قبل أسابيع، نقلت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تخلص المزارعين من محصولهم من الكليمنتين، وقدرت الكمية التي تم التخلص منها بما بين 40 إلى 50 ألف طناً. قرار التخلص من المحصول، فسر على أنه "محاولة لضبط سعره الكليمنتين في الأسواق، والذي يتراوح ما بين 3 إلى 5 دراهم للكيلوغرام الواحد، ومنع انخفاضه ما دون ذلك".
"تيل كيل" طرح جملة من الأسئلة على المسؤولين في جمعية منتجي الحوامض، الذين عقدوا لقاء لهم الأربعاء 26 دجنبر الجاري، بمقر مؤسسة مراقبة وتنسيق الصادرات المستقلة. ومن بين ما طرحه "تيل كيل" خلفيات التخلص من المحصول؟ وهل القرار مرتبط بصعوبة التسويق؟ أم له علاقة مباشرة بتخوف المنتجين من تراجع حاد لسعر الكليمنتين في الأسواق؟ ومن يقوم تحديداً باتلاف الأطنان من المحصول؟
وفرة استثنائية للمحصول
من بين النقط التي تطرق إليها وزير الفلاحة عزيز أخنوش، خلال عرضه لنتائج مخطط المغرب الأخضر قبل أسبوع، مشاكل تسويق الحمضيات. وما إن أعلن الوزير ذلك، حتى بدأ المزارعون في التخلص من الأطنان من الكليمنتين.
في سياق، يربط رئيس جمعية منتجي الحوامض عبد الله جريد، "الأزمة" التي يعيشها قطاع الحمضيات بـ"المحصول الاستثنائي لهذا العام بفضل مخطط المغرب الأخضر".
وأوضح المتحدث ذاته، أنه منذ التوقيع على عقد برنامج 2008-2020 لهذا القطاع، تضاعف إنتاج الحمضيات في العشر سنوات الأخيرة، من 1,3 مليون طن في عام 2008 إلى 2,6 مليون طن في عام 2018، والهدف هو الوصول إلى 3 ملايين طن بحلول عام 2020.
صعوبة التسويق
وعن المشاكل التي واجهها المزارعون هذا العام في ما يخص التسويق، قال رئيس جمعية منتجي الحوامض، لـ"تيل كيل"، إن "الرفع من الإنتاج شيء، وتسويقه شيء آخر. خاصة أن الحوامض لها مدة صلاحية قصيرة نسبياً، في حين أن عدداً من العوامل أثرت على المحصول الزراعي".
وأَضاف عبد الله جريد، الذي يُعد من كبار منتجي الحمضيات بمنطقة سوس، أنه "من بين العوامل التي أثرت على محصول الكليمنتين هذا الموسم، التساقطات المطرية المهمة التي شهدها شهر أكتوبر الماضي، وكانت الحوامض ناضجة على الأشجار، بل وصلت إلى نسبة 100 في المائة، وبفعل الأمطار تشبعت الثمار بالماء وانتفخت وفي هذه الحالة لا يمكن توجيهها للسوق الخارجية".
كما أن الثمار، حسب المتحدث ذاته، "تحتاج أسبوعاً لعلاجها، و15 يوماً لنقلها، وبعد شهر يتم تسويقها، كما أن الكليمنتين يحتاج في المستوط 60 يوماً لقطفه، وكلها عوامل تؤثر على التصدير، خاصة بسبب تأثرها بالأمطار كما ذكرنا في السباق، بالإضافة إلى تضرر كميات من المنتوج بسبب الحشرات الضارة".
وطرح عبد الله جريد، كذلك مشكل المنافسة في الأسواق الأوروبية، بسبب دخول المنتجات الإسبانية في نفس وقت وصول المنتجات المغربية، ما صعب عملية التسويق للخارج، وصاحبت المنافسة الشرسة بدأ إضراب مهنيي النقل في المغرب أواخر شهر أكتوبر وبداية شهر نونبر المنصرمين، ما أثر على المحصول بأكمله، وتسبب في تأخير كبير في توزيع المحصول.
كليمنتين يبحث عن مشتر
كل العوامل التي جاءت سلفاً على لسان رئيس جمعية منتجي الحوامض عبد الله جريد، جعلت الكليمنتين المغربي يبحث عن مشتر، خاصة وأن المنتوج المغربي لم يعد يحتل مساحة كافية ومهمة في السوق الدولية، رغم أن صادرات الحوامض تدر ما يبلغ حوالي 3 مليار درهم سنوياً.
السوق الروسية، التي تمتص 35 في المائة من الإنتاج الوطني من الكليمنتين، أصبحت تفضل المنتجات التركية والمصرية الأقل تكلفة. كما يتناقص الكليمنتين المغربي في ألمانيا وفرنسا في مواجهة منافسة شرسة من المنتوج الإسباني. وأمام هذا الواقع، يشدد رئيس جمعية منتجي الحوامض، على أن هدف بلوغ 1.5 مليون طن من عقود تصدير الحمضيات بحلول عام 2020 لا يمكن تحقيقه. على سبيل المثال يقول، عبد الله جريد في عام 2018 تم تصدير ما يقرب من 700 ألف طن.
نتيجة لذلك، يضيف رئيسجمعية منتجي الحوامض، انهارت الأسعار في السوق المحلية، والتي تمثل 75 في المائة من الإنتاج. "المنتج قابل للتلف، والشجرة التي يجب إفراغها لإعداد محاصيل جديدة، يبيع المنتجون منتجاتهم بسعر 10 سنتيم أو 20 سنتيما للكيلو، في حين تبلغ التكلفة نحو 1.80 درهم. إذا كان الكليمونتين يمثل الموجة الأولى من الحصاد، فإن انخفاض الأسعار قد يؤثر أيضًا على الأصناف الأخرى، بما في ذلك نافيل ونور وسالوستيانا..." يوضح عبد الله جريد.
لماذا إتلاف كلمنتين؟
"من يتلفون المحصول، ليسوا منتجين، بل هي محطات التغليف" يقول رئيس جمعية منتجي الحوامض، دون تقديم المزيد من التوضيحات. ويضيف: "العرض على المحصول، كما قلنا سابقاً، هو ما بين 10 أو 20 سنتيما، ولم يعد تاجر الجملة يذهب إلى محطات التجميع لشراء المحصول بل مباشرة إلى المنتج".
ومع ذلك، فإن ما يقدر بـ 40.000 إلى 50.000 طن التي يتم التخلص منها، وفقًا لتقديرات جمعية منتجي الحوامض، لا تمثل سوى 6 في المائة من المحصول، الذي بلغ 800 ألف طن أنتجت هذا العام، هذا الوضع، يقول عبد الله جريد، مشابه للأزمة التي عرفها القطاع عامي 2008 و1997.
لكن لماذا يعتبر الكليمنتين مكلفا للغاية في الأسواق؟ بين المنتج والمستهلك النهائي، يتدخل الوسطاء، الذين يفرضون قيمة مضافة تصل إلى 300 في المائة على هذا النوع من المنتجات. يقول رئيس جمعية منتجي الحوامض.
ومن أجل إيجاد حل لهذه الأزمة، حسب مصادر "تيل كيل"، سيجتمع عزيز أخنوش بالمستثمرين في القطاع أوائل شهر يناير المقبل.
من أجل كسر هيمنة الوسطاء، يسعى المهنيون أيضا إلى تنظيم أنفسهم، بمساعدة من الدولة، ويستعدون لوضع قنوات توزيع بديلة، من خلال تأسيس التعاونيات أو مراكز البيع.