سعيد خيرون
منذ انطلاق مسلسل اللامركزية ببلادنا سنة 1976، هيمن النقاش بين كل المهتمين حول توسيع وممارسة الاختصاصات والوصاية الإدارية والمالية المحلية. ولم تجد الجماعات الترابية نفسها أمام وضع يسائل أدوارها ومهامها كالتي توجد فيه اليوم في ظل جائحة كورونا، والتي يؤكد الجميع أن آثارها مست وستمس كافة جوانب الحياة البشرية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والصحي والنفسي.
بدأت آثار الجائحة منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية وما صاحبها من إجراءات وتدابير احترازية غير مسبوقة، لم تحد من حرية الأفراد في التنقل وممارسة حياتهم العادية فقط، بل امتدت آثارها لتشمل حرية المؤسسات وطريقة اشتغالها وعملها، كما هو الحال بالنسبة لعمل البرلمان والجماعات الترابية، رغم مكانتهما الدستورية وأدوارهما المهمة اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا، وعلى مستوى مراقبة العمل الحكومي.
ولعل الأسئلة التي يطرحها العديد من المهتمين وعموم المواطنين اليوم حول أدوار الجماعات الترابية في ظل هذه الجائحة، في وقت لم تنعكس فيه صورة اللامركزية باعتبارها خيارا استراتيجيا لبلادنا على أداء الجماعات الترابية خلال هذه المرحلة، هي كالتالي: هل تم تحييد دور المنتخبين والسياسيين وتغييب أدوارهم كما يذهب إلى ذلك البعض؟ ام أن الأمر يتعلق بطبيعة مقاربة الدولة المغربية لمواجهة هذه الجائحة من خلال قرارات مركزية بتنفيذ ترابي؟ أم أن طبيعة اختصاصات الجماعات الترابية جعلت أدوارها مقتصرة على ما هو موكول إليها؟ .
ومن المؤكد أن آثار الجائحة لم ولن تقتصر على تدبير الجماعات الترابية خلال حالة الطوارئ الصحية وفترة الحجر الصحي فقط، بل ستمتد إلى وضعية المالية المحلية، واختياراتها وأولوياتها بل وحتى على مستوى المجالات المتضررة والمدبرة من قبلها.
- الجماعات الترابية والصحة: علاقات بأية مقاربة؟
إن الأزمة التي يمر بها العالم اليوم هي ذات طبيعة صحية، تقتضي أساسا العمل على وقف انتشارها وتمددها من خلال عمل المؤسسات المعنية بالقطاع الصحي، لكن دون إغفال معالجة آثارها وتداعياتها السلبية على المستويات الاجتماعية والاقتصادية، بمساهمة وتعبئة كافة الوزارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية المعنيين بتدبير القطاعات المتضررة، سواء بمقاربة قطاعية او مقاربة شمولية والتقائية.
وتطرح جدلية حفظ الصحة وأدوار الجماعات الترابية بمفاهيم مختلفة حسب المقاربة المعتمدة لمصطلح الصحة، هذا الأخير يمكن تناوله على ثلاث مستويات: الصحة كهدف للمصلحة العامة وهي مسؤولية مشتركة بين الدولة والجماعات الترابية ، والصحة كانشغال خاص بكل مواطن حيث ينبغي على الجماعات الترابية العمل من أجل الاستجابة لانتظارات المواطنات والمواطنين ومن أجل الجاذبية الترابية، والمستوى الثالث قانوني، وهو المتعلق بالاختصاصات والصلاحيات، حيث أن الصحة في بلادنا من اختصاص الدولة، وتدبير قطاع الصحة موكول لوزارة الصحة التي تسهر على إعداد وتنفيذ سياسة الحكومة المتعلقة بصحة المواطنين، وتعمل بتنسيق مع الوزارات المعنية على سلامة السكان البدنية والعقلية والاجتماعية، وجعلت مهمة القیام بمراقبة انتشار الأوبئة بين السكان مهمة مركزية من خلال مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض، وسمح المشرع للجماعات الترابية بالمساهمة في هذا المجال من خلال إبرام الشراكات محليا وجهويا مع المصالح اللاممركزة لقطاع الصحة. حيث بلغ عدد الشراكات المبرمة سنة 2017 ما يقارب 85 اتفاقية همت مختلف جهات المملكة.
بالمقارنة مع التجارب الدولية، نجد أن الجهات والجماعات الترابية الأخرى تختص بمسؤوليات متباينة فيما يتعلق بالخدمات الصحية. ففي دراسة أعدتها منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي حول لامركزية الخدمات الصحية ببلدان المنظمة، اعتمدت تصنيفا لمستوى لامركزية خدمات القطاع الصحي من خلال تركيبة لثلاث معامل للنفقات الصحية للجماعات الترابية:
- بالنسبة لمجموع النفقات العمومية لقطاع الصحة
- بالنسبة لمجموع نفقات الجماعات الترابية
- بالنسبة للناتج الداخلي الخام
وقد خلصت هذه الدراسة إلى التصنيف التالي:
- الدول الفيدرالية والشبه الفيديرالية: تعتبر الخدمات الصحية بها اختصاصا مهما لإدارات الدولة، ففي أستراليا والنمسا وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا مثلا، تمثل نفقات الجماعات الترابية في المجال الصحي أكثر من 40% من إجماليي النفقات العمومية الصحية، وأكثر من 20% من نفقات الجماعات الترابية وتصل إلى 4% من الناتج الداخلي الخام.
في كندا يعتبر تقديم الخدمات الصحية، المستشفيات والخدمات الاجتماعية اختصاصا دستوريا للسلطات الإقليمية والمحلية، أما في الشيلي فقد أصبحت هذه المسؤوليات مشتركة بين الدولة والجماعات الترابية منذ سنة 1996، ألمانيا الصحة اختصاص فيديرالي، أما بالنسبة لبلجيكا فالجهات والحكومات المحلية تتمتع باختصاصات واسعة في مجال الصحة منذ إصلاح الدولة سنة 2014.
- بالنسبة للدول الموحدة تعتبر الخدمات الصحية اختصاصا مهما بالنسبة للجماعات الترابية، ففي إيطاليا تمثل النفقات الصحية 65% من إجمالي النفقات العمومية لهذا القطاع و49% من نفقات الجماعات الترابية و6.7% من الناتج الداخلي الخام.
أما دول شمال أوروبا كالدانمارك وفنلندا والسويد، فالمسؤوليات الأساسية في مجال تخطيط وتنظيم وتقديم وتمويل الخدمات والبنيات الصحية تضطلع بها الجهات والجماعات الترابية، ففي الدانمارك والسويد مثلا تقديم الخدمات الصحية هو اختصاص شبه حصري للجهات حيث تستهلك 90% من النفقات. أما فنلندا، فالجماعات ونقابة الجماعات مسؤولة عن الخدمات الصحية الأولية والثانوية، أما النرويج فتقديم الخدمات الصحية الأولية والثانوية من مسؤوليات الجماعات أما الخدمات الصحية المتخصصة ترجع لمسؤولية الدولة.
- أما بالنسبة لباقي الدول تبقى مسؤولية الخدمات الصحية ممركزة بشكل قوي، تمثل نفقات الجماعات الترابية بها أقل من 10% من مجموع نفقات الصحة في 17 دولة، بل أقل من 1% في فرنسا واليونان وايرلندا وأيسلندا ولوكسمبورغ وتركيا، حيث تعود الاختصاصات المرتبطة بالصحة – في هذه الدول- للإدارة المركزية أو لمؤسسات الضمان الاجتماعي ويقل دور الجماعات الترابية في هذا المجال.مرتبطة بالمجال الصحي ضمن أي اختصاص لمجالس العمالات والأقاليم.
في هذا السياق تميزت مقاربة بلادنا لمحاربة الجائحة بإعلان حالة الطوارئ الصحية لأول مرة في تاريخ المغرب، والتي لم ينص عليها الدستور ولا حتى التشريعات سواء التنظيمية أو العادية، وذلك بموجب مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها الذي منح الحكومة سلطة اتخاذ جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها حالة الطوارئ الصحية، وذلك بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية،أو بواسطة مناشير وبلاغات، كما أجاز للحكومة اتخاذ أي إجراء ذي طابع اقتصادي أو مالي أو اجتماعي او بيئي يكتسي صبغة الاستعجال.
والملاحظ أن مقتضيات المرسوم بقانون لم تتضمن أية إشارة للجماعات الترابية كشريك أساسي للقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية في محاربة هذه الجائحة، بل حتى المرسوم المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا – كوفيد 19 لم يشر هو الآخر للتدابير الممكن اتخاذها من طرف الجماعات الترابية ولو في حدود اختصاصات الشرطة الإدارية الممنوحة للجماعات، بل اكتفى بمنح صلاحيات واسعة لولاة و عمال العمالات أو الأقاليم باتخاذ جميع التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ النظام العام الصحي في ظل حالة الطوارئ المعلنة، واكتفى بدعوة رؤساء الجماعات الترابية لتمكين الموظفين والأعوان والمأجورين التابعين لهم من رخص استثنائية للعمل تحمل أسماءهم، قصد الإدلاء بها عند الاقتضاء لدى السلطات العمومية المكلفة بالمراقبة.
وبالرجوع إلى قانون الطوارئ الفرنسي نجده تضمن العديد من التدابير الاستثنائية الخاصة بالجماعات الترابية سواء تعلق الأمر بتلك المتعلقة باستكمال الدور الثاني من الانتخابات البلدية، أو بضمان سير هياكل الجماعات الترابية والنصاب القانوني اللازم لذلك والسلطات المخولة لرؤساء الجماعات الترابية، بل تم إصدار مرسوم رئاسي يتعلق بضمان استمرارية المؤسسات المحلية وممارسة اختصاصات الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية المحلية من أجل مواجهة جائحة كوفيد 19، يتضمن العديد من التدابير الاستثنائية الخاصة بالجماعات الترابية.
فإذا كانت بلادنا تتشابه مع العديد من الدول حول توزيع الاختصاصات بين الدولة والجماعات الترابية سواء في مجال الصحة أو غيرها، فإن مقاربة بلادنا لمواجهة الجائحة تختلف عن المقاربات المعتمدة في مواجهة الوباء في العديد من الدول، هذه الأخيرة جعلت من الجماعات الترابية شريكا وفاعلا أساسيا في هذه المواجهة بحيث استطاعت، مع الأخذ بتدابير الوقاية والاحتواء وضمان الامتثال للتدابير التقييدية، أن تحافظ على مستوى كاف من الخدمات الأساسية وقدرة على التنسيق وتدفق الاتصالات مع الحكومة المركزية، وقد أظهرت نتائج مواجهة الوباء بالصين أن الجماعات الترابية كان له بالغ الأثر في بلوغ الأهداف المرجوة، فإشراكها كان له دور فعال في إبطاء انتشار الفيروس حيث وقفت في خطوط المواجهة لتنسيق مشاركة المواطنين وتقديم الخدمات وإدارة الأماكن العامة.
- المقاربات المعتمدة لمواجهة جائحة كورونا:
وضع آليات لتنسيق الجهود والتدابير المتخذة لمواجهة جائحة كوفيد 19 ضرورية في جميع الدول الفيدرالية أو الموحدة، بل إحداثها تصبح ذا أهمية حيوية في ظل وجود تقاسم الاختصاصات بين الجماعات الترابية والدولة من أجل تنسيق تدبير الأزمة الصحية على كافة مستويات الإدارة.
لذا حرصت العديد من الدول على الاستجابة الفعالة والمشتركة للتدابير الاستعجالية والضرورية لمواجهة الجائحة عبر وضع آليات لتدبير الأزمة تضم القطاعات الحكومية والجماعات الترابية والمهنيين وفي حالات عديدة القطاع الخاص.
مما سبق نستنتج ان السلطات العمومية واجهت الجائحة بمقاربة مركزية، دون إشراك الجماعات الترابية على المستوى المحلي من خلال الاختصاصات الذاتية المتعلقة بالشرطة الإدارية، بل جعلت من عامل العمالة أو الإقليم والسلطات التابعة هم الفاعلون الأساسيون في ميدان المواجهة، وعززت هذه المقاربة بإحداث آليات مركزية صحية لمتابعة انتشار الجائحة أو اقتصادية لدراسة تداعياتها الاقتصادية من قبيل:
- لجنة قيادة تتبع الوضعية الوبائية المكونة على الخصوص من وزارتي الصحة والداخلية إلى جانب الدرك الملكي ومصالح الطب العسكري والوقاية المدنية؛
- اللجنة العلمية والتقنية الوطنية لدى وزارة الصحة المكلفة بتتبع الجوانب الطبية والعلمية المتعلقة بهذا الوباء وتوفير السند الطبي والعلمي المتخصص لقرارات الحكومة، ومواكبة التطورات المتسارعة التي تعرفها الحالة الوبائية؛
- لجنة اليقظة الاقتصادية، التي تضم عددا من القطاعات الحكومية، إلى جانب الفاعلين الاقتصاديين وممثلي القطاع البنكي والمالي، والتي تكلفت بدراسة تداعيات الجائحة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، واقتراح حلول بشأنها.
وبالتالي، فإن المقاربة المعتمدة ببلادنا اقتصرت على القطاعات والمؤسسات العمومية ذات الارتباط المباشر بمحاربة الجائحة وآثارها، ولم تعكس مكانة اللامركزية كخيار استراتيجي ببلادنا خلال هذه المعركة، وذلك بعدم إشراك ممثلي الجماعات الترابية في أية هيئة مركزية ذات العلاقة بمحاربة الجائحة، بل وحتى على المستوى المحلي تباينت عملية إشراك بعض -وليس كل-رؤساء الجماعات الترابية في اللجن المحلية للتنسيق المحدثة لهذا الغرض.
هذه المقاربة المركزية أعادت النقاش من جديد حول التمركز واللامركزية، فاعتماد التدابير الناجعة في فترة الجائحة ليس مرتبطا بمستوى التمركز واللامركزية، بقدر ما هو مرتبط بفعالية آليات التنسيق بين مختلف مستويات الإدارة محليا وجهويا ومركزيا، وعلى قدرة السلطات العمومية على تحديد الأولويات، تنزيل التدابير الموحدة، الدعم المشترك وتشجيع تبادل المعلومات بشكل يومي وحتى مع المواطنين، وهذا ما تم اعتماده في العديد من الدول، لذلك فإن وضع آليات أفقية وعمودية للتنسيق يعتبر مسألة ذات أهمية كبيرة سواء تم تدبير حالة الطوارئ مركزيا أو بشكل مشترك.
- فالنرويج وسويسرا مركزت مؤقتا التدبير الصحي مع اعتماد آليات التنسيق والمتابعة، في حين نهجت بريطانيا عكس هذا التوجه من خلال منح صلاحيات كبيرة للمستويات المحلية.
- عملت أستراليا على إحداث هيئة مركزية ذات صلاحيات استراتيجية، مكونة من مسؤولي قطاع الصحة بكل ولاية وممثلي الجماعات الترابية وممثلي القطاعات الحكومية المهنية، في حين تشتغل هيئات أخرى على المستوى المجالي لتدبير الإشكاليات الميدانية غير المتعلقة بكوفيد 19 تضم في تركيبتها ممثلي الجماعات الترابية.
- في كندا تحملت وكالة الصحة العمومية مسؤولية تنسيق التدابير المتخذة لمواجهة الجائحة ودعم العمليات الاستعجالية على مختلف مستويات إدارة الدولة بشراكة متينة مع الجماعات الترابية،
- في الشيلي تم إحداث اللجنة الاجتماعية لكوفيد 19 المكونة من ممثلي الجمعيات البلدية (رؤساء الجماعات)، القطاعات الحكومية والجامعيين ومهنيي قطاع الصحة،
- إسبانيا اعتمدت لجنة وزارية لضمان تنسيق التدابير الحكومية وأخرى على المستوى الترابي لضمان التنسيق بين مختلف مستويات الإدارة العمومية والجماعات الترابية، والفيدرالية الإسبانية للمدن والأقاليم تلعب دورا أساسيا في تدبير الأزمة الصحية بحيث تجتمع بشكل دوري مع الحكومة لعقد اتفاقات لمرحلة ما بعد كورونا خصوصا في المجال الاقتصادي.
- أما الصين فقد قامت منذ بداية انتشار الوباء باتخاذ مجموعة من التدابير لفائدة الحكومات المحلية عبر رفعت الدعم المالي الموجه لها لتعزيز جهودها في التصدي للوباء، ففي الوقت الذي قامت الحكومة المركزية بتنسيق الجهود الشاملة في مقاطعة ووهان، فإن التنفيذ الفعلي كان من مسؤوليات حكومات المقاطعات والحكومات المحلية.
- في فرنسا أصدرت الحكومة دليلا لفائدة الجهات والجماعات يتضمن توصيات لمساعدة الجماعات الترابية على ضمان استمرارية الخدمات العمومية المحلية مع التفاصيل المتعلقة بكل خدمة عمومية محلية.
- في إيطاليا الخدمة الوطنية للصحة التي تضمن الولوج للخدمات الوقائية هي من اختصاصات الجهات والسلطات الجهوية مسؤولة عن تنظيم وتقديم خدمات الصحة.
- في اليابان الأقاليم والجماعات تتمتع بقدر من الاستقلالية في مجال وقاية وتخطيط التدخلات الاستعجالية، فالحكومة تعمل بتعاون مع السلطات البلدية التي لهل الصلاحية في تحديد ومراقبة المؤسسات استقبال المرضى مع مطالبتها بتوفير المواد الطبية الضرورية.
فحضور الجماعات الترابية والمنتخبين المحليين والجهويين ميزة كل التجارب الدولية في مواجهة وباء كورونا، سواء تمتعت هذه الجماعات باختصاصات واسعة ومطلقة في المجال الصحي، أو كانت ذا اختصاصات محدودة، ووضع آليات للتنسيق ولتدبير الجائحة اعتبرت كأحد الأجوبة الفعالة في تنسيق جهود مختلف المتدخلين.
هذا المنحى حاذت عنه المقاربة المغربية في مواجهة الجائحة، وجعلتها مرتبطا بقطاعات حكومية معينة وتم تغييب الجماعات الترابية عن المشهد خلال هذه الفترة، بل اتخذت وزارة الداخلية قرارات تتعلق بتأجيل عقد دورات المجالس (الجماعات ومجالس العمالات والأقاليم ومجالس المقاطعات) إلى ما بعد حالة الطوارئ، مما حرم منتخبو الجماعات الترابية من التداول حول قضايا الجائحة وأثارها، وضمان حضورهم خلال مرحلة مواجهة الأزمة الصحية.
وبالمقارنة مع الحالة الفرنسية نجد أن قانون الطوارئ سمح للمجالس عقد دوراتها بدعوة من رؤساء الجماعات إذا دعت الضرورة ذلك مع اتخاذ كافة التدابير الصحية الضرورية، بل نظم حتى الدعوات الموجهة للأعضاء، وعمل على وضع الشروط المتعلقة بضمان علانية المداولات، في إسبانيا تم تعديل القانون قصد تمكين الجماعات من عقد دوراتهم عبر تقنية التناظر عن بعد.
فالجماعات الترابية قامت بالمهام الموكولة إليها وأبدعت في كثير من الحالات من أجل الحفاظ على استمرارية خدمات المرافق الجماعية من نظافة وإنارة عمومية وخدمات إدارية وغيرها مع ضمان حفظ وسلامة موظفيها ومستخدميها، بل انخرطت في الحملة التضامنية مع فئات المجتمع المتضررة، إلا ان صورتها لم تصل طريقها للإعلام العمومي لتتواصل مع المواطنين.