تجمع أكثر من مليونين من الحجاج، منهم 32 ألف من الحجاج المغاربة، الاثنين، عند صعيد عرفات عشية عيد الأضحى لأداء أهم أركان مناسك الحج، رافعين أياديهم إلى السماء ومرددين التلبية والتكبير.
ومع اشتداد الحر في الصباح، حمل الآلاف من الحجاج الذين ارتدوا ملابس الإحرام البيضاء وكانوا يرددون التلبية، مظلات تقيهم حرارة الشمس.
"شعور لا يوصف"
وقدر عدد الحجاج هذا العام بنحو 2,4 مليون حاج، بحسب الهيئة العامة للإحصاء في السعودية.
وتقول مصرية عرفت عن نفسها فقط باسم أم أحمد (61 عاما) إنها تؤدي فريضة الحج هذا العام بعد تقاعدها. وتضيف لوكالة فرانس برس مبتسمة "الشعور لا يوصف" موضحة أنها لن تصعد إلى أعلى قمة جبل عرفات مفضلة البقاء في الأسفل "هنا يكفي. فالسن له أحكامه".
لكنها أضافت "نحن هنا لنطلب الرحمة من الله. سأدعو لنفسي ولأولادي وللأمة الإسلامية".
أما الباكستاني جاي سليم (37 عاما) الذي صعد إلى أعلى جبل الرحمة مع زوجته، فقال أنه بكى عندما قام بذلك. وأضاف "الشعور رائع. لطالما رأيت هذا الموقع منذ طفولتي في الصور والتلفزيون". وتابع الرجل "هذا مكان مقدس لكل المسلمين في أنحاء العالم".
"مشقة عرفة"
وجلس بعض الحجاج للراحة بينما انشغل متطوعون بتوزيع قوارير مياه باردة عليهم.
وأمام لوحة صفراء كتب عليها بالإنجليزية والعربية "عرفات يبدأ هنا"، يقوم عمال بجمع قوارير مياه فارغة.
وقام بعض الحجاج بدفع أقاربهم المسنين على كراسي متحركة.
ويجلس باعة أمام منصات لبيع الفاكهة والقهوة وسجاجيد الصلاة، بينما تتواجد سيارات إسعاف قرب المكان. ومساء الأحد شهدت منطقة مكة سقوط أمطار غزيرة.
وقد ألقى النبي محمد خطبة الوداع قبل وفاته منذ نحو 1400 عام من جبل الرحمة أعلى نقطة في عرفات.
ويعرف العديد من الحجاج مشقة يوم عرفة خصوصا مع الوقوف ليوم في درجة حرارة تتجاوز الأربعين.
وقالت الاميركية آمنة خان "نعرف ما الذي ينتظرنا. نعرف أنها ستكون مهمة شاقة ولكن نحن جميعا هنا للتقرب من الله سبحانه وتعالى وليتم غفران ذنوبنا والدعاء لعائلتنا وأصدقائنا".
وصل الحجاج من مختلف بقاع الأرض لتأدية مناسك الحج في أحد أكبر التجمعات الدينية في العالم يجري في أجواء من الحر الشديد.
ويعد الوقوف في عرفة ذروة مناسك الحج.
وتمتد فترة الوقوف بصعيد عرفة إلى فجر يوم الثلاثاء وهو أول أيام عيد الأضحى. وسيؤدي الحجاج صلاتي الظهر والعصر جمعا بآذان واحد وإقامتين.
"حج ذكي" وتراجم لتفادي المشاكل
وبعد الوقوف في عرفة، ينزل الحجاج إلى منطقة مزدلفة في ما يعرف بالنفرة، ويجمعون الحصى فيها لاستخدامها في شعيرة رمي الجمرات. وفي اليوم الأول من عيد الأضحى، يقدم الحجاج الأضاحي ويبدأون شعيرة رمي الجمرات في مشعر منى.
ويشكل الحج تحديا لوجستيا كبيرا للسلطات التي أعلنت الجمعة أنها مستعدة لتأمين حسن سيره.
وأطلقت السلطات السعودية هذا العام مبادرة "حج ذكي" يتمثل بتطبيقات هاتفية تساعد الحجاج في كل شيء من الترجمة إلى الخدمات الطبية مرورا بمناسك الحج.
ووضع الهلال الأحمر السعودي تطبيق "أسعفني" لمساعدة الحجاج الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية عاجلة. وبامكان السلطات تحديد مكان الحجاج باستخدام التطبيق.
كما أطلقت وزارة الحج والعمرة تطبيق "مناسكنا" للترجمة للحجاج الذين لا يتكلمون العربية ولا الإنكليزية.
ويترافق الحج عادة مع تدابير أمنية مشددة، إذ تخللته خلال أعوام سابقة حوادث تدافع أودى أحدها بنحو 2300 شخص عام 2015، بينهم عدد كبير من الإيرانيين.
وبعد عامين من المقاطعة، عاد الإيرانيون إلى مكة العام الماضي. وقال أمير مكة خالد الفيصل الأحد إن عدد الحجاج من إيران بلغ 86 ألفا.
كما أشار إلى وصول 300 حاج قطري عبر الكويت لأداء المناسك.
ومر موسم الحج العام الماضي من دون حوادث كبرى، إلا أن الأزمة مع قطر ألقت بظلالها على الحدث الديني السنوي وتبادلت الرياض والدوحة الاتهامات بتسييس المناسك.