أخيرا انفجرت قنبلة سياسية ثقيلة، بعدما اشتعل فتيلها لأزيد من 7 سنوات في ردهات المحاكم الإسبانية، ليسقط أشهر حزب يميني إسباني في فضيحة فساد مالي غير مسبوقة في تاريخ الجارة الشمالية إسبانيا، وينتهي بذلك بإسقاط ماريانو راخوي من رئاسة الحكومة.
قضية "غورتل"
هي فضيحة بكل المقاييس تهز عرش السلطة والعمل السياسي في إسبانيا، بعدما أدانت محكمة في مدريد يوم أمس الخميس 29 متهما، بينهم رجال أعمال ومسؤولين سابقين في الحزب الشعبي الإسباني، ووزعت المحكمة عليهم أحكاما بالسجن تصل في مجموعها إلى 351 عاما. فما هي الحكاية التي دفعت البرلمان الإسباني إلى حجب الثقة عن حكومة ماريانو راخوي، وإقالته وعودة غريمه الإيديولوجي بيدرو سانشيز، إلى سدة الحكم من الباب الواسع، وما هي قضايا الفساد التي مرغت أنوف اليمينيين في الأرض وزجت بهم في السجن وأسقطت كبيرهم من رئاسة الوزراء إلى الأرض؟
بدأت التحقيقات قبل سبع سنوات في ما بات يعرف بقضية "غورتل"، وهو الرمز البوليسي الذي منحه المحققون لهذه القضية، خاصة وأنها قضية ترتبط بتورط رجال مال وأعمال وسياسيين في قضايا رشوة وتبييض أموال.
كانت أولى الشبهات تتعلق بوجود صندوق أسود يقوم بدعم الحزب الشعبي ويضخ فيه المال متى شاء السياسيون ذلك، وهو صندوق يجري تمويله أيضا من خلال تدخل السياسين لصالح مدراء مقاولات وشركات خاصة، من أجل التأثير لصالحهم في الفوز بصفقات عمومية، لقد كان هذا الصندوق الأسود عبارة عن خزان مالي يتبادل فيه رجال الأعمال والسياسيون الخدمات، وهو صندوق أيضا يخدم تبييض الأموال التي يحصل عليها السياسييون كرشاوي وبـ"الكاش"، وذلك في الفترة الممتدة ما بين 1990 و2010.
سابقة قضائية
ولم يقف الأمر عند إعدانة رجال مال وأعمال وسياسيين تابعين للحزب الشعبي، بل ضرب الزلزال أيضا الحزب الشعبي كمؤسسة سياسية إسبانية عريقة، إذ أدانت المحكمة الحزب الشعبي اليميني الحاكم، وهو ما يعتبر أيضا سابقة في التاريخ الإسباني، وذلك على خلفية اعتباره شريكا مستفيدا، وغرمته 240.000 أورو.
وأدين أمين مال الحزب الشعبي السابق لويس بارثناس بـ 33 سنة وأربعة أشهر نافذة، وسبق للمحكمة أن استجوبت في سابقة لم تشهدها إسبانيا من قبل رئيس الحزب ورئيس الحكومة المطاح به ماريانو راخوي في جلسة عمومية عن علاقة الحزب بتهم تلقي الرشاوي من مجموعة من رجال الأعمال مقابل تفويت الصفقات من الوزارات والمديريات التابعة لها.
كما ترافق صدور الأحكام باعتقال إدواردو صابلانا رئيس جهة فالينسيا السابق ووزير العمل السابق في حكومة خوصي ماريا أثنار بتهمة الفساد المالي وتبييض الأموال، وأمر قاضي التحقيق بإيداعه السجن تحت طائلة التحقيق.