محمد بابور.. كاتب يواجه "متلازمة الفومو" بـ"الجومو" وينادي بـ"الصيام الرقمي"

محمد فرنان

في عالم يموج بالمعلومات والضجيج، يصبح العثور على صوت مميز ونظرة ثاقبة تحديا كبيرا. لكن من حين لآخر، يطل علينا شخص استثنائي يعيد رسم حدود المعرفة ويلهمنا تواصله الرقمي.

محمد بابور هو أحد هؤلاء الأشخاص. أستاذ كيمياء مبدع، وكاتب ملهم، ومترجم متمكن، وصانع محتوى، نجح في دمج مجالات علمية وأدبية متعددة، ليثري المحتوى ويؤثر في الأجيال.

بابور أخرج إلى الوجود "كيمياء الحكمة"، وترجم من الإنجليزية إلى اللغة العربية مؤلف "أوريزون سويت ماردن" الحامل لعنوان "الفقر إعاقة ذهنية"، و"غير حياتك في سبعين يوما" باللغة الإنجليزية، و"حياة بلا واي فاي".

مواقع التفاخر الاجتماعي

في هذا الصدد، قال الكاتب محمد بابور: "أنشط على مواقع التفاخر الاجتماعي، ولا أسميها مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك أصدرت كتاب 'حياة بلا واي فاي'، وأدعو فيه إلى التنقية الرقمية، وأن يجلس الإنسان مع نفسه لسماع صوته الداخلي، لكي لا يتلوث بآراء وأفكار الآخرين".

وأضاف في حديث أجراه معه "تيلكيل عربي": "في هذه السنة، أصدرت أربعة كتب، عُرضت في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، أولها والأقرب إلى قلبي، 'حياة بلا واي فاي'، لأنه الوصفة السحرية التي جعلتني أكتب بهذه الوتيرة".

الصيام الرقمي

وجوابا على سبب ارتفاع إنتاجيته في سنة واحدة، أوضح أن "السبب هو الصيام الرقمي. تفاجأت حينما انقطعت عن مواقع التفاخر الاجتماعي أن اليوم لم يعد فيه 24 ساعة، بل أصبح 48 ساعة، وقت قليل وأنجز فيه الشيء الكثير، عكس حين كنت أتعاطى للمخدرات الرقمية".

عند سؤاله عن كيفية انقطاعه ولا زال يظهر لنا نشيطا في مواقع التواصل الاجتماعي، تابع: "الآن انتهيت، أخرجت أعمالي، لذلك بقي لي دور في التسويق، أنت تعرف الكتاب لن يسوق لنفسه، ذهب ذلك الزمان الذي كان الكتاب يتحدث عن نفسه".

وشدد على أنه "عشت أسعد أيام حياتي يوم انقطعت عن مواقع التفاخر الاجتماعي، شعرت أنني أفعل الشيء لا للآخرين ولكن لذاتي، تحررت من الرغبة في الظهور وإقناع الآخرين".

فلسفة الفصول

وفيما يتعلق بالحضور في العالم الرقمي، اعتبر أنه "بطبيعة الحال، هناك معضلة الحضور الرقمي. عظماء حاضرون فيزيائيا ولهم أفكار رهيبة ولكن غير معروفين في الإنترنت وغيابهم الرقمي يضرهم".

وأضاف حول كيفية الجمع بين فكرته التي تدعو إلى الانقطاع مع الحضور الرقمي: "أنا أدعو إلى التوازن، وفلسفة الفصول. هناك فصل سأتعاطى فيه لمواقع التفاخر الاجتماعي وأنشر مقالات وفيديوهات، ثم بعد ذلك أنعزل وأختفي. حياتي تكون بين غروب وشروق".

وذكر أنه "أعيش تجربة جديدة، اكتشفت، يمكن في منصة إنستغرام ويوتيوب وفيسبوك أن تبرمج المحتوى. أخصص أسبوعا لنشر ثلاثة من المحتوى، أختلي بنفسي في الغابات والمحتوى ينتشر لوحده، وأستمتع بعدة". وأكد أنه "عندي أوقات مقدسة أخرج فيها من دون هاتف، وحينها أتصل بذاتي لأعرف ما أريد بالضبط".

متلازمة "الفومو"

ونبه إلى أن "متلازمة الفومو (Fear of Missing Out) تطرقت لها في كتاب حياة بلا واي فاي، هو الخوف من أن يفوتك حدث أو خبر أو شخص أو فيديو، وعلاجها هو الجومو (Joy of Missing Out)، أي تصبح لديك متعة خاصة إذا فاتتك الأخبار الشائعة. حاليا أستمتع حينما يكون خبر يتصدر الترند ولا أعلمه، هذا شيء يسعدني".

العلم والآدب

وفيما يتعلق بعلاقة العلم بالأدب، أشار إلى أن "المتخصص في العلوم وليست له نظرة فنية وأدبية يعد ناقصا ولا يصلح أن يدرس. يجب على المتخصص في العلوم أن تكون له لمسة فنية وأدبية، كيف سيفهم النصوص العلمية وليست له خلفية في الأدب واللغة العربية، وفهم المعنى؟ بلا أدب لن يكون للعلوم معنى".

وأفاد أنه "أتعجب من الإشاعات التي تنتشر بأن الآداب ليس فيها آفاق والسمعة السيئة للآداب، هذا شيء يزعجني كثيرا. وأصحاب العلوم يتفاخرون كأنهم صعدوا إلى القمر، والسبب هو ضعف التوجيه في المغرب. يتوجه التلاميذ إلى تخصصات ليس حبا فيها ولكن خوفا، أتخصص في الأدب ليس حبا في الأدب ولكن خوفا من العلوم، هكذا أجني على نفسي والأجيال التي أدرسها".