شبه اجماع عبر عنه الطيف السياسي المغربي، الذي رفض الأحكام التي صدرت في حق 53 معتقلا من نشطاء حراك الريف، يوم الثلاثاء الماضي، إذ ذهبت الأحزاب السياسية إلى رفض قرارات المحكمة ووصفها بالقاسية. لكن، هل يترجم السياسيون موقفهم عبر فرقهم البرلمانية ويدعموا مبادرة النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج، والذي أكد لـ"تيل كيل عربي" اليوم الجمعة، أنه بصدد وضع مقترح قانون لإصدار عفو عام على شاب الحراك.
بلافريج قال في تصريحه للموقع، إن أمله كبير في أن تتفاعل الفرق البرلمانية أو البرلمانيون بشكل فردي مع مبادرته، لأنها أولا حق دستوري، وجواب نيابي على رفض هذه الأحكام.
وبالإضافة إلى حق الملك حسب الفصل 58 من الدستور إصدار عفو عام وخاص، منحت المادة 71 من الدستور المغربي، للبرلمان، إمكانية تشريع إصدار عفو عام، من بين باقي الصلاحيات التي يتوفر عليها في مجال التشريع، وذلك عبر تقديم مقترح قانون ينسخ الفعل الجرمي مصدر الإدانة.
ويشرح النقيب والحقوقي عبد الرحمان بنعمرو هذه المسطرة بالقول، إن "العفو العام والخاص من حق الملك، الأول يسقط العقوبة والجريمة، أما الثاني يسقط العقوبة فقط". تابع المحامي المتمرس، أن "البرلمان المغربي من حقه اصدار عفو عام حسب المادة 71 من الدستور، هذا العفو تلجأ إليه المؤسسة التشريعية حين يتعلق الأمر بمجموعة، وليس الأفراد، ومن خلاله يمكن اسقاط الجرائم التي توبع بها المعتقلون والعقوبات التي صدرت بحقهم".
وذكر بنعمرو أنه في تاريخ المغرب صدر عفو عام وحيد بمقتضى ظهير، وقعه الملك الراحل محمد الخامس عام 1956، لاسقاط التهم عن المقاومين الذين توبعوا قضائيا خلال فترة الاستعمار.
"تيل كيل عربي" اتصل بعدد من البرلمانيين وزعماء الأحزاب السياسية لمعرفة رأيهم في مبادرة عمر بلافريج، وهل سيدعمونها؟ وتأرجحت مواقفهم بين التعبير عن الدعم الكامل، وانتظار الاطلاع على تفاصيل مشروع القانون ونقاشه قبل اتخاذ الموقف.
اقرأ أيضاً: ما رأي السياسيين المغاربة في الأحكام الصادرة في ملف الريف؟
رئيس فريق حزب الاستقلال نور الدين مضان، قال لـ"تيل كيل عربي"، أن حزبه سبق وناقش موضوع العفو العام عن المعتقلين، واعتبر أن أي مخرج دستوري ينهي هذا الملف لما فيه مصلحة للبلد يجب أن يدعم.
وكشف مضيان، أن حزبه سيطرح هذا الموضوع على هياكل البرلمان المغربي، وباقي رؤساء الفرق النيابية، مؤكدا في الوقت ذاته، على أن الأحكام التي صدرت في حق نشطاء حراك الريف كانت قاسية.
بدوره عبر رئيس فريق الاتحاد الاشتراكي في مجلس النواب، إمام شقران، في حديثه لـ"تيل كيل عربي"، عن أن "جميع الإمكانيات المتاحة على المستوى الدستوري والقانوني إذا كانت هناك إمكانية للجوء إليها، يجب المبادرة لذلك".
وشدد شقران على أنه من الناحية المبدئية، وانطلاقا من كونه محامي، يجب أن تناقش قرارات المحكمة بهذا الشأن، في مرحلة الاستئناف.
اقرأ أيضاً: عيوش: سألتمس من الملك العفو عن معتقلي الريف..فهم خرجوا فقط من أجل الخبز والتعليم والمستشفيات
وعن تفاعلهم في الفريق الاشتراكي مع مبادرة عمر بلافريج، أوضح شقران أنهم في انتظار التوصل بها، و"وعد" بأن هذا الأمر سوف يناقش، انطلاقاً من منطق الاصلاح الذي تبنته البلاد منذ عقود، والمسار التصاعدي الذي لا يجب أن يعرف اليوم أي تراجعات.
في المقابل، اكتفى الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بن عبد الله، عن سؤاله عن إمكانية دعم مجموعة حزبه النيابية لمبادرة عمر بلافريج، بالقول: "عندما نتوصل بالمبادرة سوف نناقشها ونقول موقفنا حولها".
نفس رد الفعل عبر عنه الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، حكيم بن شماش في تصريح لـ"تيل كيل عربي"، وشدد على أنه يجب أن يطلع الحزب على مقترح بلافريج قبل اتخاذ أي موقف.
للإشارة، أصدرت هيئة المحكمة في ملف معقتلي حراك الريف، مساء يوم الثلاثاء الماضي، قراراتها بشأن أكثر من 50 معتقلا، كانت أشدها في حق كل من ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق وسمير أغيد ووسيم البوستاتي، هؤلاء أدينوا بـ20 سنة جسنا نافذاً. وقضت المحكمة بـ15 سجناً نافذاً في حق كل من محمد بوهنوش وزكرياء أضهشور ومحمد الحاكي. فيما قضت المحكمة ب10 سنوات سجنا في حق جلول وأمغار وعمر بوحراس وصلاح لشخم وأشرف اليخلوفي وبلال أهباض.