موسم طانطان.. مسؤولو "الجناح الإماراتي": نحن في بلاد آمنة وتقاليد واحدة تجمعنا بالصحراويين

بشرى الردادي

خطف الجناح الإماراتي بموسم طانطان الثقافي 2024 الأضواء، بعرضه سيرة الآباء التي تواصلها مسيرة الأبناء، عاكسا عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، وتطورها الكبير في مختلف المجالات، بما فيها الثقافي، ومبرزا أهمية حماية التراث والاحتفاء به.

ومن خلال ما عاينته "تيلكيل عربي"، حظي جناح الإمارات بإقبال لافت، سواء من طرف الزوار (الصحراويين، بشكل عام، وأهل طانطان، بشكل خاص)، أو من طرف المسؤولين المغاربة والخليجيين، وعلى رأسهم، محمد الناجم أبهاي، والي جهة كلميم وادنون، ومحمد فاضل بنعيش، رئيس مؤسسة "ألموكار"، وسعيد الظاهري، سفير الدولة لدى المغرب، ومرشد أحمد الرميثي، قنصل الإمارات في مدينة العيون، والشيخ عبد الله بن ثامر آل ثاني، سفير قطر لدى المملكة، وخالد بن سالم بن أحمد بامخالف، سفير سلطنة عمان لدى المغرب.

ويظهر جليا استمتاع الزائر وهو يكتشف أركان الجناح الإماراتي التي تتضمن التراث البحري، ومعرض صور للعلاقات المغربية الإماراتية، والأزياء التراثية، والصناعات التقليدية، والحرف التراثية، والمجلس، والمأكولات الشعبية، والألعاب والفنون الشعبية، وحظيرة القهوة العربية و"أتاي"؛ حيث تم الاستماع إلى شرح مفصل من المختصين عن القواسم المشتركة بين هذين العنصرين، ورمزية كل منهما في الضيافة والكرم.

وأكد العصري الظاهري، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن "القيادة الحكيمة في المملكة المغربية ودولة الإمارات حريصة على تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين، من خلال موسم طانطان"، لافتا إلى أنه "يعد شاهدا حيا على صون وتعزيز التراث وتخليد التقاليد العريقة".

وأوضح المسؤول الإماراتي أن "هذا الفضاء التراثي يساهم في عرض مجموعة متنوعة من الفعاليات الثقافية والفنية التي تعكس الغنى الثقافي للمجتمع وتنوعه؛ حيث يسلط الضوء على التراث الحضاري الإماراتي والعلاقات الثقافية والتاريخية التي تربط البلدين"، آملا في "استمرار وازدهار التعاون الثقافي القائم بين المغرب والإمارات في هذا المجال".

وعن أبرز ما ميز مشاركة الإمارات في موسم طانطان، تحت إشراف هيئة أبو ظبي للتراث، قال عمر السعيدي، مسؤول المركز الإعلامي بجناح دولة الإمارات، في حديث له مع "تيلكيل عربي": "شاركنا بعدد من العناصر، من خلال جناح مقسم إلى عدة أقسام. القسم الأول استعرض العلاقات التاريخية المغربية الإماراتية، ومحطاتها التي أرسى جذورها الملك الراحل، الحسن الثاني، والشيخ الراحل، زايد بن زايد آل نهيان. أما القسم الثاني، فكان عن عناصر التراث الإماراتي. بينما وثق القسم الثالث مشاركة دولة الإمارات في موسم طانطان، التي بدأت منذ عام 2014، إلى جانب استعراض النخلة وأهميتها وما تمثله من قيمة تراثية".

وتابع السعيدي: "يظهر عدد المشاركين الإماراتيين كبيرا، لكنه في الحقيقة بسيط. ما فعلناه هو أننا استعننا بمتطوعين من المغرب، سواء من داخل مدينة طانطان أو خارجها".

وأضاف المتحدث نفسه: "ما ركزنا على عرضه هو عمق العلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى تنظيم مسابقات "محالب الإبل" و"مزاينة الإبل" و"سباق الهجن"، في ميدان الشيخ زايد بطانطان، الذي أنشئ عام 2017".

وسجل السعيدي أنه "تم اختيار معروضات الجناح الإماراتي بناء على محاولة منا للبحث عن العناصر المنسجمة مع التراث الصحراوي؛ ما يعزز ويقرب أهل الصحراء، ويعمق علاقتهم وانسجام فكرهم. هي نفس القيم والتقاليد. ليست مستغربة من طرف الصحراوي، بشكل عام، وأهل طانطان، بشكل خاص؛ وهذا ما يعزز سعادة الشخص المتلقي، عندما يجد عنصرا لديه سابق معرفة به".

وأعرب المسؤول الإعلامي الإماراتي عن سعادة وفد بلاده بالإقبال المتميز الذي شهده الجناح، قائلا: "حضور أهل طانطان لا يعلى عليه، وجناح الإمارات، بالنهاية، هو جناحهم".

من ناحية أخرى، أشاد السعيدي بمستوى النوق المغربية والكسابة المغاربة، مؤكدا أن "الأمور تغيرت كثيرا؛ حيث بلغ عدد المشاركين، بشكل تطوعي، هذا العام، 150 مشارك، مقابل 100 مشارك، في العام الماضي؛ وهو ما يعكس الاهتمام والإدراك المتزايدين بالإبل".

وبخصوص أسباب هذا التغيير، أوضح أن "الأمر كان يحتاج تشجيعا. صحيح أن هناك ممارسات تقليدية، لكن الأمر يحتاج علما وإرشادا".

وعن سبب الحضور المركز للإمارات في المغرب دون غيره من دول المغرب العربي"، أرجع السعيدي ذلك إلى "عمق العلاقات بين البلدين التي أرساها القائدان الراحلان، ومازالت متواصلة مع القيادة الرشيدة الحالية"، موضحا: "تمت دعوتنا من طرف مؤسسة "ألموكار"، وهو ما نعتز به كثيرا. التراث يمثل تقاليدنا الإماراتية، ولدينا ما نقدمه في هذا الموسم".

وبخصوص الجانب الأمني، ورده على من يتخوفون من المشاركة في مثل هذه التظاهرات بالأقاليم الجنوبية المغربية، أكد المتحدث نفسه: "كل شيء مر بسلالة. لم نلحظ أي أمور غريبة. ولنتحدث بصراحة، لقد تفاجأت بالسؤال. زرت طانطان فجرا وصباحا ومساء. إنها مدينة جميلة، وناسها كرماء ولطفاء. نحن في بلاد آمنة".

من جانبه، قال عبد الله بطي القبيسي، مدير جناح دولة الإمارات، في تصريح خص به "تيلكيل عربي"، إن أبرز ما ميز مشاركتهم لهذه السنة هو "البرامج الموجهة إلى القبائل المشاركة، من خلال استهداف كل من الرجل والمرأة والأطفال بمسابقات وبرامج متنوعة حول "الأتاي" والطبخ والألعاب الشعبية. أسعدنا اللقاء بإخواننا بدو القبائل المغربية؛ حيث كانت فرصة لتبادل الحوار الثقافي. أيضا، تميزت مشاركتنا بتحسين إبراز المحتوى وإعطاء المعلومة، باستعمال الرقمنة".

أما بخصوص علاقة الخليجيين بالصقارة المغاربة، في ظل حضور جمعية الصقارة القواسم أولاد افرج بموسم طانطان، واستضافة رئيسها وبعض من الصقارة المرافقين له بالمجلس الشرفي للجناح الإماراتي، أبرز القبيسي أن "الصقارة تعد من أهم عناصر الموروث الأصيل لدى العرب، وبالأخص المملكة المغربية والإمارات؛ بحيث نلتقي كثيرا في حبنا لهذه الرياضة، ولهذا الطائر الذي يعتبر مثار فخر بين الشعوب".

وأضاف المسؤول الإماراتي: "ومن حبنا لها، كانت هناك ثمرات كثيرة؛ أبرزها الاشتغال على الملف المشترك الذي عملنا عليه لتسجيل الصقارة كتراث إنساني حي ضمن قائمة "اليونسكو" التمثيلية للتراث البشري الثقافي غير المادي، ليصبح حكاية تتناقلها الأجيال على المستوى العالمي".

من جهة أخرى، أعرب القبيسي عن إحساس وفد بلاده بالأمن في الأقاليم الجنوبية، بقوله: "حاسين بالأمان الكبير بين إخواننا، والله يديمه تحت القيادة الكريمة للملك محمد السادس".