لم ينتظر الرئيس المكسيكي الجديد أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، 65 عاما، طويلا ليكشف عن وجهه المناهض للمؤسسة السياسية التقليدية، فقد فتح أول رئيس يساري في تاريخ البلاد أبواب القصر الرئاسي على مصراعيها لاستقبال عشرات آلاف المواطنين المكسيكيين لزيارة الغرف الفاخرة التي أذهلتهم.
تخفيض الراتب وبيع الطائرة
لوبيز أوبرادور لم يكتف فقط بخفض راتبه بنسبة 60%، وعرض الطائرة الرئاسية للبيع، وإزالة الحراسة الرئاسية والتخلي عن المقر الرئاسي، لوس بيوس، ليختار الاستقرار في منزله المتواضع.
فبعد ساعات قليلة من بدء ولايته الممتدة ست سنوات عند منتصف ليل السبت الأحد، وحتى قبل أن يؤدي اليمين الدستورية، فتح لوبيز أوبرادور أبواب مقره الرئاسي أمام العامة، وأعلن عن تحويله إلى مركز ثقافي، حيث أظهرت صور عامة الناس وهم يتجولون داخل أروقة القصر.
وفي مشاهد تذكر بسقوط الزعيم الليبي معمر القذافي، والرئيس العراقي صدام حسين، والرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، تدفقت حشود كبيرة من المكسيكيين العاديين على القصر الرئاسي وجالوا في غرفه الفارهة وحدائقه الخضراء، بعد أن كان هذا القصر قبل ساعات أكثر مقرات السلطة حماية.
والفرق هو أن لوبيز أوبرادور لم يخلف دكتاتورا مكروها في إطار تغيير دموي للنظام، بل هو فاز في انتخابات ديموقراطية ليخلف الرئيس إنريكي بينا نيتو.
وهو اليوم يفتح أبواب قصر لوس بينوس أمام عامة الشعب، ليبعث برسالة تفيد أن المكسيك، التي حكمها نفس الحزبين الرئيسيين لمدة 89 عاما حتى فوزه الساحق، حكمتها "مافيا السلطة" التي عاش أفرادها كالملوك من خلال نهب موارد البلاد، وفرض ضرائب على أموال المكسيكيين التي يحصلون عليها أصلا بصعوبة.
واستنادا إلى ردود الفعل السريعة على قصر لوس بينوس، الذي استقبل 85 ألف زائر في أول يومين، فإن حملة العلاقات العامة هذه تبدو ناجحة.
وقالت أليخاندرا باريتو (50 عاما) العاملة في متجر والقادمة من ولاية بوبلا لزيارة مدينة مكسيكو سيتي "هذه فخامة زائدة. لم أتخيل مكانا كهذا".
وأضافت "الغرف بصراحة ضخمة. لماذا تحتاج عائلة واحدة كل هذا؟".
وبعد انتظار في طوابير طويلة، تمكن الزائرون من مشاهدة تماثيل الرؤساء الذين عاشوا في هذا القصر منذ 1935 والتجول في سلسلة من المنازل التي يضمها هذا المجمع.
والمحطة الأولى في الزيارة هي أجنحة مكاتب فاخرة استخدمها آخر ثلاثة رؤساء.
غرفة نوم الرئيس
وبعد ذلك يصل الزوار إلى غرفة نوم الرئيس في الطابق الثاني التي تضم غرفة ملابس بمساحة 30 متر مربع، وغرفة تلفزيون واسعة.
وفي الطابق الأول توجد غرفة طعام تضم طاولة بـ28 كرسيا، حيث كانت عائلة بينا نيتو تتناول الطعام يوميا.
وفي الطابق تحت الأرضي توجد قاعة سينما فيها 35 كرسيا جلديا مريحا.
ويبدو أن الهدف من فتح القصر للعامة هو تعريف المكسيكيين بالفخامة التي كان يعيش فيها زعماؤهم.
وقال غلبرتو غوتيريز (30 عاما) من ولاية اغواسكالينتس الشمالية والزعيم المحلي لحزب لوبيز أوبرادور، مورينا، الذي يعتبر حاليا أكبر حزب في المكسيك وله أغلبية في مجلس الكونغرس لتحالفه "هذا يشبه ما كان عليه الفراعنة. إنه أمر غير حقيقي لأي مكسيكي".
وتبلغ مساحة لوس بينوس 56 ألف متر مربع، أي 14 ضعف مساحة البيت الأبيض.
وذكر المحلل السياسي هيرنان غوميز الذي زار القصر في اليوم الأول "إنه مكان مترامي الأطراف يدل على المسافة الشاسعة بين القادة المكسيكيين وباقي الشعب، وكذلك الطريقة المبهرجة التي عاش بها السياسيون المكسيكيون".
ووافقته الرأي إيليانا راميرز (43 عاما) الخادمة المنزلية بينما كانت تجلس في حديقة لوس بيوس قبالة شاشة تلفزيون ضخمة لمشاهدة كلمة لوبيز أوبرادور الأولى التي وعد فيها بـ"تحول عميق وجذري".
وقالت "إنه يكسر المسلمات التي عشنا بها طوال حياتنا. طوال عمري لم أشعر مطلقا بأن السلطة هي في يد الشعب كما هي عليه اليوم".