دارت معارك عنيفة تزامنا مع قصف الاحتلال الإسرائيلي المكثف، يوم أمس السبت، في مخيم جباليا بشمال قطاع غزة، ومدينة رفح بأقصى جنوبه، التي نزح منها 800 ألف فلسطيني، حسب الأمم المتحدة.
وبحسب صحفيي وكالة "فرانس برس"، يتواصل قصف الاحتلال المدفعي والغارات الجوية، في شرق رفح وشمال شرقها.
وقال المستشفى الكويتي في المدينة إن ضربة أدت إلى مقتل شخصين في مخيم للنازحين.
وأكدت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وقوع قتال عنيف في شرق المدينة مع قوات الاحتلال، التي دخلت هذه المنطقة، في 7 ماي.
بدورها، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، استهداف عدد من مركبات الاحتلال الإسرائيلية في رفح بقذائف مضادة للدروع، وقصف قواته في معبر رفح بقذائف "الهاون".
وفي شمال قطاع غزة، أفاد مراسلو "فرانس برس" وشهود وأطباء بأن اشتباكات عنيفة اندلعت، ليل الجمعة السبت، في مخيم جباليا.
وأكدت حماس، في بيان لها، "ارتقاء العشرات وإصابة المئات من المواطنين" في مخيم جباليا، متهمة جيش الاحتلال الإسرائيلي بـ"تدمير مربعات سكنية كاملة على رؤوس أهلها، واستهداف المدارس ومراكز الإيواء".
وأكدت سرايا القدس أنها قصفت، بقذائف "الهاون"، "تجمعا لآليات وجنود العدو" في جباليا، واستهدفت مدينة عسقلان برشقة صاروخية.
وفي شمال القطاع أيضا، أفاد شهود عيان بوقوع غارات جوية قرب مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، يوم أمس السبت.
وقال مدير المستشفى، حسام أبو صفية، أول أمس الجمعة، إن المؤسسة استقبلت "أعدادا كبيرة" من المصابين من جباليا المجاورة، فيما بدأت الإمدادات تنفد.
وصرح أبو صفية لـ"فرانس برس" بأن مساعدات الوقود التي وصلت إلى المستشفى "لا تكاد تكفي لبضعة أيام".
وتؤكد منظمات الإغاثة أن توغل جيش الاحتلال في رفح، الذي بدأ رغم المعارضة الدولية الواسعة، وبينما كان الوسطاء يأملون في تحقيق انفراجة في محادثات الهدنة المتوقفة، أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الحادة.
وأكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، يوم أمس السبت، أن 800 ألف شخص "أجبروا على الفرار" من رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، منذ بدء عمليات الاحتلال العسكرية في المدينة، هذا الشهر، مضيفا أن الناس يفرون إلى مناطق تفتقر إلى إمدادات المياه والصرف الصحي.
وقالت مصادر فلسطينية في رفح لـ"فرانس برس" إن قوات الاحتلال تعمل في حي السلام والجنينة بالمدينة، وعلى طريق فيلادلفيا على طول الحدود المصرية.
وقال مصدر أمني إن "القوات تتقدم وتتراجع حول هذه المناطق".
من جهته، قال المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، "يفضل قتل جنوده خلال البحث عن رفات وجثامين، على الذهاب لصفقة تبادل لا تخدم مصالحه السياسية والشخصية".
وفي ظل إغلاق المعابر البرية الرئيسة، أو عملها بقدرة محدودة، بسبب القتال، بدأت بعض إمدادات الإغاثة تتدفق إلى غزة عبر رصيف عائم موقت أنشأته الولايات المتحدة.
وأظهرت صور أقمار اصطناعية التقطت، يوم أمس السبت، أكثر من اثنتي عشرة شاحنة تصطف على الطريق المؤدي إلى الرصيف.
وفي الأيام المقبلة، يتوقع تسليم نحو 500 طن مساعدات إلى غزة عبر الرصيف، وفق القيادة العسكرية المركزية الأمريكية (سنتكوم).
لكن وكالات إنسانية وأخرى تابعة للأمم المتحدة تؤكد أن المساعدات، التي ترسل بحرا أو جوا، لا يمكن أن تحل محل دخول الشاحنات إلى غزة؛ لأن هذا يعتبر أكثر فاعلية.
ورحب الاتحاد الأوروبي بالشحنة الأولى من قبرص إلى رصيف غزة العائم، لكنه دعا إسرائيل إلى "توسيع نطاق عمليات التسليم عن طريق البر، وفتح معابر إضافية فورا".
وأغلق معبر رفح الحيوي لإدخال المساعدات الإنسانية، منذ بدأت إسرائيل عمليتها في المدينة، الأسبوع الماضي.
وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، بانتظام، من خطر المجاعة في غزة؛ حيث يعيش نحو 2,4 مليون نسمة، نزح 70 في المائة منهم، منذ بدء قصف الاحتلال للقطاع.
وردا على الهجوم، ينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة؛ حيث قتل، إلى حدود الساعة، 35386 أشخاص، غالبيتهم مدنيون، حسب آخر حصيلة أوردتها وزارة الصحة التابعة لحماس، يوم أمس السبت.
وقالت الوزارة، في بيان لها، إنه تم إحصاء 83 قتيلا، على الأقل، خلال 24 ساعة.
ودبلوماسيا، أعلن البيت الأبيض، أول أمس الجمعة، أن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جايك ساليفان، يزور السعودية، يوم أمس السبت، ثم إسرائيل، اليوم الأحد، لإجراء محادثات حول الوضع الكارثي في قطاع غزة.
وفيما يبذل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، جهودا كبرى، بغية التوصل إلى تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، أشار الناطق باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، إلى أن ساليفان سيلتقي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، يوم أمس السبت، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، اليوم الأحد.
وفي الأثناء، هدد الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، بيني غانتس، يوم أمس السبت، بالاستقالة، ما لم يصادق نتانياهو على خطة لفترة ما بعد قصف الاحتلال لغزة.
وقال غانتس، في خطاب متلفز: "يجب على حكومة الحرب أن تصوغ وتوافق، بحلول 8 يونيو، على خطة عمل تؤدي إلى تحقيق ستة أهداف إستراتيجية ذات أهمية وطنية... (أو) سنضطر إلى الاستقالة من الحكومة".
ورد نتانياهو على تهديد غانتس، منتقدا مطالب الوزير، وقائلا إن "معناها واضح: نهاية الحرب وهزيمة إسرائيل، والتخلي عن معظم الرهائن، وترك حماس سليمة، وإقامة دولة فلسطينية".
وتشهد مختلف مناطق الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، منذ عام 1967، تصاعدا في أعمال العنف، في أعقاب اندلاع الحرب في غزة.
وإقليميا، أصيبت ناقلة نفط يونانية بصاروخ أطلقه الحوثيون قبالة سواحل اليمن، وفق ما أفاد الجيش الأمريكي، يوم أمس السبت.
ويأتي ذلك في ظل هجمات يشنها الحوثيون، منذ نونبر الماضي، على خلفية القصف العنيف التي يتعرض له قطاع غزة، ويقولون إنها تأتي تضامنا منهم مع الفلسطينيين في القطاع.