قررت السلطات الفرنسية رفع قرار احتجاز المشتبه بقتله ثلاثة أكراد في باريس، لأسباب صحية، أمس السبت، بينما نقل إلى مركز للعلاج النفسي تابع للشرطة، وفق ما ذكرت النيابة العامة.
وقالت النيابة العامة في باريس، اليوم الأحد، إن "الطبيب الذي فحص المشتبه به خلص إلى أن الوضع الصحي للشخص المعني لا يتوافق مع إجراء الاحتجاز".
وأضافت أنه "لذلك، تم رفع إجراء الاحتجاز، بانتظار عرضه على قاضي تحقيق، عندما تسمح حالته الصحية بذلك"، مؤكدة أن التحقيقات مستمرة.
ومنذ الهجوم، يجري ترجيح فرضية الدافع العنصري وراء الجريمة؛ حيث أكد الرجل أنه أطلق النار؛ لأنه "عنصري"، كما ذكر مصدر قريب من التحقيقات المتواصلة، أمس السبت، لتحديد دوافعه.
وفي هذا الإطار، أضافت النيابة العامة في باريس، أمس السبت، "الدوافع العنصرية وراء الوقائع" إلى التحقيقات التي تركز على تهم القتل ومحاولة القتل والعنف المسلح.
وتابعت: "إضافة هذا الأمر لا يغير الحد الأقصى للعقوبة المحتملة، والتي تبقى السجن المؤبد".
وجرت الوقائع في شارع قرب مركز ثقافي كردي في حي تجاري ترتاده الجالية الكردية، علما أنه سبق لمطلق النار ارتكاب أعمال عنف، في الماضي، مستخدما سلاحا.
وقتل في إطلاق النار ثلاثة أشخاص؛ هم رجلان وامرأة. فيما أصيب رجل بجروح خطيرة واثنان آخران جروحهما أقل خطورة.
والمرأة التي قتلت هي أمينة كارا، وكانت قيادية في الحركة النسائية الكردية في فرنسا، بحسب المجلس الديموقراطي الكردي في فرنسا.
وقال المتحدث باسم الحركة أجيت بولات في مؤتمر صحافي، أول أمس الجمعة، إنها تقدمت بطلب لجوء سياسي "رفضته السلطات الفرنسية".
أما الرجلان اللذان قتلا؛ فهما عبد الرحمن كيزيل، وهو "مواطن كردي عادي" يتردد على المركز الثقافي "يوميا"، ومير بيروير، وهو فنان كردي ولاجئ سياسي "ملاحق في تركيا بسبب فنه"، حسب المصدر نفسه.
وأعاد إطلاق النار إلى الذاكرة ثلاث جرائم قتل أكراد لم يتم حلها، في العام 2013، ألقى فيها كثيرون باللوم على تركيا.
وأعرب عدد كبير من أعضاء الجالية الكردية عن غضبهم من أجهزة الأمن الفرنسية، معتبرين أنها لم تقم بما يكفي لمنع إطلاق النار.
يشار إلى أن مطلق النار المفترض، الذي أصيب بجروح طفيفة في وجهه أثناء اعتقاله، معروف للقضاء؛ إذ سبق وحكم عليه، في يونيو الماضي، بالسجن 12 شهرا، بتهمة ارتكاب أعمال عنف بسلاح، في سنة 2016، إلا أنه تم الطعن في الحكم.
كما اتهم في دجنبر 2021، بارتكاب أعمال عنف ذات طابع عنصري، مع سبق الإصرار، مستخدما أسلحة، والتسبب بأضرار لأفعال ارتكبت، في الثامن من دجنبر 2021.
وفي هذه القضية الثانية، يشتبه بأنه جرح بسلاح أبيض مهاجرين في مخيم في باريس، وقام بتخريب خيامهم، كما ذكر مصدر في الشرطة حينذاك.
وقالت المدعية العامة في باريس، لور بيكوو، إنه بعد توقيفه الاحترازي لمدة عام، أطلق سراحه، في 12 دجنبر، ووضع تحت إشراف قضائي. وفي 2017، حكم على الرجل بالسجن ستة أشهر، مع وقف التنفيذ، لحيازته أسلحة.
لكن من جهة أخرى، قال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، إنه غير معروف في ملفات استخبارات البلاد والمديرية العامة للأمن الداخلي، و"لم يصنف على أنه فرد من اليمين المتطرف".
وأوضح دارمانان أنه "أراد مهاجمة الأجانب"، و"من الواضح أنه تصرف بمفرده"، مشيرا إلى أنه كان يتردد على ميدان رماية.
وشدد على أنه "ليس من المؤكد أن القاتل الذي أراد قتل هؤلاء الناس، فعل ذلك لاستهداف الأكراد تحديدا"، بينما تتناقل الجالية الكردية شائعات عن هجوم "سياسي".
وصرح أجيت بولات، المتحدث باسم المجلس الديموقراطي الكردي، في مؤتمر صحفي: "من غير المقبول عدم الحديث عن الطابع الإرهابي، ومحاولة الإيحاء بأنه مجرد ناشط يميني متطرف. جاء لارتكاب هذا الاعتداء على مقرنا".
وأضاف أن "الوضع السياسي في تركيا في ما يتعلق بالحركة الكردية يدفعنا، بشكل واضح، إلى الاعتقاد بأن هذه اغتيالات سياسية"، قبل أن يضيف أن المجلس يعتقد أن الرئيس التركي رجب طيب "إردوغان والدولة التركية يقفان وراء هذه الاغتيالات".