سجّل الأنثروبولوجي منتصر الساخي، أن "العلم ليس هو من يحدد السياسي بطريقة أوتوماتيكية، خاصة عندما تطغى على المعرفة هي الأخرى أزمة القيم، على غرار ما يحدث في الجامعات الغربية أمام المد اليميني والعنصري، والتقتيل الهمجي الاستعماري، وما يرافقه من صمت وتراجع للمثقف العضوي".
وأوضح الساخي في تصريح لـ"تيلكيل عربي" أنه "كما لا يمكن انتظار رافعة المعرفة في الجنوب، حيث تعيش وضعا جامعيا داخليا مأزوما، تعطله إدارة لا تسهل بناء مؤسسات معرفية مرتبطة بالإصلاح والتغيير".
وأبرز رئيس اللجنة العلمية للجامعة الربيعية التي انطلقت، أمس، في الجديدة، أن "الجامعة امتداد لأزمة التعليم البنيوية، وهي أيضا بداية لانتشار تخصصات تساهم في إعفاء الضمير المهني (أي العالم) من الانخراط في قضايا التغيير السياسي".
وشدد على أنه "من الواجب على السياسي أن يحرك المياه الراكدة في بيت المعرفة، ويدعوها إلى الخروج من قاعة الدرس ومن دهاليز البحث الأكاديمي المغلق، الذي لا يقرؤه أحد، ما دام لا يرتبط هو نفسه بأوجاع المجتمع وباللحظة التاريخية".
ولفت إلى أن "إخراج المعرفة نحو الفضاءات العمومية، والمساهمة في بناء هذا الفضاء العمومي الجديد، الذي يطرح قضايا الراهن الحارقة والمستقبل المعقد، يستوجب تنسيقا مسؤولا بين السياسي والعالم".
وأشار إلى أن "هذه التجربة، وفي نسختها الأولى، تسعى إلى إحياء تلك العلاقة المهمة بين السياسي المتحلي بالشجاعة المسؤولة، القادر على استشراف المستقبل وسط الأزمات، وبين العالم والمثقف المسؤول أمام الناس وأمام التاريخ؛ أي العالم والمثقف الذي يجب أن يخدم السياسة أيضا".
وذكر أن "المثقف عليه أن يضع السياسي أمام مسؤولياته، من خلال الاجتهاد والعمل على توضيح الرؤية، أي أن يكون باحثا في آليات التخلف والتفكك والتسلط، ثم يعمل على بلورة أدوات الإجابة من خلال السياسات العمومية وتقييمها".
وأوضح أنه "نحن نسعى داخل اللجنة العلمية إلى طرح هذه العلاقة المركبة داخل الحزب، والدفاع عن التكامل بين السياسي اليساري النقدي والعالم، من أجل خدمة مسألة الديمقراطية، ودعم الحركات الاحتجاجية والنقدية الضاغطة على محاور السلطة".
انطلقت، أمس الجمعة بمدينة الجديدة، فعاليات الجامعة الربيعية التي تنظمها فيدرالية اليسار الديمقراطي، تحت شعار "إعادة التفكير في الديمقراطية: على ضوء الحراكات الاجتماعية والفكرة الديكولونيالية".