مفتشو حزب الاستقلال.. "وضعية خاصة" تثير أسئلة قانونية ومالية في تقرير مجلس الحسابات

محمد فرنان

ألقى تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تدقيق مالية الأحزاب السياسية لسنة 2023 بظلال من التساؤل حول الوضعية القانونية والمالية لمفتشي حزب الاستقلال والعاملين بالمفتشيات التابعة له.

ففي الوقت الذي أكد فيه الحزب أن هؤلاء ليسوا أجراء، سجل التقرير تحفظا يشير إلى "عدم إخضاع مفتشي الحزب وكذا العاملين بمختلف المفتشيات المنتشرة عبر التراب الوطني لقانون الشغل على غرار مستخدمي مركز الحزب، حيث لا يتم صرف سوى تعويضات وتكاليف النقل والكراء للمفتشين المذكورين".

هذا التحفظ يسلط الضوء على طبيعة العلاقة التي تربط الحزب بهذه الفئة من كوادره، وفي رده على هذه الملاحظة، أوضح حزب الاستقلال للمجلس الأعلى للحسابات أن "المفتشين ليسوا أجراء، ولا يوجد أي عقد شغل يربطهم بالحزب، وبالتالي، لا تنطبق عليهم أحكام قانون الشغل".

التوضيح الذي قدمه حزب الاستقلال يضع مفتشي الحزب وعاملي المفتشيات في خانة قد تختلف عن المستخدمين الرسميين الذين يتمتعون بعقود عمل وحقوق منبثقة عن قانون الشغل.

وعلى الرغم من هذا الرد، لم يغفل المجلس الأعلى للحسابات، في إطار توصياته العامة لحزب الاستقلال، التشديد على ضرورة "دعم صرف أجور المستخدمين والمنح والتعويضات المتعلقة بهم، بوثائق الإثبات القانونية كما تم حصرها في قائمة الوثائق والمستندات المثبتة لموارد ونفقات الأحزاب السياسية المحددة في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية (الملحق رقم 3)".

واللافت أن هذه الوثائق المطلوبة التي أشار إليها المجلس تشمل عقود العمل والعقود الملحقة، ونسخ بطاقات التعريف الوطنية، ومحاضر الشروع في العمل، وهي مستندات ترتبط عادة بالوضعيات التعاقدية الرسمية للمأجورين.

ولم يتوقف الأمر عند الجانب القانوني لعلاقة العمل، بل امتد ليشمل الجانب المالي والمحاسبي، إذ أشار التقرير إلى أن حزب الاستقلال، خلال سنة 2023، قام بتحويل ما مجموعه 4,818,600.00 درهم لفائدة مفتشيه على المستوى المحلي.

هذه المبالغ كانت مخصصة لتغطية مصاريف تتعلق بتعويضات المسؤولين عن المفتشيات، وشراء الوقود، وأداء نفقات كراء المقرات، والماء، والكهرباء، والهاتف، وغيرها من المصاريف.

الملاحظة المحورية التي سجلها المجلس هنا هي أن الحزب "لم يقم بتنزيل هذه العمليات في الحسابات المناسبة، حيث اكتفى بإدراج المبلغ الإجمالي المحول لكل مفتشية ضمن الحساب 614351 (مهام)، وذلك خلافا لمبدأ الوضوح المنصوص عليه في الدليل العام للمعايير المحاسبية والمخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية".

وفي معرض رده على هذه النقطة المحاسبية، أوضح حزب الاستقلال أنه "تم إدراج تعويضات المفتشين ونفقات كراء مقرات المفتشيات ضمن الحساب 614351، باعتبارها نفقات تابعة للمفتشيات، وذلك وفقا للمخطط المحاسبي".

وأعاد الحزب التأكيد على أن "مفتشي الحزب ليسوا أجراء، ولا تربطهم بالحزب أي علاقة تعاقدية خاضعة لقانون الشغل".

إن هذه المعطيات والملاحظات المتبادلة بين المجلس الأعلى للحسابات وحزب الاستقلال تفتح الباب أمام نقاش أوسع وعميق حول طبيعة العلاقة التي تربط الأحزاب السياسية ببعض كوادرها الميدانية، ومدى انطباق مقتضيات قانون الشغل على هذه الفئات.