صدر لمحمد مصباح، رئيس المركز المغربي لتحليل السياسات، والزميل المشارك ببرنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في معهد تشاتام هاوس في لندن
كتاب رقمي جديد بعنوان "الجهاديون المغاربة: جدل المحلي والعالمي".
الكتاب، الذي صدر عن مركز الجزيرة للدراسات يحاول فهم سياقات اعتناق بعض المغاربة للتطرف الديني والالتحاق بالجماعات الجهادية المتطرفة.
ويقدم الباحث تفسيرا لظاهرة التيار الجهادي في المغرب يدمج العوامل العالمية بالبيئة السياسية والاجتماعية في المغرب.
ويرى الباحث أن ما يمكن تسميته بأدبيات المحنة للاسلاميين في مصر ساهمت في تغذية مخيال الاسلاميين في المغرب، ونجحت مشاعر الغبن واعطاء الاحساس بالظلم طابعا سياسيا وتهيئة بيئة لاحتضان فكر التطرف والعنف باعتبار ذلك ردة فعل على السلطات القائمة.
ويعتبر مصباح أن ولادة التيار الجهادي في المغرب، منتصف التسعينات لم تكن مجرد صدفة، بل هي مرتبطة أساسا بديناميات داخلية وخارجية معقدة، أهمها الانقسام الذي حصل داخل التيار السلفي المدعوم من السعودية بعد سماح هذه الأخيرة للقوات الأمريكية دخول أراضيها من أجل اخراج صدام حسين من الكويت، الشيء الذي اعتبره بعض السلفيين مخالفة شرعية.
أما السياق الداخلي، بحسب مصباح فيمكن فهمه من خلال عدة عناصر:
أولا: بفضل البيئة السياسية التي ميزت المغرب خلال سنوات التسعينات والتي تميزت بتحولات اجتماعية عميقة يقابلها عجز الدولة عن التكيف مع نتائج هذه التحولات، فعلى المستوى العام تمزت تميزت البيئة السياسية والاجتماعية الداخلية بعدة خصائص أبرزها أنها كانت تعبيرا عن تحول ديموغرافي ومجالي سريع، نتج عنه حركة تمدين سريعة بدون تخطيط مما أدى إلى تكدس الآلاف من المواطنين على هوامش المدن الكبرى في أحياء قصديرية شكلت مجالا لأحزمة الفقر والبؤس، وأيضا مجالا لانتشار الاجرام والمخدرات.
ويذهب مصباح أن هذا السياق المحلي وازاه ضعف على مستوى الأجهزة الأمنية، وعدم قدرتها على أداء وظيفتها الأساسية في توفير الأمن،و هو ما فتح المجال أمام السلفيين لتعويضها، مشيرا إلى أن السلفيين بدورهم استغلوا فترة الانفتاح التي ميزت السنوات الأخيرة من عمر الراحل الحسن الثاني وبدأوا في استيراد تجربة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية.
ويعتبر مصباح أنه في ظل هذه الأجواء بدأت تتشكل النواة الأولى للتيار السلفي الجهادي، الذي طرح نفسه كأطروحة مضادة لباقي التيارات الاسلامية وتوجيه النقد إليها.
من جهة أخرى، يرى مصباح أن فشل تجربة الاسلاميين في الجزائر بعد تدخل الجيش لالغاء الانتخابات ولد قناعة لدى التيارات الجهادية أن التغيير من داخل المؤسسات خيار غير فعال، وأن الطريق الأمثل هو العنف المسلح.