كان لوصول حزب العدالة والتنمية إلى عمودية فاس في شتنبر 2015، وقع خاص، بوضعه نهاية لتجربة في التسيير لها شهرتها على الصعيد الوطني، إذ كان يقودها حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال. واليوم يبدو من التقييم الذي يقدمه إدريس الأزمي الإدريسي، لأدائه في السنتين الماضيتين، أنه، وعلى غرار طنجة، وجد صعوبات مالية في طريقه، هو الذي كان وزيرا منتدبا مكلفا بالميزانية في الحكومة السابقة، فقال "إنجاز المشاريع وتطبيق الاختصاصات، يحتاج تعبئة الموارد المالية، وللأسف، وجدنا أنها محدودة".
وتعود تلك المحدودية، وفق عمدة فاس، إلى متأخرات الديون التي تقع على عاتق الجماعة، ويصل مجموعها إلى 125 مليون درهم، بعضها ناتج عن الأحكام القضائية الصادرة ضد الاعتداءات المادية للجماعة وعدم تطبيقها القانون بشكل سليم في نزع ملكية العقارات من أجل المصلحة العامة خلال الولايات السابقة، وأخرى متأخرات الأداء لفائدة شركات ومقاولات أنجزت أشغالا لفائدة مجلس المدينة، وكذلك واجبات استهلاك الماء والكهرباء من قبل المصالح الجماعية، وتراكمت منذ 2010.
ولكي يتفادى العمدة الجديد لفاس الحجز على مداخيل الجماعة أو حرمانها من نصيبها من عائدات الضريبة على القيمة المضافة، قال إنه "عمل على تسوية 30 مليون درهم من الديون التي لا يتجاوز سقف الدين الواحد منها 400 ألف درهم، أما البقية فقد تم إقرار اتفاقية مع المحكمة الإدارية على أن يتم أداء المستحقات وتنفيذ الأحكام على الجماعة بشكل تدريجي، بما لا يؤدي إلى أزمة مالية"، أما الشركات فـ"أدينا لها ما مجموعه 40 مليون درهم، باستثناء شركتين على خلفية تحفظات تقنية لدينا على الأشغال التي أنجزتها".
وفيما يقول الأزمي أنه انخرط في مشاريع وإستراتجيات لتنمية المداخيل الذاتية للجماعة من الجبايات المحلية، يضيف أنه على مستوى الاستثمار، من أبرز القرارات المتخذة، سعيه إلى إعادة تشغيل معمل "كوطيف" للنسيج بفاس، "إذ لحظة تسلمي لمهامي، وجدت أن المجلس السابق برمج بيع وعائه العقاري في الدقيقة الأخيرة من ولايته، فسارعنا إلى إيقاف ذلك، وقررنا العمل على إيجاد شريك من القطاع الخاص لإعادة تشغيل المعمل".
أما على مستوى السياحة "فقد خصصنا وعاءين عقاريين بثمن رمزي، ولكن العروض التي قدمت من قبل بعض الخواص حول المشاريع لا تلبي طموحات دفتر التحملات الذي وضعناه، ونحن بصدد إطلاق طلب عروض آخر"، كما يرى الأزمي، أن من أبرز النجاحات كذلك، الخط الجوي الجديد الذي يربط مراكش بفاس، إذ أن العاصمة العلمية تظل مدينة عبور سياحي، وكثير من زوار مراكش كانوا يجدون صعوبات في الوصول إليها، والآن فتح خط مباشر بين المدينتين بمعدل 3 رحلات مباشرة أيام الثلاثاء الجمعة والأحد.
ويعتبر عمدة فاس أن من نقط الضوء في حصيلته، التحسن في خدمات شركات النظافة، والنقل الحضري، سيما بإضافة 36 حافلة صغيرة تصل نقطا لم يكن يمكن للحافلات الكبيرة الحجم الوصول إليها، علاوة على رفع مستوى صيانة الانارة العمومية بـ20 نقطة ببلوغها نسبة 91 % في 2016، أي 16450 نقطة ضوئية، مقابل 11628 في 2015، و10136 نقطة إنارة عمومية في 2014، علاوة على الاستعداد لتخفيض كلفة فاتورة الانارة بـ40 %، باتخاذ قرار تأسيس شركة تنمية محلية مع الخواص، ستسهر على تدبيرها، وتكون الجماعة الترابية مالكة لـ51 % من رأسمالها.
ويقتنع إدريس الأزمي الإدريسي، في الحصيلة التي استعرضها أمام "تيل كيل"، أنه ركز على تعزيز خدمات القرب، وتشدد في التزام شركات التدبير المفوض بواجباتها وحقوق السكان والجماعة عليها، كما حرص في توزيع الدعم العمومي على الجمعيات والاحتضان المالي للأنشطة الفنية والثقافية، أن يكون وفق دفاتر تحملات، من أهم ما تقتضيه ألا تتركز الأنشطة في مركز المدينة أو فاس الجديدة، إنما أن تشمل كافة المقاطعات.
على الطرف الآخر، لم يشأ جواد حمدون، النائب السابق لحميد شباط في العمودية، أن يبدو معارضا شديدا للعمدة الجديد، فلمح إلى وجود استياء من إقدام الأزمي على إيقاف عدد من المشاريع التي برمجها المجلس السابق، ومنها مشروع خزانة كبيرة من 19 طابق، كانت ستضم مراكز فنية ومعاهد موسيقية ومركز للمؤتمرات، وقال "بشكل عام، من المفترض في كل جماعات المغرب، أنه عندما يأتي فريق جديد يجب أن يتمم المشاريع السابقة، وإذا بدا له أن يجب التراجع عنها، فعليه أن يخبر الرأي العام بالأسباب، فالأمر يتعلق بالشأن العام وليس مشاريع شخصية".