قال المؤرخ والأكاديمي، المعطي منجب، في تعليقه على بلاغ النائب الأول لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، بشأن منعه من السفر: "اشتكيت في تصريحاتي من أني متابع منذ سنين طويلة، ومحروم من حقوقي الأساسية، بما فيها العمل كأستاذ جامعي، ومن حقي في التنقل، وهذا تجاوز للقانون، فما كان من البلاغ الرسمي إلا أن قال بعظمة لسانه إن التحقيق ليس له تحديد في الزمن، غريب هذا الاستهتار بالقانون وبحقوق الناس! فهناك أولا قرار استرشادي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يقول بأن المحاكمة لا يمكن أن تتجاوز حدودا زمنية معقولة، وأنا، فيما يخص المتابعة الأولى، فقد بدأت سنة 2015 ولم ينهها إلا العفو الملكي منذ أشهر".
وأوضح المتحدث ذاته، في تدوينة له، أن "العفو يشمل إرجاعي للعمل، فإني لا زلت إلى اليوم، رغم طلباتي الكتابية والشفوية، محروما من عملي وأجري".
لم أبيض أية أموال
وتابع: "إنني موضوع تحقيق مصحوب بالمراقبة القضائية، ومنها المنع من السفر، وعقل منزلي، وعقل حسابي البنكي، والمراقبة القضائية لا يمكن (حسب الفصل 160 وما يليه من قانون المسطرة الجنائية) أن تتجاوز بحال من الأحوال سنة واحدة، نفهم الآن لماذا البلاغ تحاشى الإشارة إلى هذه الفصول التي تحدد وتفسر إجراءات المراقبة القضائية التي أنا موضوعها، وإلا فكيف يعقل أن يحجز منزل وحساب بنك مواطن إلى الأبد؟ يا هؤلاء، اتقوا الله والقانون، فالظلم ظلمات!".
وأشار إلى أن "الأخطر أنها تقول بأني موضوع تحقيق بشبهة ارتكاب جريمة تبييض الأموال. قبل أن أرد في جملتين قانونيا، أنتفض معنويا ضد هذا التشهير الذي لا يحترم قرينة البراءة، ولا سمعة المتابع الذي هو أنا. أما قانونيا، فكما قلت أعلاه، هذه المغالطة أخطر من الأولى. لماذا؟ لأنه، وحسب القانون الجنائي في فصول عديدة وخصوصا الفصل 574، غسيل الأموال...".
وتابع: "أقول إن هذا الفصل 574 يشير إلى أن غسيل الأموال جريمة تابعة، أي أن الأموال المبيضة يجب أن تكون محصلة من إحدى الجرائم التي يحددها القانون، وهي: المتاجرة في المخدرات، الاتجار في البشر، الاتجار في الأسلحة، وجرائم خطيرة أخرى، وأن يكون قد صدر (وهذا هو المهم) حكم قضائي نهائي يدين المتقاضي بارتكاب هذه الجرائم أو بعضها. وهذا لا ينطبق على حالتي، فأنا متابع وكأن غسيل الأموال جريمة أصلية، مع أني لم أبيض أية أموال، مهما كان نوعها أو صفتها".
اقرأ المزيد: منع منجب من مغادرة التراب الوطني.. نائب وكيل الملك يؤكد ما نشره "تيلكيل عربي"
المنع من السفر
ومن النقط التي رد عليها هو "قول البلاغ إن منعي من السفر قانوني. أبدا، فقانون المسطرة الجنائية يفرض أن أخبر في جلسة بالمحكمة بهذا الإجراء شفويا من لدن القاضي، وأن تسلم نسخة كتابية منه لطاقم الدفاع إذا طلبها. وفي الواقع، لم يحدث شيء من هذا، لأني لم أستدع من لدن قاضي التحقيق منذ يناير 2021".
وذكر أنه "من حيث شكليات القانون، وهي مهمة، أما في العمق، فإني لم أقم لا بجريمة غسيل الأموال الفرعية، ولا بأية جريمة أصلية تقف وراءها. الحاصول، وما فيه، أنا غادرت البلاد أول مرة منذ عدة عقود، لما كنت مطاردا من لدن البوليس السياسي، أنا ورفيقي المرحوم عبد الحق شباضة، كمناضلين قاعديين. ولما رجعت إلى البلاد بعد العفو الملكي الشامل الذي أصدره الملك الراحل الحسن الثاني عن المنفيين، تم اعتقالي رغم العفو. كما أني الآن موضوع تهم جديدة رغم العفو الجديد للملك محمد السادس. يبدو هذا قدري المحتوم، وللإشارة، فقد كنت الوحيد من المنفيين العائدين الذي اعتقل بعد صدور عفو الملك الحسن الثاني عن المنفيين والمعتقلين".
وأورد أن "اختصاصي وكتاباتي هي التي جلبت لي هذا الشر. أنا متخصص كمؤرخ سياسي في الصراع على الحكم بالمغرب، فهذا موضوع أطروحتي الأولى، وما أقول وما أكتب لا يروق للسلطة. فقد منعت كتبي وكتاباتي التي صدرت بفرنسا أو الخارج خلال التسعينيات، ولا زالت ممنوعة إلى اليوم".
ولفت الانتباه إلى أنه "سأصمد وأمشي في طريقي مطمئن البال، فخورا بنقاء ذمتي وسريرتي، سأمشي رافعا رأسي، بقامة مستقيمة، فلست من الرخويات الخاضعة لظلم المخزن أو المستفيدة من ريعه، والتي يصيبها الخرس عند وجوب قول الحق، فأولا، نظرا لعمري، لا يمكن أن أغير اختصاصي اليوم، وثانيا، أنا أحب هذا الاختصاص الذي يتيح أن أقول الحقائق التي تفضح ظلم وفساد بعض الظالمين الذين يحكموننا، ولا أعمم، فهذه الطمأنينة التي تمتلك كل جوارحي، تتيح لي أن أعيش سعيدا، ثقوا بي، أحبائي، إذا قلت لكم: ليس هناك سعادة أكبر من راحة الضمير، ضميري مرتاح، لأني لا أترك الناس المناضلين في ساحة الوغى وحدهم، من ظلم أو اعتقل أدافع عنه، ومن اغتيل أو عذب أو اضطهد في التاريخ الحديث، فأنا وفي له بقول الحقيقة عنه، وليكن ما يكن".
اقرأ المزيد: المنع من مغادرة التراب الوطني.. مجلس حقوق الإنسان يستقبل المعطي منجب