يراهن منعشون عقاريون على الطلب الذي يعبر عنه المغاربة المقيمون بالخارج من أجل إنعاش قطاعهم في الصيف، غير أن صعوبات مرتبطة بضعف الشفافية وعدم الوفاء بالالتزامات والقروض البنكية قد تؤثر على تجسيد تلطعاتهم في التوفر على سكن بالمملكة.
لم تتراجع ثقة المغاربة المقيمين بالخارج في قطاع العقار بالمغرب، حيث ما زال يشكل هدفا لاسثتماراتهم، رغم المشاكل التي يصادفونها عندما يريدون إنجاز مشاريع أو اقتناء عقارات بالمملكة.
هذا مايؤكده الاقتصادي المغربي، إدريس الفينا، في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، حيث يعتبر أن إقبال المغاربة المقيمين بالخارج على شراء العقارات، يأتي في ظل عدم وضوح الرؤية، في ظل غياب سياسة واضحة تبلورها وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.
وحث وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، عبد الأحد الفاسي الفهري، المغاربة على الانخراط أكثر في انتعاشة القطاع والاستفادة من الفرص والإمكانيات التي يتيحها الاستثمار في ميدان العقار بالمغرب.
واعتبر الوزير أن "قطاع العقار في المغرب حقق خلال الفترة ما بين 2011 و 2012 قفزة مهمة تلاها تراجع طفيف، ولكن حاليا ومنذ خمسة أشهر يشهد القطاع منحى تصاعديا، وهو الوقت المناسب للاستثمار في قطاع العقار بالمغرب" .
وأشار الفاسي الفهري، بمناسبة افتتاح الدورة السادسة عشرة لمعرض العقار "سماب إيمو" في الأسبوع الفارط بباريس، إلى أن الوزارة تتوفر على "خارطة طريق" واضحة من أجل الترويج لعرض يفي بالاحتياجات ويستجيب للقدرة الشرائية لمختلف فئات وشرائح المجتمع.
واعتاد المغرب على تنظيم معرض "سماب إيمو" بالعديد من المناطق التي يتوجد بها المهاجرون المغاربة، حيث يشكل فرصة للفاعلين في قطاع العقار من أجل التعريف بالعروض التي يوفرونها بالمغرب.
وكان مغاربة مقيمون بالخارج دعوا، في العام الماضي، إلى مقاطعة معرض "سماب إيمو"، بسبب عدم احترام منعشين عقاريين لالتزامات وعدم احترام معايير الجودة في العديد من مشاريع السكن الاقتصادي أو السكن الفاخر.
وتفيد الأنباء الواردة من باريس أن الإقبال على الشراء في معرض "سماب إيمو" بباريس كان عاديا، بسبب عدم جدية بعض المنعشين العقاريين في مناسبات سابقة، ما يدفع المشترين المحتملين إلى تفضيل الحلول بالمغرب في العطلة من أجل البحث عن عقارات.
ويؤكد إدريس الفينا على أن قطاع العقار مدعم بالمغرب، في جزء مهم منه من قبل المغاربة المقيمين بالخارج، سواء عبر البناء الذاتي أو الشراء المباشر للشقق، حيث يعتبر العقار أول قطاع يستثمر فيه المغاربة المقيمون بالخارج.
ويلاحظ، أنه إذا كان العقار ما زال يتمتع بجاذبية لدى المغاربة المقيمين بالخارج، إلا أنهم لا يتوفرون على رؤية واضحة حول القطاع، خاصة في ظل المشاكل التي يصادفونها عندما يتخذون قرار الشراء أو البناء.
وسجل أن المغاربة المقيمين بالخارج، الذين يريدون بناء عقارات خاصة بهم مثلا في إطار البناء الذاتي، يعانون من بطء المساطير، على اعتبار أن منح رخصة البناء قد يستغرق عاما كاملا.
ويشير إلى العديد من المغاربة المقيمين بالخارج يعانون من عدم حماية استثمارتهم في المغرب، فقد يقدمون تسبيقات من أجل شراء شقق في إطار برامج معينة، ثم يكتشفون بعد ذلك أنهم كانوا ضحية ممارسات احتيالية.
ويتصور أنه من أجل جذب المغاربة المقيمين بالخارج من أجل الاستثمار في العقارات، يتوجب إضفاء شفافية كبيرة في القطاع، سواء على مستوى المساطر وسرعة معالجة الملفات والجودة والحصول على قروض من البنوك.
ويعتبر الفينا أن الوزارة الحالية مازالت في مرحلة الإعلانات غير الواضحة، حيث يعيش القطاع حاليا على الإصلاحات التي أنجزت في الأعوام السابقة.
ويؤكد على أن حكومة سعد الدين العثماني، لم تتبن تدابير، يمكنها أن تخرج قطاع العقار من الركود، الذي غاص فيه منذ سبعة أعوام، بما كان لذلك من تأثير على قدرة الأسر على التوفر على عرض سكني يستجيب لانتظاراتها.
ويتجلى أن قطاع العقارات دخل في حالة من الركود، من مسبباته، من جهة، ارتفاع مديونية المنعشين العقاريين، ومن جهة أخرى، تحدي العرض السكني للقدرة الشرائية للأسر، في ظل ارتفاع الأسعار، ما يدفع المنعشين إلى المراهنة على المغاربة المقيمين بالخارج من أجل إنعاش سوق العقارات.
وتجلى في الأعوام الأخيرة أن إقبال المهاجرين المغاربة على شراء السكن تحدده، في بعض الأحيان، الظرفية الاقتصادية في بلدان الاستقبال، في نفس الوقت الذي أضحى المغاربة أكثر ميلا نحو اقتناء عقارات في تلك البلدان.
وسجلت مكتب الصرف تراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج في الأربعة أشهر الأولى من العام الجالي، بـ2,9 في المائة، كي تصل إلى 20,52 مليار درهم، ما يعزز تباطؤ تلك التحويلات في العام الماضي.
يشار إلى المغاربة المقيمين بالخارج، الذي يدرجون في البيانات الرسمية ضمن السياح الأجانب، الذين زاروا المغرب إلى غاية أبريل الماضي ارتفع عددهم بنسبة 7,8 في المائة، كي يصل إلى حوالي 1,3 مليون شخص، وهو عدد ينتظر أن يرتفع إلى 3 ملايين خلال فترة الصيف.