أوضح زكريا أبو الذهب، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، أن "التمزق والبلقنة اللذين نعيشه اليوم هما من إرث الاستعمار، ولم نستطع التخلص منه حتى الآن للأسف، لأن التركة الاستعمارية ما تزال معششة في الأذهان، كما أن بعض الترسانات، بما في ذلك القوانين ذات المرجعيات الغربية لا تنصفنا".
وأضاف أبو الذهب خلال مداخلة له في ندوة بعنوان "الجغرافيا السياسية الكولونيالية والقضايا الإستراتيجية الراهنة"، التي نظمت ضمن فعاليات الدورة الخامسة والأربعين لموسم أصيلة الثقافي الدولي، مساء أمس الإثنين، أن "بعض المبادئ الأساسية الواردة في المواثيق الدولية، مثل ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية، تشترط الاحتفاظ بالحدود الموروثة عن الاستعمار، وهو أمر أضر بالمغرب كثيرا".
وأشار إلى أن المغرب "سجل تحفظه على هذا المبدأ في القانون الدولي منذ تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، خصوصا فيما يتعلق بالحدود الشرقية مع الجزائر، وكذلك مسألة تواجد إسبانيا في الصحراء المغربية آنذاك".
أكد أبو الذهب أن "إفريقيا لا تزال تدفع ثمن تلك المبادئ الظالمة التي ضمنت في المواثيق الدولية، رغم أنها في الأصل مبادئ استعمارية".
وتناول بالنقد مفهوم "حق تقرير المصير"، مشيرا إلى أنه يظهر في ميثاق الأمم المتحدة، وتحديدا في الفصل الأول، على أنه يحقق العدالة ويعبر عن إرادة الشعوب، لكنه في جوهره يحمل آليات تساهم في إنتاج اللاعدالة".
وشدّد على أن "هذا الواقع يستدعي إعادة التفكير في مرجعيات الفكر السياسي والقانوني المعاصر، ربما نحتاج إلى انتفاضة فكرية مشابهة لما طرحه الفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري، الذي فكك بنية العقل السياسي العربي، وأيضا ما قدمه حسن حنفي، ومن الضروري أن نستكشف جذور بعض القوانين والترسانات الفكرية ونطبق منهجية تفكيكية شبيهة بما قام به الفيلسوف جاك دريدا لإعادة بناء المفاهيم".
وأفاد الأستاذ الجامعي أن "هناك ما يمكن أن نطلق عليه بالحاجز الإبستيمي، كما قال غاستون باشلار، وهو أن الآخر لا يفهم الأحتياجات العميقة للدول الإفريقية، وبالتالي لا يقدر جوهر كينونتنا، ينبغي علينا مواجهة هذا التحدي بحزم".
وذكر أنه "للأسف، نرى استمرار التمزق في الخريطة العربية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، كما أن القارة الإفريقية لم تفلت من هذا الإرث الاستعماري، عايشنا نزاعات ماضية بين ليبيا وتشاد، أو في الكونغو الديمقراطية، فضلا عن ظهور حركات انفصالية".