أجمعت مشاركات في لقاء تقديم مؤلف حول "فاطمة المرنيسي ..النوع الاجتماعي والثقافة والسياسة بالشرق الأوسط" الصادر مؤخرا باللغة الإنجليزية، على أن توحيد الحركة النسائية والعمل مع ساكنة المغرب العميق، والتحولات الجيو استراتيجية أبرز اهتمامات الراحلة المرنيسي الباحثة في علم الاجتماع التي نالت شهادة الدكتوراه في الفلسفة من إحدى الجامعات الأمريكية.
وأضافت المتدخلات في هذا اللقاء الذي أدارته نجاة الزراري المنظم يوم أمس السبت 19 أبريل الجاري في إطار فعاليات البرنامج الثقافي لمجلس الجالية المغربية بالخارج بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، أن التحولات المجتمعية ولاسيما ما يتعلق بتغلغل التطرف و العنف في أوساط الشباب، شكلت أيضا جوانب من انشغالات فاطمة المرنيسي المثقفة العضوية التي كانت تستعمل سلطتها المعرفية والاعتبارية و الرمزية لخدمة الناس والسعي لتأطيرهم وتنظيمهم. كما أشارت المشاركات إلى أن فاطمة المرنيسي صاحبة مؤلف "ما وراء الحجاب" كانت تتميز بحدس مميز مكنها من استكشاف أجود ما يتمتع به الآخر من خصال و تعمل على تثمينها، انطلاقا من نظرتها الدائمة الى نصف الكأس الممتلئة.
وفي هذا السياق، قالت الناشرة ليلى الشاوني، إن تعاونها مع فاطمة المرنيسي، في مجال نشر انتاجاتها الفكرية كان شرفا لها، وساهم في جوانب منه في دمقرطة الولوج إلى القراءة ونشر الكتب بحرصها على توفير طبعات شعبية، بهدف ترويجها بأسعار زهيدة و متاحة للفئات ذات الدخل المحدود موضحة أن الكتابة - كما كانت تقول المرنيسي - يمكن أن تكون أداة لنضال سلمي لإحداث التغيير، وهو ما ترجمته قيد حياتها عبر تنظيم ورشات للكتابة لفائدة الطالبات والطلبة وربات البيوت كذلك، علاوة على مساهمتها الفعالة في إسماع صوت الراحلة عائشة الشنا المدافعة عن حقوق الأمهات العازبات والتي كانت تؤكد بأنها لست كاتبة و لكن لديها ما تقوله.
أما الناشطة الحقوقية ربيعة الناصري ، فذكرت بأن المرنيسي التي كانت لا تحبذ أن يتم التعامل معها بالتمجيد، سبق لها أن رفضت مبادرات لتكريمها من طرف عدة منظمات مدنية منها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، مبرزة أن إسهامات الراحلة كانت كثيرة، خاصة تفكيك الموروث الفكري الإسلامي، مع إبراز ما يدعم ترافع الحركة النسائية من أجل المساواة ما بين النساء والرجال.
وبعدما توقفت الناصري الخبيرة في قضايا حقوق المرأة والمساواة، عند بعض ذكرياتها مع فاطمة المرنسي، أشارت إلى أن ندوة حول "المرأة والتربية" في مطلع التسعينات، كانت أول لقاء لها معها، وتوالت اللقاءات بينهما، ذكرت أن الراحلة كانت سندا للجمعية الديمقراطية لحقوق النساء وقامت بتوظيف علاقاتها لتمكين الجمعية من استكشاف إمكانيات الشراكة و الدعم من قبل مختلف وكالات الأمم المتحدة بنيويورك التي كانت تحظى من قبل مسؤوليها بتقدير كبير.
وأضافت أن الراحلة كانت تلح على أهمية الكتابة، باعتبارها إحدى آليات إحداث التغيير، كما كانت تعمل على تشجيع وتحفيز الآخرين والدفع بهم إلى الواجهة والخروج من الظل، وأن أفضالها على الحركة النسائية كبيرة، مشيرة في هذا الصدد إلى أنها لن تنسى ما أبدته الراحلة من إعجاب بمضامين تقرير أعدته الناصري لفائدة الجامعة العربية حول الفقر و انعكاساته على أوضاع النساء، بعدما اطلعت عليه.
ومن جهتها قالت الباحثة زكية سليم الأستاذة في جامعة راتغرز الأمريكية، إن كرم فاطمة المرنيسي المعرفي لا حدود له و قالت :"أنا مدينة لها بالكثير في مساري المعرفي والجامعي لأنه بفضلها تعرفت على العديد من الفضاءات وتعرفت عبرها على العديد من الشخصيات".
وذكرت سليم بأن المرنيسي، كانت تدعم الجمعيات دون أن تسعى إلى تزعم جمعية بعينها، لأنها كانت ترفض الزعامة، وحريصة على عدم إنتاج "الحريم" وذلك ما جعلها دائما تناصر التنوع والإختلاط ( نساء و رجال)، حيث أنها كانت شاهدة عندما لاحظت المرنيسي في ندوة استدعيت إليها بإحدى البلدان الأوروبية، بأن الجهة المنظمة قد منعت الرجال من دخول القاعة بدعوى أن الندوة مخصصة للنساء فقط، لكنها أجبرت المنظمين على فسح المجال لحضور الرجال إلى جانب النساء. لأنها لا تريد تكريس منطق "الحريم" الذي كرست كل جهدها لنقده،كما كانت المرنيسي ذات مواقف مبدئية صارمة ومنها رفضها زيارة الولايات المتحدة الأمريكية بعد حربها على العراق.
وخلصت المتدخلة، إلى القول، إنه كل من تعرف علي المرنيسي وجاورها، شعر عند وفاتها باليتم، لأنها كانت كريمة وسخية مع الجميع، داعية إلى إعادة كتابة التاريخ الوطني من خلال إبراز دور النساء في مختلف الأحداث.