، من خلال إشارك المواطن والفنادق والمحلات التجارية وشركات الخدمات، واعتبر هؤلاء جوهر إشكالية تدبير قطاع النفايات، كما اعتبر أن سلوك المواطن يمكن أن يحدث تغييراً سريعا وفعالاً، من خلال مساهمته في الحفاظ على نظافة المدينة.
وأوضح المصدر ذاته، أن "التدبير المثالي لنفايات المدينة مرهون، من دون شكٍّ، بعملية التحسيس، التي يجب اتخاذها، إذ يعد هذا الورش، حسب المصدر المذكور، أهم الأوراش على الإطلاق، وجوهر العمل الذي سَيُثْمِرُ نتائج مؤكدة ودائمة.
اقرأ أيضاً: أكثر من 7000 مغربي يعيشون من النفايات.. أغلبهم شباب
وعن ''المنتدى الأول للنظافة بالدار البيضاء''، الذي يُعْقَدُ يوم الجمعة المقبل، تحت شعار ''كلنا معنيون''، أورد المجلس، في الورقة المذكورة، أنه سيشكل فرصةً لاستقراء آراء ومواقف المختصين والفاعلين البيئيين، من خلال عدة محاور سيناقشها خبراء ''أكفاء'' ومختصون في مجال النظافة والمحافظة على البيئة، وتتعلق على الخصوص، حسب المجلس، بالميثاق الوطني للبيئة، والمجال القانوني والمؤسساتي للنظافة على الصعيد المحلي، كذا الاستغلال الجيد للعلاقة التعاقدية مع شركات النظافة من خلال حكامة جيدة، إضافة إلى إشراك المواطن باعتباره فاعلاً أساسيا في مجال النظافة.
كما سيتم التطرق إلى سبل الرفع من مستوى الخدمة بشكل خاص، ونظافة المدينة بشكل عام، إلى جانب مسألة تثمين النفايات.