راكمت الدبلوماسية المغربية خلال سنة 2023، مجموعة من النجاحات والانتصارات، سواء على مستوى مكانة وريادة المملكة إقليميا ودوليا، أو على مستوى التبادلات السياسية والاقتصادية والثقافية مع دول العالم، فيما بقيت ملفات عالقة (تعثرت)، ولم تعرف طريقها للحل بعد.
حصاد دبلوماسية المملكة، لهذه السنة، يظهر في استمرار الاختراقات الكبيرة في ملف الصحراء المغربية، باعتباره النظارة التي ينظر بها المغرب، إلى العالم كما جاء على لسان الملك محمد السادس.
ملف الصحراء.. انتصارات هامة
أكد حسن بلوان أستاذ الجامعي، والخبير في العلاقات الدولية، أن ملف الصحراء، عرف انتصارات متعددة خلال 2023، إذ استمرت الدبلوماسية المغربية في انتزاع المواقف المؤيدة لمغربية الصحراء في أوروبا خاصة الموقف الاسباني والالماني، بالإضافة إلى باقي الدول في أوروبا الغربية والشرقية، مما ساهم في عزل اطروحة الانفصال داخل مجموعة من الدول التي كانت معاقل الفكر الانفصالي المدعوم جزائريا".
من جهته، قال محمد شقير، المتخصص في العلاقات الدولية، إن "إجبار السلطات الفرنسية على تعديل موقفها إزاء المبادرة المغربية للحكم الذاتي، من خلال إعلان المندوب الفرنسي بمجلس الأمن عن ذلك، وكذا تأكيد السفير الفرنسي عن موقف فرنسا من إعادة النظر في كل المواقف غير الودية تجاه المغرب، والتعبير عن ضرورة العودة إلى العلاقات الطبيعية مع المغرب، يُعد انتصارا دبلوماسيا متميزا هذه السنة، بعد كل الضغوط الإعلامية والقنصلية، التي مارستها السلطات الفرنسية ضد المملكة".
دبلوماسية المغرب.. إفريقياً وعربياً
على المستوى الافريقي، يوضح المحلل السياسي بلون، أنه "استمر الإشعاع الدبلوماسي المغربي داخل أروقة ومؤسسات الاتحاد الافريقي كما حافظ المغرب على علاقاته الطيبة مع معظم دول القارة، التي توسعت دائرة الدول المؤيدة لسيادة المغرب ووحدته الترابية كان ٱخرها دولة البنين، التي عبرت عن رغبتها في فتح قنصلية بالأقاليم الجنوبية، كما أن الدبلوماسية المغربية تشتغل في صمت على محور دولتين مهمتين داخل القارة، وهما أنغولا وكينيا التي استكملت افتتاح سفارتها في الرباط.
كما استمرت الدول العربية حصنا حصينا لدعم السادة المغربية، ولم تستطع مناورات الجزائر شق الصف العربي الداعم لوحدة المملكة المغربية، وتبقى العلاقات المغربية الخليجية نموذجا في هذا الباب كان ٱخرها المواقف الواضحة للقمة الخليجية بقطر التي أشادت بجهود جلالة الملك محمد السادس ودعم المملكة المطلق في قضية وحدته الترابية" يضيف بلوان.
فيما بدلت الجزائر جهودا مالية و دبلوماسية مضنية، من أجل تغيير الموقف الأمريكي الداعم للصحراء المغربية دون جدوى، وفي المقابل تقوت الشراكة الاستراتيجية المغربية الأمريكية، دبلوماسيا وسياسيا وثقافيا وكذلك عسكريا وأمنيا.
السياسة الدولية للمغرب
في مجال السياسات الدولية، يبرز بلوان، أن المغرب اختار سياسة الحياد الايجابي في مجموعة من الملفات الساخنة، بعيدا على التقاطبات والتجاذبات السياسية والعسكرية التي يعرفها العالم، حيث حافظ على مسافة واحدة بين شركائه الجدد في الصين وروسيا وبين شركائه التقليديين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة مع تداعيات الحرب الدائرة في أوكرانيا".
بالموازاة مع سياسة تنويع الشركاء التي نهجتها الدبلوماسية المغربية، يقول المتحدث ذاته، إن المملكة انفتحت "على معظم القوى الاقليمية الاخرى من خلال المحافظة على علاقات ودية مع تركيا والتوازن في استئناف العلاقات مع اسرائيل وكذلك تثمين المصالحة العربية (بمبادرة من السعودية) مع إيران رغم أنشطتها المشبوهة في مجموعة من الدول العربية".
من جهته، اعتبر الأستاذ الجامعي، شقير، أن "نجاح المغرب في تنظيم اجتماعات صندوق النقد، والبنك الدولي بمراكش، رغم تداعيات زلزال الحوز المدمر، منح للمغرب إشعاعا دولياً، وعكس بالأساس صلابة المغرب في تدبير هذه الكارثة، التي لم تمنعه من تنظيم تظاهرة عالمية كثاني بلد إفريقي ينظم هذه التظاهرة".
أما النجاح الثاني، في هذا الجانب يوضح شقير، فهو "الزيارة الملكية للإمارات العربية المتحدة، التي توجت بشراكة اقتصادية استراتيجية، همت إبرام 12 اتفاقية في مختلف المجالات خاصة الاستثمار في مشاريع هيكلية، تهم تمويل القطار فائق السرعة "من القنيطرة إلى مراكش"، وتجديد مطارات الدار البيضاء والناظور، بالإضافة إلى تمويل إنجاز ميناء الداخلة، وكذا المساهمة في انجاز انبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب".
واصلت الدبلوماسية المغربية، الإشعاع الإقليمي والدولي من خلال أنشطتها الرياضية والثقافية التي لفتت أنظار العالم، من خلال التراث اللامادي الذي يميز المغرب وكذلك من خلال المستوى الباهر للمنتخب المغربي، وكذلك احتضان المغرب مجموعة من الأنشطة الرياضية كان ٱخرها شرف احتضان كأس افريقيا للأمم الذي حولته استفزازات الجزائر من منافسة رياضية إلى صراع بحمولة سياسية
تعثرات الدبلوماسية المغربية..
أوضح محمد شقير، أن "عدم إقناع إدارة بايدن بفتح قنصلية بالداخلة، كما تم الاتفاق على ذلك في اتفاقية الثلاثية بين المغرب وإسرائيل وأمريكا، وعدم النجاح في تليين موقف جنوب إفريقيا في ملف الصحراء المغربية، وكذا عدم اقناع فنزويلا بالتراجع عن موقفها من الصحراء، يعتبر تعثرا ما زال يميز تحركات الدبلوماسية المغربية".
وختاماً، نشير إلى أن ما تم ذكره هو مجموعة من الانجازات التي حققتها الدبلوماسية المغربية، ونؤكد أن أن "العمل الدبلوماسي هو عمل دؤوب ومتواصل يرتبط بأهداف استراتيجية طويلة المدى، إذ أن من الصعب تحديده في سنة معينة لأن ذلك يعتبر تتويجا لسنوات سابقة".