تخوض مصر سباقا ضد الساعة لاستضافة بطولة الأمم الإفريقية 2019 كرة القدم المقررة بعد نحو خمسة أشهر فقط، إلا أن خبراء يتوقعون نجاح البلاد في تحدي احتضان المنافسة القارية التي ستكون الأكبر في تاريخ القارة من حيث عدد المنتخبات المشاركة وعهد الاتحاد الإفريقي للعبة الثلاثاء إلى مصر، باستضافة النسخة المقبلة المقررة بين 15 يونيو و13 يوليو، والتي ستشهد للمرة الأولى مشاركة 24 منتخبا بدلا من 16.
وإثر اجتماع للجنته التنفيذية في العاصمة السنغالية دكار، اختار الاتحاد القاري ("كاف") مصر على حساب جنوب إفريقيا، بعدما تقدم البلدان بطلب استضافة بدلا من الكاميرون التي سحب التنظيم منها في نوفمبر الماضي، على خلفية تأخر في أعمال البنى التحتية ومخاوف من الوضع الأمني.
1- الوقت
وفي تصريحات مباشرة بعد نيل الاستضافة، قال رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم هاني أبو ريدة للصحافيين في دكار، إن التحدي الأكبر سيكون "الوقت. ثمة عمل كبير للقيام به، لكننا قادرون على ذلك".
وأضاف "عندما استضفنا البطولة (للمرة الرابعة والأخيرة) عام 2006، حققنا نجاحا كبيرا. كانت بمشاركة 16 منتخبا في ذلك الوقت. الآن سيكون العدد 24، ونحن نعتقد بأننا قادرون على النجاح".
ويؤكد المسؤولون المصريون جاهزية البلاد للاستضافة على رغم الوقت القصير المتوافر أمامها للتحضير والتنظيم.
ويقول المتحدث باسم الاتحاد المصري للعبة أسامة اسماعيل "يجب أن نكون جاهزين شهرين قبل البطولة، وتاليا لدينا ثلاث أشهر".
ويضيف لوكالة فرانس برس "سيتم تشكيل اللجنة المنظمة للبطولة بالتعاون مع الجهات المعنية، مثل وزارة الشباب والرياضة، الأمن، ممثلي الاتحاد"، مشيرا إلى أن تفاصيل التنظيم ستتضح "في الأيام المقبلة".
2- الأمن
وإضافة الى عامل الوقت، يشكل الأمن تحديا أساسيا بالنسبة الى مصر التي شهدت بعض مراحل عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في الأعوام الماضية، إضافة الى هجمات تبنتها تنظيمات جهادية، ودفعت قوات الأمن الى إطلاق حملة عسكرية كبيرة في شبه جزيرة سيناء.
ومنذ "ثورة يناير" التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك مطلع عام 2011، عرفت البلاد سلسلة من أحداث العنف المرتبطة بكرة القدم، أبرزها "مذبحة بور سعيد" التي أودت بالعشرات في مطلع عام 2012.
وفي حين عززت السلطات الأمن حول الملاعب وحدت بشكل كبير من تأثير مجموعات المشجعين المتعصبين ("ألتراس") لاسيما لأكبر ناديين في البلاد، الأهلي والزمالك، الا أنها قامت أيضا بمنع شبه كامل لدخول المشجعين الى الملاعب، واست ث ن ي ت من ذلك مباريات الفرق المصرية في المسابقات القارية، ومع أعداد محددة ببضعة آلاف فقط.
وخففت السلطات في الأشهر الماضية من قيود حضور المشجعين، من دون أن تزيلها بالكامل.
وهي ليست المرة الأولى التي يضطر فيها الاتحاد الإفريقي للبحث في "اللحظات الأخيرة"، عن مضيف بديل لبطولته الأهم على مستوى المنتخبات. ففي نهاية عام 2014، أعلن المغرب انسحابه من تنظيم نسخة 2015 (كانت لا تزال تقام في مطلع العام) بسبب مخاوف من انتشار فيروس إيبولا. وآلت الاستضافة حينها الى غينيا الاستوائية.
واضطر الكاف لنقل نسخة 2013 من ليبيا الى جنوب إفريقيا، على خلفية الوضع الأمني بعد سقوط نظام الزعيم معمر القذافي قبل ذلك بعامين.
3- المؤهلات الفنية
وبحسب محللين، تمثل مصر، إحدى أبرز دول القارة على الصعيد الكروي مع سبعة ألقاب في البطولة، خيارا واقعيا للاستضافة نظرا لتمتعها ببنى تحتية وملاعب جاهزة، علما أنها تفوقت في التصويت على جنوب إفريقيا، البلد الوحيد في القارة الذي استضاف كأس العالم (2010).
وأتى الترشح المصري بعد إعلان المغرب الذي رجحت غالبية التقارير أن يكون المضيف بدلا من الكاميرون، عدم نيته التقدم للاستضافة.
ويقول الصحافي في موقع "يلا كورة" طارق طلعت لفرانس برس إن مصر وجنوب إفريقيا كانتا الوحيدتين القادرتين "على استضافة حدث بهذا الحجم".
وفي تصريحات سابقة، أشار أبو ريدة الى عزم مصر على الاستضافة في ثمانية ملاعب موزعة في أربع مدن هي القاهرة والإسكندرية والسويس والاسماعيلية. وألمح مسؤولون في الاتحاد المصري هذا الأسبوع الى احتمال إضافة مدينة خامسة هي بور سعيد ورفع الملاعب إلى عشرة.
ومن أبرز الملاعب المقترحة، استاد القاهرة الدولي الذي افتتح عام 1960 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بسعة تبلغ 75 ألف متفرج، وخضع لعمليات تأهيل عدة آخرها في عام 2018. أما الملعب الأكبر فهو استاد برج العرب في الاسكندرية، والذي يتسع لنحو 86 ألف شخص.
كما تتمتع مصر التي تعرف حركة سياحية نشطة، بسلسلة من الفنادق، إضافة الى مطارات دولية أهمها في العاصمة وقرب الإسكندرية، وشبكة مواصلات وطرق تربط بين المدن الرئيسية.
ويعتبر الباحث في الوضع الجيو-سياسي في الشرق الأوسط جيمس دورسي أن مصر "قادرة فنيا" على تنظيم أمم إفريقيا 2019.
ويضيف هذا الأستاذ في جامعة "اس راجارتنام" للدراسات الدولية في سنغافورة لفرانس برس "هذه فرصة بالنسبة الى الحكومة لتقدم حدثا مثيرا للاهتمام" للشعب المصري الذي عانى من صعوبات سياسية واقتصادية في الفترة الماضية، أبرزها تعويم الجنيه وتأثير ذلك على القدرة الشرائية.
وعلى المستوى الدولي، ستشكل البطولة فرصة للرئيس عبد الفتاح السيسي لتعزيز حضور البلاد وصورتها التي تتعرض لانتقادات من منظمات حقوقية على خلفية اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان.
ويقول دورسي "لا أعتقد أن (إقامة بطولة إفريقيا) سيحرف الأنظار عن الانتقادات الموجهة الى الحكومة المصرية".