مجلس عزيمان يشخص اختلالات التكوين ويقدم وصفته لتطويره

الشرقي الحرش

وضع تقرير جديد للمجلس الأعلى الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الأصبع على الاختلالات التي تعتري منظومة التكوين المهني في المغرب، كما قدم عددا من التوصيات من أجل تطويره والنهوض به، وجعله في قلب النموذج التنموي المغربي.

اختلالات بنيوية

يرى التقرير، الذي تم تقديم مضامينه في لقاء للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي اليوم الجمعة بالرباط، و يتوفر موقع "تيل كيل عربي" على نسخة منه أن التكوين المهني في المغرب يعاني من اختلالات بنيوية متعددة، تعيق بلوغ الأهداف المتوخاة منه، من بين أهمها:

_نموذج غير منسجم يفتقر إلى الإلتقائية، ويتسم بتداخل عدة أنواع وأنماط ومقاربات لعمليات التكوين؛

_محدودية الميزانيات المخصصة للقطاع، وضعف في عقلنة استعمال الموارد المرصودة واستثمارها الأمثل؛

_محدودية التنسيق بين الأطراف المعنية من تجلياتها حالات تعارض المصالح بين المتدخلين؛

_عدم التلاؤم مع الحاجات الاقتصادية والاجتماعية، سواء من حيث الكم أو الكيف، وهو ما تؤكده النسب المحدودة للاندماج والتشغيل؛

من جهة أخرى، عزا التقرير استمرار التصور السلبي عن التكوين المهني، إلى كونه لا يشكل دائما اختيارا لبناء المشروع الشخصي للمتعلم، وإلى الصعوبات التي يواجهها خريجوه في ولوج سوق الشغل، و إلى ضيق آفاق متابعة المسار الدراسي بالنسبة للأشخاص الراغبين في ذلك، كما لا حظ ضعف مردودية الاستثمار العمومي الموجه للتكوين، بالنظر إلى آثاره التي لا ترقى إلى الأهداف المنتظرة من التكوين المهني.

مفاتيح لإعادة البناء

من أجل تطوير منظومة التكوين المهني، يقترح المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي اعتماد هندسة مندمجة للمسارات المهنية تنبني على 3 مكونات تهم المسارات المهنية، والتكوين التأهيلي والمقاولة.

في هذا الصدد، يقترح المجلس "تأسيس مسار المهنية والممهننة (الثانوي التأهيلي؛ العالي) من الآن فصاعدا لسبيل مندمج للتكوين المهني، وجعل المقاولة شريكا متميزا في إطار التكوين بالتناوب، وكذا اعتبار التكوين التأهيلي صمام أمان يهدف إلى منح المنقطعين عن الدراسة فرصة للتأهيل قصد ولوج الحياة المهنية لاحقا، وتمكينهم بعد المرور عبر تجربة مهنية، من العودة إلى المنظومة التربوية، و إتاحة إمكانية استكمال التكوين والعودة إلى المنظومة التربوية ، على امتداد الحياة المهنية، في اعتبار لحصيلة الكفايات والتصديق على مكتسبات التجربة المهنية.

كما يقترح التقرير ضرورة "المزاوجة بين برامج محاربة الأمية وبرامج التربية غير النظامية، وبين التكوين المهني، على نحو يمكّن من إدماج الوافدين من هذه البرامج، في الحياة العملية، بالنسبة للذين بلغوا السن القانونية للتشغيل، أو إعادة الإدماج في المنظومة التربوية، بعد وضع حصيلة كفاياتهم.

هندسة منتظمة

في هذا الصدد، يقترح المجلس اعتماد التكوين المهني ابتداء من التعليم الابتدائي من خلال الاستئناس بالأنشطة والأشغال التطبيقية واليدوية، وتيسير الانفتاح الأولي على مختلف المهن.
أما على المستوى الإعدادي فيقترح إدراج بُعدٍ تكويني ضمن المناهج الدراسية لهذا السلك، يستهدف توفير تحسيس أولي بالعالم الاقتصادي، وتعميق المعرفة بمختلف المهن، والعمل على جعل هذا التكوين عامَّا ومعمما على جميع المتعلمين(ات) بهذا السلك..
كما يقترح التقرير تمكين التلاميذ في وضعية انقطاع أو هدر مدرسي على مستوى التعليم الإلزامي، من الاستفادة من برنامج للتكوين التأهيلي، يخول لهم ولوج سوق الشغل.).

إلى ذلك، اقترح المجلس أن يتم تتويج المسار المهنيبالثانوي التأهيلي بالباكالوريا المهنية، والتي تلمكن حاملها من متابعة تكوينه بالتعليم العالي بالمسارات العامة، أو التقنية أو التكنولوجية أو المهنية. كما أنها تؤهله لولوج الحياة المهنية مباشرة، مع توفير إمكانية العودة إلى منظومة التربية والتكوين، واستكمال المسار الدراسي، لكل راغب في ذلك

كما يقترح المجلس أن تمنح الباكالوريا المهنية نفس الآفاق من أجل متابعة الدراسة التي تمنحها البكالوريا العامة؛ كما يمكن لحاملي الشهادات المهنية من مستوى الباكالوريا + سنتين (دبلوم التقني المتخصص؛ الدبلوم الجامعي للتكنولوجيا؛ دبلوم التقني العالي)، إما متابعة تكوينهم بالإجازة المهنية أو العامة، لمن توفرت له الشروط اللازمة لذلك، أو الولوج المباشر للحياة المهنية، وفي  حالة الفشل في الحصول على دبلوم جامعي، يمكن للطالب اللجوء إلى تكوين تأهيلي عال، يؤهله لولوج الحياة المهنية. هذا التكوين يفتح أيضا باب العودة لاستكمال تكوينه الجامعي.