فجأة ودون سابق إعلان، قررت الدولة تغيير طريق تعاملها مع حراك جرادة. ما الذي حدث، ودفع الداخلية إلى إنزال قواتها وعتادها لمواجهة احتجاجات اعتبرت إلى غاية يوم الثلاثاء 13 مارس، تاريخ صدور بلاغ الداخلية، الذي أشهر حق السلطات في منع الاحتجاجات في المدينة؟
مصدر حكومي رفيع، رفض الإفصاح عن هويته، كشف في حديث لموقع "تيل كيل عربي" خلفيات صدور بلاغ وزارة الداخلية، ودواعي التعامل الجديد للسلطات مع الاحتجاجات في جرادة.
اتساع دائرة الاحتجاجات
المصدر ذاته، أوضح أن السبب الأول وراء قرار منع الاحتجاجات الذي تم اتخاذه في اجتماع حضره رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ووزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان يرجع إلى تنظيم متزعمي الحراك لمسيرة "نزوح" نحو مدينة العيون الشرقية، التي تبعد حوالي 50 كلم عن جرادة.
هذه الخطوة، بحسب المصدر، اعتبرتها الحكومة غير مقبولة، وقد تمس بالأمن والاستقرار، مضيفا أن نقل شرارة الاحتجاج إلى مناطق أخرى، وتحريض المواطنين لا يمكن التساهل معه.
مطالب مستحيلة التحقق
السبب الثاني، بحسب مصدر "تيلكيل عربي"، هو مطالبة المحتجين بمجانية الكهرباء، مبرزا أن رئيس الحكومة سبق أن أكد خلال استقباله لممثلي الإقليم خلال زيارته للجهة الشرقية استحالة الاستجابة لهذا المطلب.
وأوضح المصدر ذاته، أن الحكومة استجابت لعدد من المطالب بخصوص فواتير الكهرباء، بما في ذلك جدولة المتأخرات وإلغاء الغرامات واعتماد الفوترة الشهرية، لكن لا يمكن أن نستجيب لمطلب المجانية، وإلا فإن جميع المغاربة سيطالبون بذلك، وهذا غير ممكن، مشيرا إلى أن المعطيات التي تتوفر عليها الحكومة تؤكد أن 70 في المائة من ساكنة جرادة لا تتجاوز فاتورة الكهرباء بالنسبة لهم 50 درهما.
جهات تراهن على استمرار الاحتجاجات
أما السبب الثالث لقرار المنع، بحسب المصدر ذاته، فيعود لكون الحكومة استجابت لأغلب المطالب، وهو ما لقي تأييدا من قبل جميع ممثلي الساكنة من سياسيين ونقابيين، لكن بعض الجهات ظلت تراهن على استمرار الاحتجاج والتصعيد من أجل تحقيق مطالب غير مشروعة، مضيفا أن رئيس الحكومة طلب لقاء متزعمي الحراك خلال زيارته لمدينة وجدة، إلا أنه فوجئ بأنهم يطلبون حضوره للإقليم رفقة وزير الداخلية.
واعتبر المسؤول الحكومي أن "ما شهدته المدينة يوم الأربعاء الماضي من اعتداء على قوات الأمن وحرق سياراتهم غير مقبول، ولا يمكن أن نسمح به مطلقا تحت أي مبرر".
وأضاف "القوات العمومية تطبق قرارا حكوميا، ولا يمكن أن نسمح بالاعتداء على عناصرها، لكن تدخلها هي الأخرى مؤطر بالقانون، وإذا حدثت تجاوزات أثناء تدخلها يمكن محاسبتها، أما إذا سكتنا على الاعتداء على عناصرها وحرق سياراتهم فمن سيحمينا إذن؟ومن سيعمل على إعمال القانون؟"