يدعو محامون ووزراء إلى إعادة النظر في الظهير المنظم لتعويض ضحايا حوادث السير، على اعتبار أن مفعوله سار منذ خمسة وثلاثين عاما، ما يجعله غير مستوعب للتطورات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي أضحى غير منصف للضحايا.
ذلك ما تجلى من الندوة الدولية حول "تعويض ضحايا حوادث السير بعد 35 عاما من صندوق ظهير 2 أكتوبر 1984"، التي نظمتها هيئة المحامين بالدار البيضاء، بشراكة مع نادي المحامين بالمغرب، يومي فاتح وثاني نونبر الجاري، حيث التقت الآراء حول ضرورة العمل من أجل وضع قوانين جديدة، تعالج الحيف الذي يلحق ضحايا حوادث السير وتراعي السياق الاجتماعي والاقتصادي.
وأجمع المشاركون في الندوة على أن ظهير 48 الخاص بتعويض ضحايا المركبات ذات المحرك، لم يكن في صالح الضحايا، حيث يعتبرون أن الظهير ينطوي على الكثير من الإجحاف في تحديد الضرر، وطريقة حساب التعويض، والمسطرة القضايا والأحكام الصادرة.
وقد جاء الظهير من أجل تعويض النظام القائم على التقدير الجزافي للتعويضات الذي كان يمنح القاضي حرية واسعة في تحديده، حيث أن النظام الظهير أقام نوعا من المعايير حسب السن والدخل السنوي للضحية.
ويستند التعويض الذي يحكم به القضاء للضحية على معيار السن والدخل، حيث أن يأخذ بعين الاعتبار الدخل السنوي للشخص، إذا كان أجيرا أو مزاولا لمهنة من المهن، وفي حال عدم مزاولة لنشاط ما يتم تحديد التعويض بالاعتماد على الحد الأدنى للدخل.
ويتصور المحامي، عبد الكبير طبيح، بأنه حان الوقت من أجل إعادة النظر لتغيير الظهير الذي ينظم تعويضات حواث السير، على اعتبار أن السياق الذي كان وضع فيه قد تغير، حيث كان جاء في ظل الصعوبات المالية والاقتصادية التي كان يعرفها المغرب في الثمانينيات من القرن الماضي.
وأوضح أن الظهير جاء في ظل التحملات الكبيرة المرتبطة بقضية الصحراء والتقويم الهيكلي الذي أفضى بتدخل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى فرض إكراهات مالية على المغرب، مشيرا إلى أنه تم تغليب مصلحة شركات التأمين التي تساهم في تعبئة الادخار الوطني، حيث جرى التدخل في السلطة التقديرية للقاضي عند تحديد التعويض الذي جرى أنقاصه.
وأضاف طبيح أن السياق الذي وضع فيه الظهير راعى دور شركات التأمين في تعبئة الادخار في سياق التقويم الهيكلي الذي فرض على المغرب من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وشدد على أنه لا يجب الخلط بين ارتفاع عدد حوادث السير في المغرب والتعويض الممنوح للضحايا، حيث إن الأولى لا تبرر إنقاص الثانية، وذلك يشكل نوعا من الحيف في حقهم.
وأكد المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان، من جانبه، على أن التعويض الذي يوفر للضحايا وذوي حقوقهم لا يرقى إلى مستوى التعويض العادل، حيث يجب استيعاب التطورات التي عرفها المغرب.
واعتبر أنه يجب على الحكومة أن تنظر في إعادة النظر في ذلك القانون، مشددا على أن شركات التأمين يجب أن تكون طرفا في أي إصلاح يراد التوافق حوله في المستقبل.
ويشير الرميد إلى أنه، منذ تبني الظهير، لم يُعدل الحد الأدنى للدخل الذي يعتمد كأساس لاحتساب التعويض سوى ثلاث مرات من قبل وزارة الاقتصاد والمالية، حيث تم ذلك في 1985 و1986 و1998، ولم يتغير منذ عقدين من الزمن، مسجلا أن التعويض المعتمد في 1984 لا يمكن أن يكون نفسه في 2019.
ويؤكد مشاركون في الندوة على أن أربعة وثلاثين عاما في مجال التعويضات طويلة جدا، حيث كان يفترض إعادة النظر في القانون المتصل بالتعويضات عن حوادث السير بعد عشرة أعوام من سريانه، مشيرا إلى أن ما يتلقاه الضحايا أو ذووهم من تعويضات هزيل جدا ، حيث لا يتم استحضار تغير الظروف الاقتصادية.
ويتصور مراد العجوتي، نائب رئيس نادي المحامين، أن الحكومة والبرلمانيين يجب أن يقوموا بمجهود تشريعي من أجل إعادة النظر في الظهير المنظم لتعويض ضحايا حوادث السير، الذي لا يأخذ بعين الاعتيار الظروف الحالية، التي تتمير بارتفاع الأسعار ومستوى الحد الأدنى للدخل.