بعد إطلاقه القمر الصناعي الأول "محمد السادس - أ" الذي وضع المغرب ضمن مصاف البلدان الكبرى التي غزت الفضاء،جاء دور القمر الصناعي الثاني "محمد السادس - ب" الذي أطلق بنجاح ليلة الثلاثاء – الأربعاء من طرف "أريان سبايس" عبر منصتها "فيغا" بقاعدة كورو بغويانا الفرنسية.
ويعتبر القمر الصناعي "محمد السادس- ب"، الثاني ضمن برنامج فضائي قرره الملك محمد السادس سنة 2013 ،حيث أسندت مهمة إنجازه التي استغرقت مدة خمس سنوات، لمركز "تاليس إلينيا سبايس" ولـ"إيرباص".
تقليص مدة إرسال صور عالية الجودة
وسيمكن القمران اللذان يتم تدبيرهما بشكل تام من قبل مهندسين وتقنيين مغاربة، استفادوا من تكوينات امتدت لفترات سواء داخل المغرب أو خارجه، من التقاط صور عالية الجودة، علاوة على أن تكاملهما سيسمح بتقليص مدة إرسال الصور.
وبهذين القمرين أضحى المغرب، يتوفر على أحدث الأجهزة على المستوى التكنولوجي، من شأنها ان تمكنه من مراقبة افضل لترابه، ومن تحكم أحسن في موارده، ودينامية نموه، من خلال الاستفادة من الامكانيات الهائلة التي تتيحها صور الاقمار الصناعية، التي تغطي عددا من المجالات من ضمنها المسح ووضع الخرائط، والفلاحة، والموارد المائية، والبناء، والاشغال العمومية، والنقل، والمياه، والغابات، والمناجم، والجيولوجيا، وشبكات التواصل، ومتابعة المشاريع الكبرى، والتعمير، وتهيئة التراب، وعلم المحيطات،والمناطق الساحلية، والكوارث الطبيعية.
تدبير الموارد الفلاحية
في المجال الفلاحي يشكل يعد اللجوء الى تكنولوجيا المعلومات خاصة المعلومات المتعلقة بجغرافية المكان التي يوفرها الاستشعار عن بعد بالاقمار الصناعية، وسيلة فعالة لتدبير الموارد الفلاحية، وتخطيط، وتنفيذ استراتيجيات ضمن أفق توخي الفعالية والاستدامة.
وتمكن صور القمر الصناعي من خلال تنسيقها مع المعلومات المتعلقة بالتربة، ومعطيات الأرصاد الجوية، وكذا الملاحظة الميدانية، الفاعلين في المجال الفلاحي من التحكم بشكل افضل في المعطيات المتعلقة بالقطاع، والبحث عن وسائل الرفع من المردودية الفلاحية.
وتتيح هذه التكنولوجيا أيضا التوفر على العديد من المعطيات الخرائطية، التي تمكن من تدبير أفضل للمساحة، وطرق السقي، ومن متابعة دقيقة للموسم الفلاحي، وتدبير الموارد الغابوية، والتحكم في المخاطر المرتبطة بها (حرائق ، قطع الاشجار... إلخ).
التدبير الفاعل للتراب والبحر
وفي مجال التعمير تعتبر المعطيات التي توفرها الاقمار الصناعية، أدوات استراتيجية للتدبير الفاعل للتراب، ذلك انها تتيح، الالمام الشامل بالموارد المتاحة فيما يخص التوزيع والتطور والتفاعل بين مختلف الفاعلين وكذا الخيارات والنزاعات الناجمة عن الاستغلال .كما تمكن صور القمر الصناعي من ضبط احتلال المجال في المناطق الحضرية وشبه الحضرية، من خلال معرفة محينة بالنسيج العمراني وتطوره.
وفي ما يتعلق بمجال دراسة المحيطات، تعتبر صور الاقمار الصناعية، ضرورية لمعرفة وتتبع الابعاد البحرية على مستويات فضائية ووفق وتيرة زمنية متغيرة، من قبيل درجة حرارة الواجهة البحرية والمؤشرات المتأتية من معطيات لون المياه )الكلوروفيل، الطحالب، الانتاج الابتدائي، شفافية المياه...)، فضلا عن مؤشرات التلوث البحري، خاصة الهيدروكاربورات.
كما يتم استغلال هذه المعطيات من أجل تثمين الموارد البحرية وتطورها في الوقت والزمان، وذلك من خلال تتبع مؤشرات تصف ظروف المحيط (مؤشر الموجات المتقلبة، المقابض الحرارية والتركز الكلوروفيلي،...الخ)، إلى جانب انتقاء وتدبير مواقع وتربية الاحياء المائية، وكذا التدبير المندمج للمناطق الساحلية.
تقييم تأثير الفيضانات
وتمكن صور الاقمار الصناعية، أيضا، من توفير أدوات لا مناص منها، في مسلسل تدبير الموارد المائية، دون اغفال أهميتها في تدبير وتقييم تأثير الفيضانات، وكذا في مجال الجيولوجيا والموارد المعدنية.
وباطلاق القمر الصناعي "محمد السادس – ب" يكون المغرب قد دخل من الباب الواسع للنادي الضيق للأمم التي تسخر الفضاء لفائدة التنمية.