يعترضون سبيل المياه العادمة ببنكرير، يعالجونها، كي يحولوها إلى مياه صالحة لغسل الفوسفاط، وإنتاج الطاقة بالمدينة الخضراء.. قبل أن يخزنوا الطمي المجفف المتبقي الذي ينتظر أن يستعمل كأسمدة.
لاشيء يضيع من تلك المياه العادمة، التي لم تعد تنتهي في وادي بنكرير، فقد اكتشف المجمع الشريف للفوسفاط، فوائد جمة في تلك المياه، التي تغنيه عن استعمال المياه الجوفية، في منطقة تعرف عجزا كبيرا على مستوى المخزون المائي الموجه للساكنة.
في موقع بنكرير التابع للمجمع الشريف للفوسفاط، ينخرط مهندسون وفنيون، في تحقيق جزء من استراتيجية العملاق العالمي، المندرج ضمن الاقتصاد الدائري. ذلك الاقتصاد، الذي يراد من ورائه التوقف عن استهلاك المياه التقليدية، وتوفير كهرباء نظيفة، والتحكم في انبعاث الغازات وتدبير النفايات السائلة.
وتقوم معالجة المياه بمحطة بنكرير التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط، علي تقنية التطهير البيولوجي، التي ترمي إلى القضاء على التلوث الكربوني، وهو هدف يمر الوصول إليه بمراحل متعددة، تتمثل في المعالجة الأولية من أجل عزل المواد الصلبة والأجسام الكبيرة، قبل الانتقال لمرحلة الترسيب، والتجفيف.
تلك العمليات تمكن من عزل المياه عن الطمي، الذي يفضي تجفيفه إلى تخزينه، من أجل استعماله كأسمدة في المستقبل. في ذات الوقت، تساعد المعالجة على استخدام تلك المياه لإنتاج الطاقة.
وتطلبت محطة معالجة المياه العادمة ببنكرير استثمارا بـ150 مليون درهم، وهو نفس المبلغ الذي سخر لتوفير محطة مماثلة باليوسفية، وساعدت تلك المحطة على توفير 1,4 مليون متر مكعب من المياه في العام الماضي، حسب مسؤولي المحطة.
وتنتج المحطة الموجودة ببنكرير يوميا 6 آلاف متر مكعب في اليوم، حيث يوجه 3500 متر مكعب لمغسلة المعدن باليوسفية، و 1500 متر مكعب لسقي المنطقة الخضراء ببنكرير، و1000 متر مكعب لحاجيات المنجم الذي يقع بنفس المدينة.
وتساهم المياه المعالجة، التي توظف في مغاسل المعدن، في الرفع من قدرات تثمين الفوسفاط المنخفض المحتوى. هذا هدف يراهن المجمع كثيرا على بلوغه، عبر تسخير تلك المياه.
لاينشغل المسؤولون بالتأثير المالي لذلك النموذج في معالجة المياه، الذي يبدو مرتفعا، على اعتبار أن الأبحاث جارية من أجل توفير حلول تكنولوجية، يمكن أن تساعد على خفض التكلفة، علما أن المياه المعالجة، تساهم في توفير 40 في المائة من الكهرباء بموقع بنكرير.
تندرج هذه العملية في إطار التزام المجمع الشريف للفوسفاط، الرامي إلى إعادة تدوير أكثر من المياه العادمة في سياق عمليات التثمين، التي تهم، بشكل خاص الغسل على مستوى وحدات الإنتاج.
وتعتبر المياه عاملا حاسما في الاستراتيجية الصناعية للمجمع الشريف للفوسفاط، هذا ما يدفعه إلى حسم خياره على هذا المستوى، خاصة في ظل وجوده في مناطق تعرف خصاصا كبيرا على مستوى المياه الجوفية، التي خطط للكف عن استعمالها في أفق 2020، فما تقتضيه استراتيجيته الصناعية، خاصة على مستوى مغاسل الفوسفاط، سيجري تلبيته، عبر المياه غير التقليدية، التي مكنت في العام الماضي، من تلبية 30 في المائة من حاجياته المجموعة من المياه.
ويستدعي برنامج تسخير المياه غير التقليدية من قبل المجمع الشريف للفوسفاط، تمويلا في حدود 3,5 ملايير درهم، جزء من تلك التمويلات سيتم تأمينه عبر قروض توفرها مؤسسات مالية دولية، مثل الوكالة الفرنسية للتنمية .
خطة غير تقليدية لتعبئة المياه
ويتوقع المجمع أن تنتقل حاجياته من المياه من 63 مليون متر مكعب في 2010 إلى 160 مليون متر مكعب على المدى البعيد، وهو ما يعادل متوسط استهلاك مدينة مثل الدار البيضاء من المياه.
ودفع ذلك المجمع الشريف للفوسفاط إلى توفير ثلاث محطات لمعالجة المياه، بالمواقع المنجمة لخريبكة وبنكرير واليوسفية، حيث ستمكن من معالجة وإعادة استخدام أكثر من 10 ملايين متر مكعب من المياه سنويا في غسل الفوسفاط.
ويساعد هذا التوجه على تثمين الغاز الحيوي المحصل عليه من عمليات معالجة المياه من إنتاج الكهرباء التي تغطي احتياجات هذه المحطات في حدود 30 في المائة.
ولا يكتفي المجمع بمعالجة المياه العادمة، بل انخرط في تحلية مياه البحر من أجل تغطية الحاجيات الإضافية التي يتطلبها مخطط التنمية الصناعية، دون اللجوء إلى مصادر المياه التقليدية، حيث يتم تزويد المنصة الصناعية للجرف الأصفر ،عبر محطة لتحلية مياه البحر التي تتوفر على طاقة سنوية تصل إلى 25 مليون متر مكعب.
وينتظر أن أن يفضي مشروع توسعة هذه المحطة، المقرر تشغيله سنة 2021، إلى الوصول إلى طاقة إجمالية في حدود 40 مليون متر مكعب سنويا.
ويتجه المجمع نحو إنشاء محطة أخرى بالعيون، تصل طاقتها إلى 7,5 مليون متر مكعب من أجل تلبية الاحتياجات المائية لبرنامج التنمية الصناعية بموقع بوكراع. تلك محطة ستنضاف للمحطة الحالية لتحلية مياه البحر بتقنية الأسموز العكسي، التي تم إنشاؤها سنة 2005 بطاقة تصل إلى 1,2 مليون متر مكعب .