تتضاءل، اليوم الأحد، احتمالات التوصل إلى اتفاق حول وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، مع تهديد الولايات المتحدة، مجددا، بعرقلة مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، وإعلان الوسيط القطري أن محادثات الهدنة "لم تكن واعدة"، في الأيام الأخيرة.
من جهته، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، يوم أمس السبت، عزمه على تنفيذ هجوم بري في رفح؛ حيث يتكدس 1,4 مليون فلسطيني، رغم سيل من الدعوات الدولية، بما فيها من الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل الأساسية، لعدم المضي قدما في عملية عسكرية في المدينة الواقعة بجنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر.
وإثر القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية، في نهاية يناير، ودعت فيه إسرائيل إلى منع أي عمل محتمل من أعمال "الإبادة" في غزة، أطلقت الجزائر مشاورات في مجلس الأمن حول مشروع قرار جديد يدعو لإرساء هدنة في القطاع الفلسطيني.
وطلبت الجزائر أن يصوت مجلس الأمن، يوم الثلاثاء المنصرم، على النص بصيغته الراهنة، فيما هددت واشنطن باستخدام حق النقض (الفيتو)، كما حدث خلال عمليات تصويت سابقة، في منتصف أكتوبر وأوائل دجنبر، على الرغم من الضغوط المتزايدة التي يمارسها المجتمع الدولي في مواجهة الأزمة الإنسانية في غزة.
ويرفض مشروع القرار "التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين"، ويدعو إلى وضع حد لهذا "الانتهاك للقانون الدولي"، وكذلك إلى إطلاق سراح كل الرهائن.
وأصدرت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس-غرينفيلد، يوم أمس السبت، بيانا نددت فيه بقرار الجزائر إحالة النص على التصويت، معتبرة أن الخطوة الجزائرية تهدد بتقويض المفاوضات الجارية بين إسرائيل و"حماس"، بوساطة أمريكية-مصرية-قطرية لإرساء هدنة جديدة تشمل إطلاق سراح رهائن محتجزين في غزة وأسرى فلسطينيين مسجونين في إسرائيل.
وأضاف البيان الأمريكي: "لهذا السبب، فإن الولايات المتحدة لا تدعم" التصويت على هذا النص.
وفي القدس، أكد نتانياهو، يوم أمس السبت، عزمه على شن هجوم بري على رفح، قائلا: "كل من يريد أن يمنعنا من تنفيذ عملية في رفح، يقول لنا، بالأساس، اخسروا الحرب. لن أستسلم لذلك".
وفي مؤشر إلى إصراره، أكد نتانياهو أن الجيش سينفذ عمليته في رفح، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن، مؤكدا: "حتى إذا أنجزنا ذلك، سندخل رفح".
وفي اتصال مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي: "موقف مصر القاطع برفض تهجير الفلسطينيين إلى مصر، بأي شكل أو صورة"، حسبما أفاد المتحدث الرسمي باسمه، أحمد فهمي، مساء يوم أمس السبت.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، يوم الخميس المنصرم، عن مسؤولين مصريين ومحللين أمنيين، أن مصر تبني مخيما مسورا في سيناء، تحسبا لاستقبال لاجئين فلسطينيين من غزة.
وجرت، هذا الأسبوع، في القاهرة، مفاوضات شارك فيها وسطاء من مصر والولايات المتحدة وقطر، للتوصل إلى اتفاق هدنة وتبادل رهائن إسرائيليين وأسرى فلسطينيين.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مؤتمر ميونيخ للأمن: "أعتقد أنه يمكننا التوصل إلى اتفاق قريبا جدا. لكن النسق الذي ساد، في الأيام القليلة الماضية، لم يكن واعدا جدا حقا"، مضيفا: "سنظل دائما متفائلين، وسنواصل الضغط دائما".
من جهتها، هددت "حماس" بتعليق مشاركتها في المفاوضات، إذا لم يتم تسليم المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في شمال قطاع غزة.
وأكد رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، يوم أمس السبت، مجددا، أن حركته متمسكة بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.
لكن إسرائيل رفضت المطلبين، مرارا، وواصل جيشها قصف القطاع الصغير، فدمر أحياء بكاملها، وتسبب بنزوح 1,7 مليون من أصل 2,4 مليون نسمة، وأثار أزمة إنسانية كارثية، حسب الأمم المتحدة.
وردا على هجوم حركة المقاومة الفلسطينية، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وشنت هجوما كبيرا على غزة أودى بـ28985 شخصا حتى الآن، غالبيتهم العظمى نساء وقصر، حسب وزارة الصحة التابعة لـ"حماس".
وتقول إسرائيل إن 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 قتلوا، من إجمالي 250 شخصا خطفوا، في 7 أكتوبر.
ومنذ أسابيع، يركز الجيش الإسرائيلي عملياته في خان يونس، مسقط رأس زعيم "حماس" في غزة، يحيى السنوار، الذي تعتبره إسرائيل العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر. ويعتبر القتال بين الجنود الإسرائيليين ومقاتلي "حماس" الأعنف في هذه المدينة التي تحولت إلى ساحة خراب.
وفي مستشفى ناصر، انقطع التيار الكهربائي، وتوقفت المولدات بعد مداهمته؛ ما أدى إلى وفاة ستة مرضى بينهم طفل، حسب حصيلة جديدة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لـ"حماس"، يوم أمس السبت.
ووفقا للجيش، دخلت القوات المستشفى، يوم الخميس المنصرم، بناء على "معلومات استخبارية موثوقة" تفيد بأن رهائن ممن خطفوا، في 7 أكتوبر، محتجزون في المنشأة الطبية، وأن جثث بعضهم قد تكون هناك أيضا.
وأعربت منظمات دولية عن قلقها إزاء الوضع في المستشفى؛ بينها منظمة "أطباء بلا حدود" التي وصفت الوضع بأنه "كارثي".
وليل أمس السبت، نفذ الجيش الإسرائيلي عمليات عدة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، بما في ذلك في مدينة الخليل وبالقرب من بيت لحم وجنين، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
ورغم وصول مزيد من المساعدات إلى رفح، يوم أمس السبت، حذرت الأمم المتحدة من أن سكان القطاع معرضون لخطر المجاعة.
وفي تل أبيب، تظاهر آلاف الإسرائيليين ضد حكومة نتانياهو، مساء يوم أمس السبت، وطالبوها بالتوصل إلى اتفاق لإطلاق الرهائن.
بالمقابل، نظمت تظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين في مدن عدة في الخارج؛ بينها روما ولندن وستوكهولم واسطنبول.