أقر مجلس الشيوخ الإسباني، اليوم (الجمعة)، مقترحات الحكومة الإسبانية الرامية إلى التصدي لاستقلال إقليم كاتالونيا، تطبيقا للفصل 155 من الدستور، فماهي الإجراءات المرتقبة، علما أن برلمان كاتالونيا أعلن رسميا استقلال انفصال الإقليم عصر اليوم (الجمعة)؟
تسمي السلطات المركزية بإسبانيا القرارات التي تطبقها "إجراءات إعادة النظام الدستوري في كاتالونيا"، وتتضمن أساسا إقالة حكومة الإقليم، وإلغاء عدد من الصلاحيات التي تتمتع بها إدارات الإقليم في إطار نظام الحكم الذاتي، منذ 40 سنة، من قبيل أن تتولى السلطات المركزية الإشراف على جهاز الشرطة المحلية، ووسائل الإعلام العمومية في كاتالونيا، مع وضع برلمان الإقليم تحت الوصاية.
وقال ماريانو راخوي، الوزير الأول الإسباني، أنه مباشرة بعد إقالة الحكومة المحلية، ستتولى مهامها، "هيآت تؤسسها الحكومة الوطنية لهذه الغاية"، مشيرا أنه "مبدئيا ستقوم الوزارات المركزية بالإشراف على القطاعات التي كانت من اختصاص الحكومة المحلية ببرشلونة، طالما استمر هذا الوضع الاستثنائي"، الناتج عن تطبيق الفصل 155 من الدستور الإسباني.
وأجاز مجلس الشيوخ الإسباني كذلك، لماريانو راخوي، الوزير الأول، سلطة حل البرلمان الكاتالوني، والدعوة إلى انتخابات في الإقليم "خلال مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخ إقرار مجلس الشيوخ" الإجراءات، وهي السلطة التي تعتبر في الأحوال العادية من اختصاصات رئيس الحكومة المحلية للإقليم.
ولن يتوقف الأمر عند الوزارات المحلية، إذ أجاز البرلمان المركزي مقترحات حكومة راخوي، بمنحها سلطة تعيين وإقالة واستبدال كل الهيئات والكيانات التابعة لحكومة الإقليم، علاوة على جعل جهاز شرطة منطقة كاتالونيا، المسمى "موسوز ديسكوادرا" ويضم 16 ألف عنصر، تحت سلطة مدريد بشكل مباشر، وإذا تطلب الأمر، سمح البرلمان للحكومة باستبدال تلك العناصر، بـ"قوات أمن الدولة"، أي الشرطة الوطنية والحرس المدني.
وفيما يأتي ذلك بالنظر إلى أن الشرطة المحلية للإقليم معروف عن عناصرها مساندتهم للانفصال، تنضاف الإجراءات المذكورة، إلى قرار سابق، اتخذ في شتنبر الماضي، ويقضي بوضع أموال الإقليم تحت وصاية الدولة المركزية، في محاولة، لكن بدون جدوى، لمنع إجراء الاستفتاء حول الاستقلال الذي نظم في فاتح أكتوبر الجاري، رغم حظره من قبل المحكمة الدستورية الإسبانية.
وإذ تظل تلك العقوبة سارية المفعول، أجاز البرلمان للحكومة المركزية كذلك ممارسة كل الصلاحيات الممتعلقة بالمالية والميزانية والضرائب بالإقليم، لضمان ألا يذهب الأموال وعائدات الضرائب المحلية أو المبالغ التي تحولها مدريد إلى المنطقة، لتمويل جهود الانفصال.
وسيتولى ماريانو راخوي، وحكومته بمدريد، أيضا، مهام حكومة إقليم كاتالونيا، في مجال الاتصالات والخدمات الرقمية، بوضع اليد على مركز الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي يسيطر على جميع اتصالات الحكومة الكاتالونية وخدمات الانترنت فيها، علاوة على سلطة استبدال المديرين والموظفين المتمردين في الإعلام الرسمي الكاتالوني.
وأقرت الحكومة الإسبانية والبرلمان السيطرة على الإعلام العمومي بكاتالونيا، بمبرر "الرغبة في "ضمان نقل المعلومات الصادقة والموضوعية والمتوازنة والتي تحترم التعددية السياسية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى التوازن بين الأقاليم"، ما يجعل مدريد هي التي تقرر ما سيتم بثه عبر قنوات تلفزيونية كاتالونية شعبية، من قبيل "تي في3"، التي طالما اتهمت ببث معلومات منحازة لصالح الاستقلال.
بخصوص أنشطة البرلمان المحلي، الذي يتوفر فيه الانفصاليون منذ 2015 على أغلبية محدودة (72 مقعدا من أصل 135)، وأقر في شتنبر الماضي قانون تنظيم الاستفتاء، صار بإمكان الحكومة المركزية، في إطار تطبيق الفصل 155 من الدستور، تعيين "سلطة" مشرفة عليه، يكون أمامها 30 يوما للتحقق من أي مشروع قانون أو أي مبادرة برلمانية لن تتعارض مع الإجراءات المتخذة للسيطرة على كاتالونيا، مع إلغاء سلطته في تعيين خلف لرئيس الحكومة المحلية، بعد إقالته.
يشار إلى أن الفصل 155 من الدستور، سلاح ثقيل، لم يسبق أن تم اللجوء إليه قبل اليوم، وينص على أنه "إذا لم تحترم منطقة مستقلة الواجبات التي المفروضة عليها بموجب الدستور وباقي التشريعات، أو تصرفت على نحو يمس بالصالح العام لإسبانيا، تقوم الحكومة، بعد توجيه إنذار إلى رئيس الجهة المعنية دون أن يستجب، وبعد موافقة الأغلبية المطلقة في البرلمان، باتخاذ الإجراءات الضرورية لحملها على احترام واجباتها وحماية الصالح العام لإسبانيا".
عن أف ب