نظام الكد والسعاية.. بلاوي: رصيد العمل القضائي ينسجم مع تطور القانون الدولي لحقوق الإنسان

خديجة قدوري

كشف هشام بلاوي أن موضوع الكد والسعاية بالنسبة للمرأة شكل أحد الحلول الفقهية التي تعكس الاجتهاد المنفتح في إطار النوازل التي كانت تُعْرض على الفقهاء والقضاة، الذين كانوا يجتهدون لإيجاد حلول لها في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية السمحاء، حيث أسَّسُوا لهذا المبدأ، الذي يعتبر تجسيدا لقيم العدالة والإنصاف، وتكريسا للاعتراف بقيمة المجهودات المبذولة من طرف المرأة في تنمية أموال الأسرة.

وذكر بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية حول "نظام الكد والسعاية: مقاربات قانونية وتاريخية وتجارب مقارنة"، يومه الأربعاء، أن كُتُبُ النوازل شكلت فضاءً للاجتهاد الفقهي يتم من خلاله ربط فهم النص في ضوء الواقع المعيش، انطلاقا من مقولة أن النص ثابت والواقع متغير وهو ما أَهَّلَهُمْ للبحث عن مناط الأحكام بما يحقق مصلحة الأفراد.

وأشار إلى أن القضاء تلقف هذه الممارسات العرفية منذ قرون وجعلها أساسا لأحكامه، لتتطور فيما بعد هذه القاعدة عبر التطبيقات القضائية المتلاحقة إلى قاعدة قانونية تم من خلالها إقرار حق الزوجة في نصيبها في الأموال المكتسبة أثناء قيام العلاقة الزوجية، بطريقة تراعي عمل كل واحد من الزوجين ومجهوداته، وما تحمله من أعباء في تنمية أموال الأسرة.

ولفت الانتباه إلى أن هذا الرصيد من العمل القضائي يعد منسجما مع تطور القانون الدولي لحقوق الإنسان في مجال التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة. مضيفا أن دور الاجتهاد القضائي يبرز كآلية مُسَاِهَمة في نقل آثار التغيرات الاجتماعية والثقافية إلى مستوى التشريع، ولا شك أن هذا الدور سيتزايد بالنظر للأدوار المتعددة التي أصبحت تباشرها المرأة اليوم في عملية التنمية بمختلف أشكالها، وإسهامها اليومي والمباشر في الإنفاق على الأسرة إلى جانب الرجل.

واستطرد قائلا إن إذكاء مثل هذه القيم سيساهم، بفعل الوعي المتزايد بالحقوق والحريات، في بلورة المداخل التي تؤدي إلى تعميق الفهم بها وتملكها لتعزيز قيم المساواة والمناصفة في تدبير الحياة الأسرية بين الزوجين، وخلق أسرة متماسكة ومتوازنة باعتبارها الخلية الأساسية في بناء المجتمع كما نص على ذلك الفصل 32 من دستور المملكة.