بعد شهر ونصف شهر من إعادة انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون، عاد الناخبون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع، اليوم الأحد، في دورة أولى من انتخابات تشريعية حاسمة بالنسبة لقدرته على المضي في خططه لإصلاح البلاد في ولايته الثانية الممتدة خمس سنوات.
ورغم أهمية الاقتراع، فإن نسبة الامتناع عن التصويت تبدو مرتفعة في الدورة الأولى، وبلغت حتى الساعة الثالثة بعد الظهر، 39,42 في المائة من أصل أكثر من 48 مليون ناخب تمت دعوتهم إلى الانتخابات؛ أي بتراجع عن الانتخابات التشريعية عام 2017، التي سجلت ظهرا، أدنى نسبة مشاركة تاريخيا منذ 1985، بلغت 48,7 في المائة.
وسيختار الفرنسيون كل أعضاء الجمعية الوطنية البالغ عددهم 577 نائبا في هذا الاقتراع الذي يجري في دورتين. فيما ستنظم الدورة الثانية بعد أسبوع؛ أي في 19 يونيو.
وصوتت أراض فرنسية عدة؛ مثل غوادلوب أو المارتينيك، منذ أمس السبت، وستعلن النتائج، مساء اليوم الأحد أيضا.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن ائتلاف "معا" الذي يدعم ماكرون وهيمن على الجمعية الوطنية المنتخبة في 2017، والتحالف الانتخابي اليساري بقيادة جان لوك ميلانشون، متعادلان في نوايا التصويت.
ويأتي في المركز الثالث الحزب اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبن التي وصلت إلى الدورة الثانية في الانتخابات الرئاسية في 24 أبريل، متقدما بذلك بفارق كبير على اليمين التقليدي الذي فقد موقعه كأول قوة معارضة.
وبالتالي، يرجح أن تؤكد هذه الانتخابات التشريعية إعادة التشكيل الواسعة للمشهد السياسي في فرنسا الذي بدأ مع انتخاب ماكرون في 2017.
وحول عدد النواب، تبدو استطلاعات الرأي أقل تأكيدا؛ إذ إنها ترجح تصدر تشكيل ماكرون وحلفائه، لكنها لا تؤكد حصوله على الأغلبية المطلقة البالغة 289 نائبا.
ودعا الرئيس الفرنسي في نهاية الحملة الفرنسيين إلى منحه "أغلبية قوية وواضحة". وكما حدث في الانتخابات الرئاسية، قدم نفسه على أنه حصن ضد "التطرف" الذي يجسده في نظره اليسار الراديكالي لميلانشون، واليمين المتطرف لمارين لوبن، المرادف برأيه لـ"الفوضى"، بالنسبة لفرنسا.
وسيعقد الحصول على الغالبية غير المطلقة، لكن النسبية، طريق الإصلاحات التي يرغب في القيام بها ماكرون في ولايته الثانية، وخصوصا في ملف التقاعد.
ويعتبر السيناريو الأقل احتمالا هو فوز تحالف جان لوك ميلانشون بأغلبية مطلقة، ما سيحرم ماكرون من كل سلطاته.
وأثبت ميلانشون (70 عاما )، السياسي المخضرم الذي حل ثالثا في الانتخابات الرئاسية، أنه خصم ماكرون الرئيسي، متقدما على لوبن، المرشحة النهائية في الانتخابات الرئاسية.
وهو يتزعم تحالف غير مسبوق يضم الاشتراكيين والشيوعيين والخضر، بالإضافة إلى حزبه "فرنسا المتمردة".
ويطمح ميلانشون إلى الحصول على الغالبية خلال الانتخابات التشريعية، ما سيمكنه من فرض تشارك السلطة مع الرئيس الوسطي إيمانويل ماكرون الذي سيعينه رئيسا للحكومة.
وقال ميلانشون في مرسيليا، مساء أول أمس الجمعة، خلال خطابه الأخير: "إذا شكلنا الأغلبية، فالمرشح سيكون اسمه جان لوك ميلانشون". إلا أن الخبراء لا يرجحون هذا السيناريو.
ويقترح تحالفه برنامجا اقتصاديا يقضي بضخ 250 مليار يورو في الاقتصاد (مقابل 267 مليارا من العائدات)، بينها 125 مليارا من المساعدات والدعم وإعادة توزيع الثروة.
وتجري الانتخابات في مناخ يسوده القلق بين الفرنسيين إزاء ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
وتفخر الحكومة الفرنسية بأن البلاد سجلت أدنى معدل تضخم (5,2 بالمائة في ماي على اساس سنوي) في أوروبا.
ووعدت الحكومة التي دعمت بالفعل الاقتصاد بقوة منذ جائحة "كوفيد"، باتخاذ تدابير أخرى من شأنها حماية القوة الشرائية للفرنسيين، فورا بعد الانتخابات.
لكن مصير الحكومة التي تم تعيينها في منتصف ماي، معلق إلى حين صدور نتائج الانتخابات التشريعية التي ترشح فيها العديد من أعضاء الحكومة، وبينهم رئيسة الوزراء إليزابيت بورن.
وبالتالي، سيكون على المرشحين من أعضاء الحكومة البالغ عددهم 15، الاستقالة في حال هزيمتهم، بموجب العرف الساري منذ 2017، والذي سنه ماكرون.
وفي غوادلوب في الانتيل الفرنسية، حيث جرى التصويت اعتبارا من أمس السبت، على غرار عدة أراض خارج فرنسا، يبدو وزير الدولة لشؤون ما وراء البحار، جاستين بينين، الأوفر حظا بالفوز في منافسة مرشح يساري.