قررت نبيلة الرميلي، رئيسة مجلس مدينة الدارالبيضاء، إعادة منح رخص حراسة السيارات من جديد، بعدما كانت قد أصدرت قرارا بتعليق هذه الرخص، في 10 يناير الماضي، في خطوة تهدف إلى تنظيم هذا القطاع.
وفي هذا السياق، أفاد الهزيتي محمد أنوار، الخبير في التنمية الترابية والإصلاح الإداري، وعضو المعهد الدولي للعلوم الإدارية، في تصريح لموقع "تيلكيل عربي" اليوم الجمعة، أنه لا بد من الإشارة إلى أن الجماعات تتوفر على نوعين من الأملاك: الملك الجماعي العام المؤطر بقواعد القانون العام، والملك الخاص الجماعي، المؤطر بالقانون الخاص.
وأوضح الهزيتي أنه إذا كان من حق الجماعات إحداث مواقف للسيارات في ملكها الخاص، وتدبيرها وفق ما هو مخول لها قانونيا حسب القانون التنظيمي، ووفقا للمادة 94: تدبير ذاتي، كراء أو عن طريق شركات التنمية المحلية، فإن إحداث مواقف السيارات في الملك الجماعي العام يدخل في إطار مسطرة احتلال الملك العمومي المؤقت.
وأشار الهزيتي إلى أن المادة 100 من القانون التنظيمي نفسه تخول لرئيس مجلس الجماعة صلاحية منح رخص احتلال الملك العمومي دون إقامة بناء، وذلك طبقا للشروط والمساطر المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
كما أبرز أن ما يقع في عدة جماعات، وخاصة في المدن الكبرى كالدار البيضاء، يطرح تساؤلات عدة في إطار منح الرخص ثم المراقبة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه من المتعارف عليه أن إيجار مواقف السيارات والدراجات من طرف الجماعات يكون بناء على دفاتر تحملات مصادق عليها من طرف المجلس في إحدى دوراته، ومؤشر عليه من طرف عامل العمالة أو الإقليم.
وكشف أن تدبير مواقف السيارات يمنح بثلاثة طرق، عن طريق طلبات العروض لمدة معينة مقابل مبلغ مالي محدد، وفي هذا الإطار تشغل الشركة عمالا لاستخلاص واجب الوقوف المحدد من طرف الجماعة، أو عن طريق شركات للتنمية المحلية تحدثها الجماعات خصيصا لتدبير هذا المرفق، أو عن طريق أشخاص ذاتيين يديرون جزءا من الملك الجماعي العام بصفة مؤقتة مقابل إتاوة سنوية للجماعة.
واستعرض موضحا أن استخلاص الرسوم المتعلقة بوقوف العربات وإيجار مواقف العربات الواقعة على الملك العمومي الجماعي مؤطر فقط بمادة ضمن مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات؛ وهي المادة 100 التي تشير إلى أن رئيس مجلس الجماعة له الاختصاص في اتخاذ قرارات تنظيمية من أجل تنظيم شروط وقوف العربات المؤدى عنه بالطرق والساحات العمومية والأماكن المخصصة لذلك من قبل الجماعة.
وأضاف أن هناك ضعفا كبيرا من الناحية القانونية في تدبير وقوف العربات في الطرقات الجماعية، وهذا ما جعل سؤالا كبيرا مطروحا حاليا وهو: هل تدبير مواقف السيارات المحدثة على الأملاك الجماعية العامة يدخل ضمن شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا؟ الجواب: لا، وذلك بناء على القانون رقم 30.89 المتعلق بنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها.
واستطرد قائلا: إن شغل الأملاك الجماعية بصفة مؤقتة يضم الأصناف التالية: شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا لأغراض ترتبط بالبناء؛ شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا لأغراض تجارية أو صناعية أو مهنية؛ شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا بمنقولات أو عقارات ترتبط بممارسة أعمال تجارية أو صناعية أو مهنية.
واسترسل قائلا: إن ما قامت به رئيسة جماعة الدار البيضاء والمجلس من توقيف كل الرخص لتدبير مواقف السيارات للأشخاص الذاتيين كان ضروريا، أولا، تبعا لاستعداد الدار البيضاء لاحتضان تظاهرات دولية كبرى، وثانيا، لمعالجة بعض الظواهر الشاذة التي كانت منتشرة بشكل كبير.
وقال الخبير إن وجود العديد من حراس السيارات بدون رخص قد تترتب عليه مساءلة جنائية. وكذلك استغلال صاحب الرخصة للطرقات خارج نطاق الطرق والساحات المنصوص عليها في الرخصة وغياب تشوير يبين المواقف الخاضعة للأداء والأسعار، وفرض سعر يفوق ذلك المنصوص عليه في الرخصة، وأيضا احتلال بعض الشركات والمتاجر للملك الجماعي العام بوضع علامات تشوير أو صباغة الطرق بطريقة غير قانونية.
وتساءل الهزيتي، بخصوص تراجع رئيسة المجلس الجماعي للدار البيضاء عن قرار سحب الرخص بعد فترة وجيزة، هل هناك دفاتر تحملات جديدة تضبط تدبير رخص مواقف السيارات؟ هل هناك مساطر جديدة متعلقة بالمراقبة؟ هل هناك عملية واسعة لتعميم أسعار الوقوف؟ أم إن قرار الرئيسة هو فقط ضرورة اجتماعية لإسكات غضب الآلاف من حراس السيارات؟ وهذا لا يمنع من تقنين هذا النشاط وضبطه.
هذا، وقد وجهت رئيسة مجلس المدينة، نبيلة الرميلي، مذكرة إدارية إلى رؤساء المقاطعات، بخصوص "عدم منح أو تجديد الرخص الفردية المتعلقة بحراسة السيارات والدراجات والعربات" في الشوارع والأزقة والساحات العمومية.
وفي السياق ذاته، أفاد محمد بوجيدة، خبير في القانون الإداري، قائلاً: "إن الحراسة تقتصر على الملك العمومي، حيث إن الطرق والساحات تصنف ضمن الأملاك العمومية التابعة للجماعات. وبالتالي، لا يجوز منح رخص الحراسة على هذا الملك العمومي، مما يعني أن هذه الرخص تفتقر إلى أي سند قانوني. أو أنها مجرد ممارسات قديمة، وللأسف، ما زالت منتشرة حتى اليوم رغم عدم مشروعيتها".
وأضاف بوجيدة، قائلا بما أن الرخصة الخاصة بالحراسة تفتقر إلى أي سند قانوني، فإن الحراسة تُعتبر ممارسة عشوائية وغير قانونية. وبالتالي، لا يمكن استخلاص أي إتاوة أو مبلغ مالي بناءً على رخصة غير مشروعة، إذ لا يوجد أي أساس قانوني لهذا الإجراء.
واستطرد قائلا: بل على العكس، إذا قام شخص ما بمواصلة هذه الممارسات، يمكن متابعته بتهمة "جريمة الغدر"، المنصوص عليها في القانون الجنائي، حيث يعاقب "كل من استخلص مبلغا ماليا بشكل غير قانوني" باعتبار ذلك جريمة تستوجب المحاسبة.
وأشار بوجيدة، كذلك، إلى أن بعض الجماعات تقوم بمنح مثل هذه الرخص، مما يؤدي في النهاية إلى خلق العديد من المشاكل. فالرخص، إذا لم يكن لها أي سند قانوني، لا يجوز منحها بأي حال من الأحوال، لأنها تفتقر إلى الأساس القانوني الذي يبرر إصدارها.
واختتم حديثه قائلا: إنه "من الممكن متابعة الشخص المعني، حيث إن الجماعة قد تخطئ أحيانًا عند منح الرخصة، مما يجعل الشخص الذي يقوم بالحراسة يعتقد أن له سندًا قانونيًا، في حين أن الحقيقة هي أن الجماعة قد أخطأت. لا يمكن لأي جهة منح رخصة لا تستند إلى النصوص القانونية، وهذه مجرد ممارسات قديمة تفتقر إلى الأساس القانوني".