مقبرة الشخصيات.. رئاسة أندية كرة القدم بالمغرب (TELSPORT)

أمينة مودن

كيف جنت الساحرة المستديرة على رؤساء أندية كرة القدم ودفعتهم لحجز تذكرة رحيل مبكر؟

لم تعد مهمة رئاسة الأندية الكروية في المغرب مجرد منصب للتسيير والوقوف على تفاصيل وحاجيات الفرق، بل تحولت إلى مغامرة محفوفة بالتحديات والمخاطر، تتجاوز حدود المستطيل الأخضر.

فبين التهديدات المباشرة، وحملات "ارحل"، ومطالب المناصرين الملحة، والتي تتطلب حلولا عاجلة لحل المشاكل الرياضية، تحولت المسؤولية إلى كابوس يلاحق رؤساء أندية كرة القدم، ويدفع عددا منهم إلى ترك المسؤولية بعد أشهر فقط من تسلمها، هروبا من العاصفة، أو بالأحرى بحثا عن الخروج بأقل الأضرار الممكنة.

"تعرضت إلى حملة ممنهجة تجاوزت جميع الحدود وتم تهديد سلامتي وسلامة أهلي وعائلتي".. بهذه الكلمات اختار عادل هالا، الرئيس المستقيل حديثا من رئاسة نادي الرجاء الرياضي (27 يناير 2025) رواية تفاصيل الضغوطات التي عاشها قبل وضع مفاتيح الرئاسة بين يدي العائلة الرجاوية.


هالا، وبكثير من الحسرة، تحدث عن الكواليس التي رافقت قرار استقالته قبل 10 أيام من الموعد الذي حدده بتوافق مع المنخرطين وباقي أعضاء مكتبه، وبصيغة الجمع العام الاستثنائي.

وتحولت، في وقت وجيز، الإشادات بهالا "المنقذ"، الذي تولى رئاسة النادي خلفا لمحمد بودريقة الموقوف من طرف الشرطة الألمانية بموجب مذكرة بحث دولية صادرة من المغرب، إلى تهديدات دفعته إلى الرحيل وطرق باب القضاء لمحاسبة المتورطين.

قصة عادل هالا لم تختلف عن الحكايات السابقة التي عاشها رؤساء أندية كرة القدم في المغرب، حيث تحولت حياتهم إلى كابوس، وتم خلط ما هو رياضي بالشخصي واستباحة حياتهم وتهديد عائلاتهم، كما أن فئة منهم تعرضت للتهديد بالتصفية، بسبب انتكاسة نتائج الفريق أو سوء تدبير مرحلة ما، ضمنهم رئيس المغرب التطواني عبد المالك أبرون، الذي قضى 13 سنة رئيسا للماط.

"أبرون غادي يموت".. العائلة تتدخل لحماية الأب

لم يكن عبد المالك أبرون أوفر حظا ممن سبقوه، كيف لا وقد تمت كتابة عبارة "أبرون غادي يموت" على أحد جدران أحياء مدينة تطوان.

دجنبر 2017، وفي ظل أزمة نتائج "الماط" وقبوعه في المركز ما قبل الأخير في سبورة ترتيب الأندية الوطنية، خرجت أصوات تُحمل الرئيس مسؤولية النتائج السلبية، لكن الأمر تحول من انتقادات مشروعة إلى فعل "إجرامي"، وتهديد السلامة الجسدية للمسير.

تهديد حمل في طياته الكثير من التفاصيل، وفتح الباب أمامه للتفكير في الرحيل وترك عبء المسؤولية لمن قد يخلفه.

وحسب المعلومات التي تتوفر عليها "TELSPORT"، فإن عائلة أبرون تدخلت بعد واقعة تهديده، والانتقال من مطالب رحيله إلى أمور أخرى، ليتم الاتفاق على مغادرته الرئاسة وهو ما حصل بعد أقل من سنة.

عبد المالك أبرون لم يغادر نادي القلب وانتهت القصة، بل إن فصول القصة لازلت ممتدة إلى الآن، لسبب وحيد وهو أن الفريق يدين للرئيس السابق بمبلغ 700 مليون سنتيم، وهي الأموال التي وضعها رهن إشارة "الماط" لفك الأزمات، وتمويل الصفقات.

وحصلت المجلة على معطيات، تؤكد أن الرئيس السابق أبدى مرونة للتنازل عن نصف ما هو دائن به للنادي، واضعا الخلافات والمشاكل التي رافقت خروجه من "الماط" جانبا، وكأنه يشير إلى أنه سيظل وفيا للعائلة التي قادها تسييريا لفترة ليست بالقصيرة.

إسماعيل الجامعي لـ"TELSPORT": واخا يعطيوني مال الدنيا لن أتولى مهمة رئاسة أي ناد

مرونة عبد المالك أبرون، وكيف استطاع أن يتجاوز دوامة الوعيد والتهديدات، ويعيد فتح يديه لتقديم المساعدة لفريقه، تختلف عن إسماعيل الجامعي، الذي قاد المغرب الفاسي لأربع سنوات، واختار الابتعاد نهائيا عن تسيير كرة القدم.

الرئيس السابق لنادي المغرب الفاسي، لم ينس بعد كواليس رحيله عن "الماص"، والأسباب التي كانت وراء تقديم استقالته، رغم ارتباطه الكبير بـ"الأصفر"..
في حديث لمجلة "TELSPORT" لم يخف المتحدث ذاته فخره بتولي المهمة التي وصفها بالصعبة في ظل التطورات التي تشهدها اللعبة في المغرب، وإرساء آليات تحويل الأندية من جمعيات إلى شركات رياضية وفق بروتوكول وشروط صارمة تفرضها الجهات الوصية على كرة القدم.

تردد الجامعي قبل الإجابة عن سؤال المجلة بخصوص ما عاشه في "الماص" وصولا إلى مطالبة الجماهير برحيله، قائلا: "تشرفت برئاسة نادي المغرب الفاسي، وحاولت الاشتغال بجميع الطرق الممكنة كما قدمت تضحيات مالية، لأن الأندية حاليا أنهت مع فترة الجمعيات وبدأ العمل بالشركات الرياضية وما يفرضه الأمر من تدابير تسييرية".

يقول إسماعيل الجامعي إنه طوى تلك الصفحة بتقديم استقالته وابتعاده بصفة نهائية عن التسيير: "واخا يعطويني مال الدنيا لن أعود لرئاسة أي فريق، فاليوم المهمة ليست بالسهلة وهناك عراقيل وتساؤلات مفتوحة لحدود الساعة بخصوص من يدفع برحيل هذا الاسم أو ذاك"، لكن الذاكرة لازالت تحمل تفاصيل فترة المسؤولية التي مرت بمد وجزر، ودبر خلالها واحدا من أعرق أندية كرة القدم في المغرب في ظرفية "كورونا" وغياب الموارد.

"رئاسة الأندية لم تعد Prestige بل هي عبء ومسؤولية كبرى على المسير، تأخذ من ماله ووقته وصحته، وقد يفاجأ في آخر المطاف بقيادة حملات ضده، تحمل أحيانا أبعادا خارجة عن الجانب الرياضي" كلمات نقل عبرها الرئيس الشاب جزءا من الكواليس.

"أكرم ارحل".. حملة دفعت رئيس الوداد الرياضي السابق إلى اعتزال التسيير

حملة استمرت قرابة السنتين، تلك التي لاحقت الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي، عبد الإله أكرم، لدفعه لتقديم استقالته والرحيل عن منصبه.
واجهات المباني في شوارع الدار البيضاء وأحيائها كانت شاهدة على تلك الحقبة، عندما حملت رسالة واحدة، وهي "أكرم ارحل"، هذه العبارة التي أخفت الكثير تحت طياتها، وكيف تم تنظيم الحملة واستمرارها لقرابة 24 شهراً، وإلى حين موعد الجمع العام الذي عرف نهاية ولاية الرئيس بطريقة طبيعية.

عبد الإله أكرم ظل، في خرجاته الإعلامية صامداً أمام أمواج الحملة العاتية، وقال إن من يقودها فئة فقط من الجماهير، وبتمويل وتخطيط من أعضاء يشتغلون بمكتبه.
ورغم أن أكرم كان حريصا على إخفاء الأثر النفسي للحملة عليه وعلى عائلته الصغيرة خلال تلك الفترة، والتأكيد على أنه صامد إلى حين موعد الجمع العام، رغم الضغوطات، فإن الأثر البعيد ظهر سريعا للعلن، عندما خرج الرئيس لتأكيد اعتزال التسيير.

كما تحدث أكرم، بعد نهاية تجربته رئيسا لنادي الوداد الرياضي، عن خيبة الأمل وكيف تمكنت حملة "أكرم ارحل" من قتل حب الوداد الرياضي بداخله.
وكان الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي حريصا على الدفاع عن نفسه، والتأكيد على أن الحملة لم تمثل جميع الوداديين في تلك الفترة، رغم تبنيها من طرف "الالتراس"، وتنظيم الأخير لوقفات احتجاجية لمطالبته بالتنحي عن منصبه بسبب مشاكل في التسيير، ورفع "التيفو" الشهير الذي لازال يتم تداوله في كل مرة يفتح فيها باب جهنم في وجه المسيرين.

البدراوي والمستنقع الافتراضي

تعددت الوسائل والنتيجة واحدة..

أقل من سنة على توليه مهمة رئاسة نادي الرجاء الرياضي، كانت كافية ليقرر بعدها عزيز البدراوي، أنه لم يعد قادرا على مسايرة الحملة التي انطلقت افتراضيا للمطالبة برحيله، ووصلت إلى المس بعائلته وتهديده.

في ماي 2023، أعلن البدراوي تقديم استقالته من رئاسة نادي الرجاء، والدعوة إلى عقد جمع عام استثنائي لتدبير المرحلة المقبلة، إلا أن هذه المعطيات أخفت وراءها حجم الضغط الذي عاشه والذي مس بعائلته.

سب وشتم وصل إلى بعث رسائل نصية، وأخرى عبر الحسابات الخاصة بأفراد عائلته بمنصات التواصل الاجتماعي، ومشاركة أرقامهم ومعطياتهم.

كما أكد الرئيس السابق للنادي أن سب والدته من طرف بعض الجماهير كان النقطة التي أفاضت الكأس وجعلته يرضخ للحملة، ويغادر بحثاً عن أقل الأضرار.

ولعبت الحملات الافتراضية دورا محوريا في إنهاء فترة البداوي رئيسا للرجاء، كما جاء على لسانه، والتي انطلقت من خلف الشاشات لتصل إلى المدرجات.

وسلط الرئيس الضوء على التضحيات المالية التي بذلها من أجل النادي لإنعاش خزينته وحل جزء من المشاكل الرياضية، إلا أنه اصطدم ببيئة قال إن لوبيات تتحكم في خيوطها، فكان الحل أمامه هو الرحيل، بسبب الأذى النفسي الذي طاله.

وضم البدراوي صوته إلى عدد من المسيرين الذين اختاروا أخذ قرار نهائي بالابتعاد عن محيط كرة القدم، بعد ما عاشوه، في حين أن فئة أخرى لازالت تقاوم الضغوطات، وتحاول الجمع بين مهمتها الرياضية وتدبير الأمور الشاذة التي قد تشكل عقبة أو تمهد طريقا صوب رفع راية الاستسلام.

عزيز البدراوي يوجد حاليا وراء القضبان، بتهمة المشاركة في استغلال نفوذ الغرض منه القيام بعمل يشكل جناية التبديد.

ماذا يقول القانون؟

فاروق مهداوي، الباحث في القانون والمحامي المتمرن بهيئة الرباط، قال في تصريح لمجلة "TELSPORT"، إن الحماية القانونية لرؤساء الأندية في العلاقة مع الجماهير المشجعة، هي حماية عامة شأنهم شأن سائر المواطنين.

وصرح المتحدث ذاته: "على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، الإشراف أو تولي مناصب من هذا الشأن له الكثير من الإيجابيات، لكنه يجلب في المقابل مجموعة من السلبيات ، ومن تجليات هذه الأخيرة الضغط الجماهيري الذي يمكن أن يصل إلى التهديد، وهو ما تعيشه فئة كبيرة من المسؤولين عن الأندية مؤخرا".

مهداوي أشار إلى أنه من المحمود النظر إلى هذه المسألة وسبل معالجتها بمقاربة توعوية وتحسيسية في البداية، لأن التشريع الجنائي هو تشريع جامد لا يمكن التوسع في تفسيره.

في المقابل، عاد المحامي للتأكيد على وضع أمر التهديد الذي يتلقاه رؤساء الأندية الرياضية من لدن المشجعين، تحت مجهر القانون الجنائي: "حيث نظمت الفصول 425-426-427-428-429 جريمة التهديد، مع العلم أن هذه الجريمة لها تعريف دقيق وتوصف بأنها عمل من أعمال العنف المعنوي ويتمثل في توعد شخص بسوء إما بأقوال أو بمكتوبات مجهولة المصدر أو معلومات، أو صور أو رموز أو علامات، ويمكن أن تكون التهديدات بسيطة أو مقرونة بأوامر أو شروط".

"بغض النظر عن صفة ضحية جريمة التهديد، يمكن إذا توفرت العناصر المكونة لهذا الفعل الجرمي أن يتابع مرتكبها بأحد الفصول المذكورة سلفا حسب تكييف أفعاله وجرمه، والسؤال المطروح هو: هل من المفروض أن يتطرق المشرع لهذه الحالة الاستثنائية من التهديد في القانون 09-09 المتعلق بالعنف المرتكب في الملاعب الرياضية، والتي كانت شاهدة منذ فترة طويلة على تلقي رؤساء الأندية لأنواع مختلفة من التهديد من لدن الجماهير الرياضية؟".

وتابع: "هنا المشرع أغلق هذه النقطة وتطرق لجريمة العنف داخل الملاعب الرياضية بصفة عامة، لكن يمكن اعتبار أن الفقرة الأولى من المادة 308-2 من هذا القانون قد أشارت إلى موضوع العنف عندما جاءت بعبارة "أي نوع اَخر من أنواع العنف والإيذاء"، وهي عبارة فضفاضة يمكن أن تؤول على الأساس المذكور أعلاه".

للإعلام نصيب من المسؤولية..

حملنا الغوص في تفاصيل "مقبرة" الشخصيات التي اختارت تقلد مسؤولية رئاسة ناد لكرة القدم، إما بدافع الحب أو الانتماء، أو بحثا عن تسلق سلم "الشو" والنجومية في حالات أخرى، لطرح تساؤلات على الإعلامي يوسف باصور، الذي تحدث عن مساهمة الإعلام، في خدمة قادة حملات التشهير والتهديد ولو بحسن بنية.

وأكد باصور لـ"TELSPORT"، أن دور السلطة الرابعة يتمحور حول نقل الحقائق المتعلقة بأداء رؤساء الأندية بكثير من الحياد، بعيدا عن أحكام القيمة التي تتوخى تقييم الأداء بشكل إيجابي أو سلبي، استنادا إلى قناعات شخصية وليست موضوعية، أو اعتبار الانتماء الصحافي وتشجيعه لفريق معين.

"بعبارة أخرى لا يجب على الصحافي أن يتقمص دور المشجع المتعصب أو حتى العادي، عند حديثه عبر وسيلة الإعلام التي يشتغل فيها عما يقوم به الرئيس من مهام تدخل في صميم اختصاصاته كساهر على تدبير شؤون الفريق، لأن الالتزام بالحياد ضروري لتفادي توجيه الرأي العام لتكوين قناعات بعيدة عن الواقع بخصوص أداء رؤساء الأندية".

وعن مسؤولية الإعلاميين في التعامل مع موضوعات حساسة تتعلق بأداء رؤساء الأندية بطريقة بعيدة عن التجييش، شدد المتحدث ذاته على أن مسؤولية الصحافي ثابتة بلا شك، بدليل التأثير السلبي لتعليقات وتحليلات وأراء بعض الصحافيين الرياضيين، بخصوص الأزمة التي يعيشها فريق الرجاء الرياضي حاليا على سبيل المثال.

وختم حديثه قائلا: "الآراء والتحليلات، التي حملت الرئيس المستقيل عادل هلا مسؤولية الوضع الحالي للفريق الأخضر تتحمل، بلا شك، جزءا من المسؤولية عن قيام مشجعين مجهولين بالتهجم على منزله، وترك رسالة تهديدية، عبارة عن جثة مزيفة ملفوفة في كفن في حديقته، وهي الواقعة التي تواصل الشرطة القضائية بولاية أمن الدار البيضاء تحقيقاتها لكشف ملابساتها وتوقيف المتورطين فيها".

وأعاد الإعلامي المغربي تقديم تفاصيل قصة عادل هالا التي لم تنته بتقديم استقالته من قيادة نادي الرجاء الرياضي، بل لاتزال خيوطها متشابكة لمحاسبة من هدد وخطط لزرع الرعب في عائلة ذنبها الوحيد كان تولي أحد أفرادها مهمة قيادة فريق لكرة القدم وليس شيئا آخر.

السجن أو الإفلاس.. المتلازمة الجديدة

رغم أن قصص توقيفهم بعيدة عما هو رياضي، إلا أن سقوط رؤساء أندية كرة القدم في المغرب بين يدي العدالة في قضايا غير متشابهة، فتح النقاش مجددا حول العلاقة بين الأمرين.

فبين قصة سعيد الناصيري، ومحمد بودريقة، والحيداوي الذي غادر السجن وعاد لممارسة مهامه رئيسا لنادي أولمبيك آسفي، تبرز تساؤلات عن مدى تأثير مثل هذه القضايا على استقرار الأندية وتسييرها، وهل يمكن للعدالة أن تلعب دورا في تصحيح المسار داخل هذه الأندية؟ أم أن تصاعد الصراعات بين أصحاب المصالح في محيط الرياضة يساهم في زيادة التوترات ويؤثر سلبا على مستقبل الأندية؟

مع استمرار هذه الأحداث، يصبح من الضروري إعادة التفكير في آليات المحاسبة والمراقبة، وفحص ما إذا كانت هناك حاجة ماسة لإرساء قواعد قانونية أكثر صرامة تضمن الفصل بين المسؤوليات الرياضية والجنائية، حفاظا على سمعة الأندية واستقرارها الإداري.

3 أسئلة لـ عبد الرحيم بورقية، سوسيولوجي وأستاذ باحث في علم اجتماع الرياضة

هل تعتبر الحملات الافتراضية والتجييش ضد الرؤساء عبر منصات التواصل الاجتماعي نوعا جديدا من "الشغب"؟

بالتأكيد هو شغب واستفزاز وعنف رمزي، يمكن أن يطلق شرارة المواجهات أو التحريض على ذلك دون أن يكون هناك تنفيذ، لكن في كلتا الحالتين يجب معاقبة المتورطين.

اليوم، التكنولوجيا حولت وساهمت في تطور أساليب التشجيع لدى الجماهير، التي أصبحت تدخل في أشواط إضافية من النقاشات أحيانا والملاسنات أحيانا أخرى، وهنا كل متدخل يمكن أن يذهب إلى أبعد حد في المواجهة الكلامية لحفظ ماء وجهه ووجه مجموعته وفريقه، وكل ما يصدر عنه يؤثر على النقاشات والتفاعلات بين مجموعته والمنافسين، "نحن'' ضد "الآخرين"، ويحول العنف والشغب إلى العالم الافتراضي وهذا كذلك مجرم.

وفي هذا السياق، يمكن تحويل الصراع من الافتراضي إلى الواقع، فشهر فبراير يصادف ذكرى واقعة بورسعيد عندما تم الزج بالحساسية بين جماهير المصري والأهلي عبر مواقع التواصل وتبادل الشتائم والتهديدات وتساهل الأمنيين ووجود بلطجية في صفوف مناصري المصري دخلوا الملاعب ولاحقوا اللاعبين، قبل التوجه إلى مدرج جمهور الأهلي والاعتداء عليهم وتصفية 72 مناصرا، في واقعة مؤسفة.

لذا يجب عدم استصغار المناوشات والتهديدات، والعمل على تحسيس الشباب، وحتى الكبار، بأن القانون يجرم هذا العنف اللفظي عبر وسائل التواصل.

هل يمكن اعتبار كرة القدم في المغرب مجالًا للصراع الاجتماعي والطبقي، وكيف يؤثر ذلك على الاستقرار الإداري للأندية؟

فعلا، كرة القدم هي مجال دائم للصراع، سواء الطبقي أو الاجتماعي، أو مجرد مصالح شخصية متضاربة بين المتداخلين.
إذا كان هناك تصور غير واضح وطريقة إدارة مبهمة وغير شفافة، يمكن أن يؤدي هذا إلى عدم الاستقرار، لكن ما نلاحظه هو الاستغلال والتلاعب بفئة من الجماهير لتصفية الحسابات، وهذا ليس بجديد، ويمكن أن أذكر كيف كان عدم الاستقرار سيد الموقف عقب تشبث رئيس سابق بمنصبه، مما دفع منافسه إلى إرسال بلطجية لترهيب اللاعبين والطاقم التقني لثنيه والتنحي عن الرئاسة.

ما هو تأثير الضغوط الجماهيرية على قرارات رؤساء الأندية المغربية؟

الجماهير دورها الأساسي هو دعم الفريق وتحفيز اللاعبين لتقديم أداء متميز، بالإضافة إلى الضغط على المسؤولين لتوفير اللاعبين الذين يساهمون في تحقيق النتائج المرجوة.

لكن، في بعض الأحيان، قد يكون الضغط الممارس على الفريق مبالغًا فيه، مما يضر بمصلحة النادي إذا كانت هناك مصالح متضاربة بين المسيرين وأعضاء المكتب، بمن فيهم الرؤساء الذين قد يتسببون في التأثير السلبي على الفريق.

العقلية السائدة لدى بعض الأشخاص ليست قائمة على المصلحة العامة أو التفكير الجماعي، بل تتسم بالأنانية والفردية، وهو ما يعكس نقصًا في النضج لدى بعضهم.
الجمهور في النهاية نتاج مباشر للمجتمع الذي ينتمي إليه، وكذلك الحال بالنسبة للمسيرين، ومن لا يستطيع تحمل المسؤولية تحت ضغط الجماهير، لا أعتقد أنه جدير بإدارة الفريق.

كما أن هذا قد يدل على وجود صراعات يتم فيها استغلال الجماهير كأداة للضغط، وهو ما نلاحظه في العديد من الأندية المغربية، ما ينعكس بشكل سلبي على الفرق الوطنية.