مفكرون ومثقفون يتدارسون إحياء "كتلة الجابري"

الشرقي الحرش

هل الوطن العربي في حاجة اليوم إلى كتلة تاريخية، كما دعا إلى ذلك المفكر المغربي الراحل عبد الجابري سنة 1982؟ وهل العالم العربي والإسلامي في حاجة اليوم إلى كتلة تاريخية تجمع التيارات الفكرية والسياسية على اختلاف مشاربها حول مشروع للنهضة والانبعاث الحضاري؟ وما هي التحديات التي تواجه هذا المشروع؟تلك هي الأسئلة التي تشكل محور نقاش أزيد من أربعين مثقفا ومفكرا يمثلون مختلف الدول العربية في ندوة تنظمها مؤسسة عابد الجابري للفكر والثقافة على مدار يومي 26 و27 أبريل الجاري.

ضرورة بناء المستقبل

خلال الجلسة الافتتاحية للندوة، اعتبر محمد بن سعيد آيت إيدر، أحد أبرز مناضلي اليسار المغربي أن "الامبريالية وامتداداتها الصهيونية والأمريكية جعلتنا نبحث عن جواب لسؤال ما العمل؟"، لكن الاشكال بحسبه، أن "كل واحد منا يريد استقطاب الآخر، وكل منا متشبث بقناعاته بعيدا عن إعمال ولو نصيب قليل من النقد الذاتي"
وبحسب آيت يدر فإن المرحلة التي يعيشها العالم العربي تستدعي "تجاوز العواطف الجياشة، وأن نفتح النقاش الصريح لنؤسس المستقبل المشترك على قاعدة الوضوح، ودقة الأهداف المراد تحقيقها".

ويذهب آيت يدر إلى أن المغرب عرف في تاريخه تشكل كتلة تاريخية كما في تجارب العديد من شعوب منطقتنا من المحيط إلى الخليج، والتي كان من نتائجها تحقق الاستقلال من هيمنة الاستعمار"، معتبرا أن ذلك تحقق بفضل تكتل الجهود الوطنية من مختلف المشارب والرؤى، والتي كان يقودها الوعي الوطني بضرورة التحرر من هيمنة المستعمر"، مشددا على أنه "رغم الاختلافات فقد استطاع الوعي المبكر لدى جيل كامل من الشباب الوطنيين أن يخوض المعارك ويوجهها بتحالف واسع بين مكونات المجتمع ومراكز قوته بما فيها المؤسسة الملكية".

موازين القوى

من جهته، رأى المفكر الفلسطيني، منير شفيق أن تشكل كتلة تاريخية رهين بموازين القوى الدولية، مشيرا إلى أن نجاح أي فكرة هو رهين بمدى سماح الأوضاع الداخلية والخارجية بها.
واعتبر شفيق أن العرب لم يكن باستطاعتهم منع قيام دولة إسرائيل سنة 1948 بسبب الجيوش البريطانية التي كانت تحتل فلسطين، وكذا وجود أغلب الدول العربية تحت نير الاستعمار.

منير شفيق، ذهب إلى أن موازين القوى اليوم ليست في صالح إسرائيل، رغم ما قد يبدو، فالكيان الصهيوني، بحسبه، دخل مرحلة الشيخوخة ومرحلة الاستهلاك، وانهزم في أربع حروب متتالية، مشيرا إلى أن إمكانية تشكل كتلة تاريخية في فلسطين، خاصة في الضفة الغربية ممكن جدا لدحر الاحتلال.

كتلة تاريخية بدون اقصاء

إلى ذلك، دعا الكاتب اللبناني معن بشور إلى تأسيس كتلة تاريخية لتحقيق ما وصفه بالمشروع العربي النهضوي.
هذه الكتلة، بحسب بشور، يجب أن تضم جميع التيارات بمختلف مشاربها، بغض النظر عن مواقع أصحابها واختلاف عقائدهم.

وقال بشور "إن التجربة كشفت أن جميع التيارات في الدول العربية الإسلامية ارتكبت خطايا، وسعت إلى الاقصاء، بدل التكامل"، مشيرا إلى أن الصراعات التي نشأت كان هدفها سياسيا من أجل الوصول إلى السلطة.
مقابل ذلك، يرى بشور أن الكتلة التاريخية يجب أن تقوم على أساس الهوية والوحدة والديمقراطية، داعيا إلى الاجتماع على تحقيق هذه المبادئ.