حمل نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، حكومة سعد الدين العثماني، مسؤولية أزمة الثقة التي تسود وسط المجتمع و الشركات والمستهلكين، بسبب التردد والبطء في اتخاذ القرارات، والعناد وعدم الوفاء بالالتزامات، والتأخر في إنجاز التكليفات التي طوقها بها الملك محمد السادس.
كان نزار البركة، أمس الأربعاء، ضيفا على رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، بأحد فنادق الدار البيضاء، حيث حاضر حول دور الثقة في تحفيز النمو الاقتصادي، على اعتبار أن الثقة تساهم في تعبئة الناس من أجل الإنتاج، الأمر الذي له تأثير على الناتج الداخلي الخام.
بطالة وطبقة وسط بدون سند
يرصد بركة مؤشرات على تراجع الثقة، حيث يراها، في معدل النمو الاقتصادي غير المستقر، الذي سيتراجع في العام الحالي إلى 2.9 في المائة، حسب المندوبية السامية للتخطيط، بعدما وصل إلى 3 في المائة في العام الماضي وأكثر من 4 في المائة في العام الذي قبله.
ويشير إلى أن النمو الهش لا يساعد على تقليص البطالة، التي تطال، بشكل خاص، الشباب، خاصة أن نقطة نمو تفضي إلى توفير 20 ألف فرصة عمل حاليا، بعد كانت توفر 40 ألف فرصة عمل في السابق.
ويؤكد على أن ذلك يأتي في سياق متسم بتراجع كبير لثقة الأسر، حسب المؤشر الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط، حيث يسكن الأسر هاجس البطالة بشكل خاص، بل إن الآلاف من الشباب لم يعودوا يصنفون ضمن الساكنة النشيطة، على اعتبار أنهم يئسوا من الخروج من فخ البطالة.
ويلاحظ أن الطبقة المتوسطة كان الأكثر تضررا من سياسة الحكومة، حيث أن فقدانها للثقة، ترجم بتفاعلها مع المقاطعة، في سياق متسم بعدم زيادة الأجور وخفض العبء الجبائي وتبني آلية لضبط الأسعار.
ويسجل أن من آيات فقدان الثقة، تلك الأرقام، التي تفيد بهجرة 600 مهندس و300 طبيب، كما أن تجنيس المغاربة في بلدان مثل فرنسا وإسبانيا، يعتبر من بين الأعلى في هذين البلدين.
تردد وعناد
ويتصور الأمين العام لحزب الاستقلال، أن الحكومة تتسبب بطريقة تعاطيها مع القضايا والأحداث، في تعميق أزمة الثقة، عبر غياب الاستباقية، والتردد والبطء في اتخاذ القرارات والمبادرات، واللجوء إلى الحلول الترقيعية.
ويلاحظ أن مسألة الثقة تظهر أكثر على مستوى القروض البنكية، التي ارتفعت، بالكاد بـ3 في المائة في 2017، قبل أن تتباطأ وتيرة نموها إلى 2 في المائة في العام الماضي، وهي زيادة ترد، بشكل خاص، إلى مشاريع المكتب الوطني للسكك الحديدية و طنجة المتوسط.
ويرى أن من تجليات عدم قدرة الحكومة على على اتخاذ مبادرات استباقية وتعميقها للأزمة، ما لوحظ بعد تراجع الهبات الخليجية، التي كانت حددت في خمسة ملايير دولار، حيث واجهت انخفاض تلك التحويلات، بحملة تحصيل استهدفت الشركات.
ويعتبر أن عناد الحكومة، دفعها إلى مواصلة الانخراط في سياسات بلغت مداها، مثل تلك التي تهم الاستثمارات الموجهة للتجهيزات العمومية التي تراجعت مردوديتها على مستوى النمو الاقتصادية.
وأكد أن عناد الحكومة قد انعكس كذلك على آجال الأداءات، فتأخر صدور المرسوم الخاص به، ساهم في عدم توضيح للرؤية للشركات، مشيرا إلى أن آجال الأداءات لاتهم العلاقات مع مؤسسات الدولة، بل تمتد إلى العلاقات بين الشركات الخاصة، التي تراكمت المتأخرات في بينها، دون قواعد تنصف الصغيرة منها.
ويمضي بركة في رصده لمواطن عناد الحكومة، حيث يشير إلي عدم تقييم السياسات القطاعية، التي وصلت أو تتجه نحو بلوغ نهايتها، مشيرا إلى إلى الدعم الذي تخص به الحكومة القطاع الفلاحي، حيث يفترض تغيير المقاربة المعتمدة، بما يساعد على توجيه الدعم إلى التسويق والتحويل، خاصة بعد ما تجلى من وفرة الإنتاج الذي تضرر في قطاع الحوامض مثلا في العام الحالي.
تأخر وصراع
يؤاخذ نزار على الحكومة عدم قدرتها على بلورة رؤيتها الخاصة بالنموج التنموي الجديد، الذي دعا إليه الملك محمد السادس، حيث لم تقدم تصورها لما يجب أن يكون عليه ذلك ذلك النموذج.
ويعتقد أن الخلافات بين العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، ساهمت في تعميق تراجع الثقة، مشيرا إلي أن الحزبين دخلا في حملة انتخابية سابقة لأوانها، محيلا على طريقة تعاطي الحكومة مع مسألة الفواتير الإلكترونية، التي تخللها تجاذب بين أطرافها، رغم كون التدبير أجيز عبر قانون مالية العام الحالي. هذا ما يدفعه إلى التشديد على أن الحكومة، تغذي أزمة الثقة في المغرب.
ويعتبر أنه يتوجب على الحكومة في ظل التحولات التي طرأت، أن تعمد إلى مراجعة البرنامج الذي تسترشد به، حيث يمكنها أن تقوم بذلك في منتصف ولايتها، بما يساعد على بث الثقة في المجتمع.